يرى البعض أن استعادة قوات النظام السيطرة الكاملة على حلب -أكثر المدن السورية ازدحاماً بالسكان قبل الحرب- منعطف رئيسي في مستقبل الحرب متعددة الأطراف التي دخلت عامها السادس.
وتواجه المعارضة -التي بدأت سيطرتها على شرقي المدينة في العام 2012- حصاراً شديداً منذ أمس الأول الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول 2016، بعد أن سقطت غالبية شرقي حلب في أيدي قوات النظام، وسط الحديث عن مجازر واسعة ترتكبها الأخيرة بحق المدنيين ومقاتلي المعارضة.
وفيما أعلن توصل روسيا وتركيا لاتفاق يقضي بفتح ممر آمن لإجلاء أهالي المدينة ومقاتلي المعارضة، مساء أمس الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2016، تضاربت الأنباء اليوم حول عرقلة الاتفاق وتعطل عمليات الإجلاء، بسبب طهران والميليشيات الشيعية المؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويقول مسؤولون بالمعارضة، إن طهران قد وضعت شروطاً لإتمام الاتفاق دون أن يتم الإفصاح عنها حتى موعد كتابة هذا التقرير.
وكانت حلب التي تشتهر بصناعة المنسوجات والصابون وبقلعتها المسجلة في التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية العلم والثقافة (يونيسكو) المركز الاقتصادي لسوريا، وتحظى بأهمية تاريخية وثقافية كبيرة.
وفيما يلي التسلسل الزمني للأحداث الرئيسية التي وقعت في المعركة للسيطرة على المدينة.
2011: اندلاع العنف في سوريا بعد حملة شنتها الحكومة على محتجين مسالمين مطالبين بالإصلاح
في مارس/آذار 2011 خرجت مظاهرات حاشدة في العاصمة السورية دمشق تطالب بالإصلاح السياسي والحقوق المدنية وإطلاق سراح سجناء سياسيين، وامتدت المظاهرات سريعاً إلى مدن أخرى. وشهدت حلب احتجاجات محدودة.
سعت السلطات لقمع هذه الاحتجاجات بالقوة، ما أشعل فتيل العنف في البلاد المعروفة بالتعدد الطائفي.
2012: المعارضون يسيطرون على أجزاء من حلب
في أوائل العام 2012 سيطر المعارضون على مناطق ريف حلب من جهة الشمال الغربي، وحاصروا قاعدة منغ الجوية، وبلدتي نبّل والزهراء، اللتين تقطنهما أغلبية شيعية.
وأُطلقت النيران لأول مرة على المتظاهرين في حلب في يوليو/تموز 2012، وبدأ المتظاهرون يقاتلون من أجل المدينة نفسها. وسقطت مناطق ريف حلب الفقيرة بسرعة في أيدي مقاتلي المعارضة. وألحق القتال في المدينة القديمة دماراً كبيراً بالسوق المغطى التاريخي.
2013: قطع الطريق السريع بين حلب ودمشق
قطع مقاتلو المعارضة الطريق السريع من حلب إلى الجنوب، مما أجبر قوات النظام على استخدام طريق بديل أطول للوصول إليها من العاصمة.
وتعرض القطاع الغربي، الذي تسيطر عليه الحكومة من المدينة لحصار كامل تقريباً، في حين قطع المعارضون كذلك لفترة وجيزة الطريق البديل. لكن في أكتوبر/تشرين الأول استعادت الحكومة وقوات متحالفة معها هذا القطاع وعززت مواقعها هناك.
وفي أبريل/نيسان 2013 انهارت مئذنة الجامع الأموي في حلب، التي يبلغ عمرها نحو ألف عام، بعد أن تعرضت لقصف أثناء القتال.
2014: مقاتلو المعارضة والحكومة يعززون مواقعهم في حلب
بدأت سيطرة النظام على سماء المنطقة تظهر؛ إذ كثّف من استخدام الطائرات المقاتلة والهليكوبتر في قصف المعارضين.
2015: مكاسب كبيرة للمعارضين وتدخل روسيا
حقق مقاتلو المعارضة سلسلة مكاسب، وضعت النظام تحت ضغط في شمال غربي سوريا؛ حيث تقع حلب. لكن في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 شنَّت روسيا أول ضربة جوية؛ مما أضعف موقف المعارضين.
2016: حصار وقصف شرقي حلب
أدى تقدم قوات النظام والقوات المتحالفة معها بدعم جوي روسي إلى قطع الطريق المباشر من تركيا إلى شرقي حلب، الذي يسيطر عليه المعارضون، واستعادة قاعدة منغ الجوية، وإنهاء حصار مقاتلي المعارضة لنبل والزهراء، والضغط على طرق إمدادهم.
وفي يوم 27 يوليو/تموز طوَّقت قوات النظام بالكامل شرقي حلب لأول مرة، لكن الحصار كُسر بعد عشرة أيام بهجوم مضاد شنه مقاتلو المعارضة على حي الراموسة، الذي فتح لفترة وجيزة طريقاً محفوفاً بالمخاطر إلى داخل شرقي حلب من الجنوب.
وساعدت القوة الجوية الروسية ومقاتلون شيعة من العراق ولبنان الجيشَ على استعادة الراموسة في الثامن من سبتمبر/أيلول، ليحكم حصار شرقي حلب. وفي يوم 22 سبتمبر/أيلول شنّت أعنف ضربات جوية منذ شهور على شرقي حلب، وأعلن النظام عن هجوم جديد لاستعادة المدينة.
وبعد قصف مكثف استمر أسابيع، أصاب العديد من المستشفيات والبنية الأساسية المدنية، أعلنت روسيا والنظام السوري وقف حملتهما يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول، وحثتا مقاتلي المعارضة والمدنيين على مغادرة شرقي حلب.
وبدأ آخر هجوم للمعارضة لكسر الحصار يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول من ريف حلب إلى غربي المدينة، لكن بعد أن أحرز الهجوم بعض التقدم في أول يومين فَقَد زخمه، وتبدَّدت المكاسب خلال أسبوع واحد.
واستؤنفت الضربات الجوية المكثفة على شرقي حلب يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني، لتوقف عمل جميع المستشفيات بحلول 19 نوفمبر/تشرين الثاني. وفي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني انتزعت قوات موالية للنظام السيطرة على القطاع الشمالي من الجزء الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، لتتقلص مساحته بأكثر من الثلث في هجوم خاطف.
ووقع هجوم خاطف آخر يومي الخامس والسادس من ديسمبر/كانون الأول، سيطرت من خلاله قوات النظام على حي الشعار وأغلب مناطق المدينة القديمة، وتركت مقاتلي المعارضة محاصرين في قطاع صغير في جنوب جيبهم السابق.
وفي يوم 12 ديسمبر/كانون الأول، تقدم الجيش بعد أن سيطر على حي الشيخ سعيد، إثر قتال مكثف استمر عدة أيام، وتحت قصف جوي مكثف، مما لم يترك لمقاتلي المعارضة سوى جزء صغير من المدينة.
وفي يوم 13 ديسمبر/كانون الأول وافق المعارضون على الانسحاب، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار يجري بموجبه إجلاؤهم إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة خارج حلب، مع أُسرهم وأي مدنيين آخرين يرغبون في المغادرة.
لكن عملية الإجلاء لم تبدأ اليوم 14 ديسمبر/كانون الأول كما هو متوقع، وألقى مسؤول من المعارضة اللومَ على إيران وقوات شيعية تابعة لها متحالفة مع الأسد في تعطيله. وقال معارضون إن وقف إطلاق النار سيستمر رغم التأخير.