فيلمٌ للجزيرة يكشف استغلال أطفال تونسيين كـ”فئران تجارب لخدمة إسرائيل وأميركا”.. مخرجته مهددة بالقتل

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/16 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/16 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش

"هل يصنع القتلة الدواء؟" هكذا تساءلت المخرجة التونسية الشابة إيمان بن حسين في فيلم استقصائي لها ستعرضه شبكة الجزيرة السبت 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، ويتهم مسؤولين بـ"استغلال أطفال تونسيين كفئران تجارب لتصنيع دواء لصالح جنود أميركيين".

الذي سيعرض على الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينيتش (الثامنة بتوقيت تونس) عبر شاشة الجزيرة الوثائقية،

وسيعرض الفيلم حسب تصريحات مخرجته لـ"عربي بوست" معطيات خطيرة حول ما قالت إنها "جريمة دولة ارتكبها مسؤولون تونسيون وباحثون بمختبر باستور، وهو أعرق مختبر للوبائيات الطبية في البلاد، ووزارة الصحة، وبتواطؤ مع وزارة الدفاع الأميركية ومختبر إسرائيلي لتصنيع الأدوية".

وأضافت أن "الجريمة ارتكبت بحق أطفال تونسيين قصر من محافظة سيدي بوزيد بالجنوب التونسي استغلوا كفئران تجارب خلال الفترة الممتدة بين 2002 و2014 مقابل 20 دولاراً للفرد الواحد لتصنيع دواء لصالح جنود أميركيين أصيبوا بمرض اللشمانيا الجلدي خلال مشاركتهم في حرب الخليج".

وقالت بن حسين إن ما حفزها لإنجاز الفيلم هو وثيقة نشرت في مجلة ناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية على شكل تصريح لعقيد في الجيش الأميركي اسمه "آلان ماغيل" في 6 مارس/أذار 2005 قال فيه إنه "انطلاقاً من بضع مئات الدولارات استطعنا شراء أطفال الجنوب التونسي".

وأكدت بن حسين على أن الفيلم الذي سيعرض السبت عبر شاشة الجزيرة الوثائقية سيثبت بالوثائق والحجج شهادات لكبار المسؤولين في معهد باستور على غرار عفيف بن صالح رئيس مخبر الوبائيات الطبية بمعهد باستور بتونس، ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، اعترفوا بشكل صريح أو ضمني باستخدام أطفال قصر في تجارب دوائية سريرية في خرق واضح للقانون، حسب قولها.

وأضافت: "أتحدى أي شخص بعد أن يشاهد الفيلم وشهادات المستجوبين فيه من المسؤولين والضحايا وعائلاتهم بأن أعتزل الإخراج فوراً إن تبقت لديه ذرة من الشك بأن ما جمعته محض افتراء أو تجنٍّ على معهد باستور والجهات المسؤولة في تونس".

بن حسين لم تخف في ذات السياق خوفها على حياتها لاسيما "بعد التهديدات التي تعرضت لها بالتصفية الجسدية في حال لم تتراجع عن بث الفيلم"، حسب قولها، مؤكدة أنها "لا تزال تتلقى رسائل من جهات مجهولة فيها تهديدات صريحة بالقتل".

كما أشارت في ذات السياق إلى أنها تتعرض منذ تاريخ إعلانها عن تفاصيل الفيلم منذ نحو ثمانية أشهر عبر حوار مع صحيفة "الشروق" التونسية "لحملات تشويه وتخوين من أطراف متعددة حتى قبل مشاهدتهم للفيلم"، وهو ما استغربته وجعلها تلتزم الصمت إلى حين موعد عرض الفيلم عبر شاشة الجزيرة بعد أن تم منع عرضه في تونس.

وختمت قائلة: "أقول لمن هاجموني اتركوا إيمان بن حسين والجزيرة على جانب، وشاهدوا الفيلم والشهادات التي تضمنها، ثم احكموا".

معهد باستور ينفي


من جانبه نفى "معهد باستور" في بيان له الاتهامات التي وردت على لسان المخرجة إيمان بن حسين قبل عرض الفيلم، معتبراً إياها "ضرباً من المغالطات والتشويه في حق المعهد وكوادره العلمية أولاً، ووزارة الصحة والدولة التونسية ثانياً".

ولم يكذب المعهد في ذات السياق قيامه بتجارب على أطفال بالجنوب التونسي أصيبوا بمرض "اللشمانيا" الوبائي بعد انتشاره بشكل كبير في هذه المناطق، لكنه أكد أن "ھذه البحوث لم تمثل أي خطر على صحة المرضى بل بالعكس فھي تعطي أملاً كبیراً في إیجاد دواء ملائم وناجع ضد مرض اللشمانیا الجلدیة"، وفق نص البيان.

كما أشار المعهد إلى أن مشاركة المرضى "كانت طواعیة ومجانیة ولا تخضع لأي نوع من الضغط المادي أو المعنوي"، مشيراً إلى أن المبالغ التي تحصلوا عليها وقدرها 50 ديناراً تونسياً (أي حوالي 20 دولاراً أميركياً) "هي فقط مصاريف لتنقلهم وتعويض ساعات عملهم".

واعتبر المعهد أن إشراك الأطفال في هذه البحوث السريرية "مرده طبيعة المرض الذي يستهدف بنسبة كبيرة الفئة العمرية الدنيا".

بدوره أكد المكلف بالإعلام في معهد باستور هشام بن حسين لـ"عربي بوست" أن موقف المعهد لن يتغير قبل عرض الفيلم الاستقصائي أو بعده فيما يتعلق باستهجانه لـ"حملة التشويه والمغالطات التي استهدفته من خلال المخرجة مريم بن حسين"، على حد تعبيره.

وأكد أنه سينتظر عرض الفيلم، وعلى إثره "سيتم الرد بشكل مباشر على كل ما سيرد فيه"، كما أن المعهد رفع قضية فعلياً ضد المخرجة وهي لدى أنظار القضاء.

تقرير دائرة المحاسبات


يشار إلى أن صحيفة الصباح التونسية أكدت في مقال نشر لها بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2016 بعنوان "دائرة المحاسبات تفضح معهد باستور" أن تقريراً صادراً عن دائرة المحاسبات في تونس كذب ما جاء على لسان معهد باستور وتحديداً الصفحة 552 من التقرير 29 الصادر عن دائرة المحاسبات في تونس للفترة الممتدة بين سنتي 2013 و2014.

وأشار التقرير صراحة إلى هذه الخروقات بالقول "تولى معهد باستور إجراء تجارب سريرية لبعض الأدوية التجريبية التي تم تطويرها من قبل مؤسسات أجنبية دون احترام الإطار القانوني المنظم للمجال، حيث تم إنجاز الاختبارات في غياب ما يفيد تثبت الوزارة من تركيبة الدواء وإنجاز التحاليل المطلوبة في المجال إضافة إلى تشريك القاصرين في التجارب".

ويضيف تقرير دائرة المحاسبات: "كما غابت بعض الضمانات الكفيلة باحترام الأخلاقيات الطبية عند إجراء الاختبارات، حيث لم يتم عرضها بصفة مسبقة على المجلس العلمي، فضلاً عن عدم مراعاة لجنة الأخلاقيات البيوطبية بالمعهد في تركيبتها أو مجال اختصاصها وطرق عملها والشروط الواجب توفرها عملاً بأفضل الممارسات في المجال وذلك خلال الفترة التي شملتها الرقابة".

فيما رد معهد باستور بالقول إن الصحيفة التونسية "قامت باستغلال التقرير إعلامياً وانحرفت به عن مساره الحقيقي".

تحميل المزيد