المولد النبوي.. أنحتفل به أم لا؟

كل تلك الأمور جاءت لتقرب المصريين من الإسلام وتحبّبهم فيه، فكان إنشاء الاحتفال بالمولد خيراً. ومع الوقت، انتشر ذلك الاحتفال في بلاد المغرب والشام، تلك البلاد التي كانت تابعة للفاطميين وقتها، ومنها انتشر في كل بلاد المسلمين.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/10 الساعة 05:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/10 الساعة 05:51 بتوقيت غرينتش

هل نحتفل بالمولد النبوي الشريف أم لا؟ هل هو بدعة أم تذكير للغافل برسول الله وسيرته؟

يُصبح ذلك السؤال هو الشغل الشاغل للإعلام وشيوخ الأمة ورجال دينها بمصر في تلك الأيام التي تسبق حلول يوم المولد. ولكن قبل أن يجيب من أراد الإجابة عن ذلك السؤال الذي لن يتفق أحد على إجابته، ولن يتوقفوا عن طرحه في الأعوام المقبلة، كأن مشكلات الأمة والإسلام والمسلمين قد انتهت ولم يبقَ إلا تلك المشكلة القديمة الحديثة وهي جدلية الاحتفال بالمولد النبوي. ولهذا، يجب أن نفهم أولاً تاريخ وحاضر ذلك اليوم حتى نستطيع تقييمه ووضعه في الإطار المناسب له.

(1) التاريخ

تتجه المصادر التاريخية إلى أن بداية الاحتفال بذلك اليوم كانت في العصر الفاطمي، وتحديداً بعد انتقال الخلافة الفاطمية من المغرب إلى مصر وتأسيس القاهرة.

كان الفتح الإسلامي لمصر قبل دخول الفاطميين إليها بما يقرب من 300 عام، وطوال تلك الأعوام لم ينتشر الإسلام في كل ربوع وأراضي مصر، كما أنه لم يكن دين الأغلبية بها، فقد استغرق الإسلام قُرابة 5 قرون لينتشر بين المصريين في كل أنحاء مصر، كما أن المصريين من المسلمين كانوا لا يزالون يحتفلون بأعيادهم القبطية والفرعونية بصورة مفرطة، فلم يكن الإسلام قد ترك أثراً قوياً في النفوس بعدُ، لذلك عندما جاء الفاطميون إلى مصر عملوا على نشر واستحداث احتفالات ومظاهر لتشجيع المصريين على الإسلام وتقريب الناس منه؛ من تلك الأمور حلوى عاشوراء التي يُعدّها المصريين في ذكرى عاشوراء، وكذلك حلوى الكنافة والقطائف التي كان الفاطميون أول من صنعوها لرمضان، وكذلك كحك العيد الذي اهتم به الفاطميون وأيضا عروسة المولد.

كل تلك الأمور جاءت لتقرب المصريين من الإسلام وتحبّبهم فيه، فكان إنشاء الاحتفال بالمولد خيراً. ومع الوقت، انتشر ذلك الاحتفال في بلاد المغرب والشام، تلك البلاد التي كانت تابعة للفاطميين وقتها، ومنها انتشر في كل بلاد المسلمين.

(2) المولد

يقول الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه: "وإكراماً لهذا المولد الكريم، فإنه يحق لنا أن نُظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام، وذلك بالاحتفال بها من وقتها".

إن احتفالنا بالمولد النبوي أمر يذكرنا برسول الله وسيرته العطرة، ويجعلنا نسترجع أحداث حياته ونحاول الاقتداء بها واتباع سننه، مما ينبه الغافل عن سيرته.

كما أن مقتدري المسلمين يبذلون الخير في ذلك اليوم لفقراء الأمة، مما يجعل ذلك اليوم خيراً على الفقير والمحتاج الذي ينتظر ذلك اليوم على أنه عيد للخير والعطاء.

(3) الاحتفال

نحن نرفض القيام بالمنكرات أو المخالفات الشرعية المبتدعة، ولكن ذلك اليوم يذكّر الغافل عن الصدقة ليتصدق، ويذكّر الغافل عن السيرة والسنة ليتبعهما، فذلك اليوم فيه خير للمسلمين، وكما كان يقول الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي "الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغى منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تُعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم، لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لا ينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات".

ونذكر أيضاً كلمة الدكتور العلامة يوسف القرضاوي، حيث قال عن ذكرى المولد: "إنما الذي ننكره في هذه الأشياء، الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان… ولكن، إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأي ضلالة؟"!.

(4) الشيوخ والجدل حول ذلك اليوم

أما السادة الدعاة والشيوخ الذين لا يملّون من الحديث عن ذلك اليوم والنقاش عن أبعاده وحلاله وحرامه، أليس من الأولى الحديث عما يلاقيه الإسلام والمسلمون؟! أليس الحديث عن حلب المستباحة من الروس والفرس وما يحدث فيها من قتل وحرق للمسلمين أولى؟! أو الموصل التي أصبحت أثراً بعد عين وهُجّر سكانها أولى؟! واللاجئون المشتتون في بقاع الأرض ينتظرون الشتاء وبرده بلا ملبس ومأوى أولي؟!

أُذكر شيوخنا ودعاتنا بمقوله سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام: "من نزل بأرض تفشّى فيها الزنى فحدَّث الناس عن حرمة الربا فقد خان".

فاتقوا الله فينا يُثِبكم، وتوقفوا عن تلك الموضوعات البليدة؛ مثل: الاحتفال بالمولد، وتهنئة المسيحين في الأعياد، وغيرها من تلك المُلهيات التي لا تصب في صميم الإسلام وتظهره أنه دين أجوف يهتم بالشكليات أكثر من اهتمامه بالأساسيات، فالأمة الإسلامية تعاني مما هو أهم في تدرّج الأولويات عن ذلك الأمر.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد