هي ساعات قليلة فقط، تلك التي تنفّس فيها الحلبيّون الصعداء ظنّاً منهم أنهم نجوا من الموت المحتم. سكان المنطقة المحاصرة، وبحسب وصف أحد المدنيين، اختصروا حياتهم بأكياس صغيرة وضعوا فيها ما بقي لهم من هذه المنطقة بانتظار مغادرتها.
اتفاق الإخلاء، الذي عرقلته إيران مع ساعات الصباح الأولى بشروط جديدة، رافقه قصف عنيف على المحاصرين في مساحة لا تتجاوز 5 كم.
"جاء وقف الاتفاق دليلاً على رفض إيران له. ميليشيا حزب الله اللبنانية وحركة النجباء العراقية المموَّلتان والتابعتان لإيرا هما من أوقفتا عملية إخراج الجرحى"، يقول الشاب الحلبي أحمد أبو الكرم لـ"عربي بوست".
وبحسب المعلومات التي ذكرها أبو الكرم، فإن الروس هم من عاودوا قصف المناطق التي يسيطرون عليها، ويأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه حزب الله بدخول كل من قريتي كفريا والفوعة ضمن الاتفاق وفرض إخراج عدد موازٍ من الجرحى منهما.
يختم أبو الكرم بقوله: "نخشى من ارتكاب مجزرة طائفية بالمدنيين والمقاتلين المحاصرين ضمن أحياء المدينة والتي يهددوننا بها عبر أجهزة الإرسال اللاسلكي التي يحملونها".
متوقفة تماماً
القيادي في "الجيش الحر" طارق محرم، أوضح أن اتفاق إجلاء المدنيين ووقف إطلاق النار لم يعد سارياً بعد أن قامت الميليشيات الإيرانية واللبنانية المهاجمة بنقضه.
محرم أكد لـ"عربي بوست" أن التحضيرات لعمليات الإجلاء متوقفة تماماً وأن أياً من المصابين والمدنيين لم يغادر حتى اللحظة فيما عدا القصف العنيف ليطال الأحياء المحاصرة بنفس الوتيرة السابقة.
وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اتهم -عبر تصريح صحفي صدر صباح يوم الأربعاء 14 ديسمبر/كانون أول- قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له بعرقلة اتفاق الهدنة بعد استئنافها عمليات القصف.
فيما نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزير خارجيتها سيرغي لافروف قوله: "نأمل حل الوضع في حلب خلال اليومين أو الثلاثة المقبلة".
قناة الميادين القريبة من حزب الله اللبناني كانت قد نقلت عن مصدر عسكري ضرورة حصول الاتفاق على موافقة جميع الأطراف، وفي مقدمتهم الحكومة السورية قبل الشروع في تنفيذه.
عودة القصف والاشتباكات
"كان من المفترض أن يبدأ الإجلاء في تمام الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي للمدينة"، يقول الناشط عمر عرب لـ"عربي بوست".
عمر -وهو ليس الاسم الحقيقي للشاب التي تتحفظ "عربي بوست" على ذكر اسمه الحقيقي؛ لأسباب أمنية- أشار إلى أن الاتفاق كان سيتم بإشراف منظمة الهلال الأحمر وسيستمر 3 أيام، اليوم الأول خُصص لإجلاء الجرحى، والثاني للمدنيين باتجاه الريف الشمالي والغربي لحلب، أما اليوم الثالث فخصص لخروج المقاتلين بأسلحتهم الخفيفة باتجاه مدينة إدلب.
وبحسب عمر، تمّ تجهيز دفعة المصابين الأولى، وفي تمام الساعة الخامسة صباحاً تم إعلامهم بتأجيل خروج القافلة حتى الساعة السادسة صباحاً لأسباب غير معروفة، بعدها تم إبلاغهم إيقاف العملية وتأجيل الإجلاء حتى وقت آخر دون تحديده.
وقت إطلاق النار استمر حتى الساعة التاسعة تقريباً، لكنه انهار مع سقوط 10 قذائف مدفعية طالت أحياء المشهد والسكري والزبدية، تبعها عودة القصف العنيف والاشتباكات على جبهة حي الإذاعة.