الإطلالة الجميلة والمتميزة هي حلم كل امرأة على سطح الكوكب، فالجميلة منهن تريد أن تكون الأجمل على الإطلاق، والأقل جمالاً ترغب في اقتناص لقب الجميلة، ذلك اللقب المحبب لنفوس كل النساء.
ربما هي الفطرة، فلا توجد أنثى، إلا وترغب أن تكون الأبهى والأجمل وسط الحضور، أياً كان عددهم أو نوعهم؛ لتلفت الأنظار إليها، ربما لفت نظر النساء منهن قبل الرجال، فقد تهتم الأنثى بمظهرها الخارجي أمام جمع نسائي أكثر بكثير مما قد تهتم به أمام جمع من الرجال، وذلك على عكس مما قد يعتقده البعض، فالمظهر الخارجي لدى المرأة بصفة خاصة هو وسيلة لزيادة الثقة بالنفس عبر نظرات الإعجاب من الصديقات أو نساء تراهن للمرة الأولى، ومن ثم تكسب القلوب والعقول وتؤثر فيمن حولها.
تستوي في حب الظهور بالإطلالة الفريدة والجميلة نجمات هوليوود الجميلات مع أية امرأة عادية، وأيضاً تلك التي قد يصفها أي عابر للمرة الأولى بـ"الدميمة" ومع التحفظ على هذا اللقب، فلا يوجد رجل قبيح، ولا امرأة دميمة، بل يوجد إنسان تكمن به مواطن للجمال، ربما لفتت انتباه البعض، ولم تلفت انتباه البعض الآخر، فاستسلموا لتلك الكلمة البغيضة التي لا تعبر عن أي إنسان مطلقاً.
تنفق النساء عادة مبالغ طائلة لشراء مستحضرات التجميل، فمثلاً قدرت دراسة بريطانية حجم إنفاق السيدات البريطانيات بحوالي 19 ألف دولار سنوياً العام الماضي، وكل يوم تطالعنا الصحف بمشاهير هوليووديات أجرين جراحات تجميلية، وبعض النجمات العرب أيضاً تخلين عن تحفظهن، وأعلن بعضهن عن إجراء أكثر من عملية تجميل، والتي على الرغم من احتمالية تحولها إلى اسم مضاد "عملية تشويه" إن طالها الفشل، لكن على أية حال، فالكثير من النجمات يتحملن المجازفة، فالإطلالة الجميلة لا تقاوم، وبالطبع هي من تفوز في أية معركة ضد الاحتمالات السيئة.
عادة ما ينهال الرجال بتعليقات الإعجاب والاستحسان للمظهر الرائع والجمال الفتان، التي تحظى به هذه النجمة أو تلك، حتى بعد علمهم بخضوعها لتلك العمليات التجميلية، متمنين أن تكون زوجاتهم في المستقبل النصف الثاني الذي انقسمت منه فولة تلك النجمة، أما المتزوجون فدوماً يعقدون المقارنات بين زوجاتهم وبين نجمات، أنفقن مبالغ طائلة ليظهرن بذلك المظهر، الذي قد لا يسعفهن الوقت للظهور به في منازلهن، فذلك هو الشكل المثالي للجمال لدى الرجال، وما عداهن، فهن أشباه النساء!
انتشرت مؤخراً على "فيسبوك" صور دعائية لـ"ميك أب أرتيست" تظهر تلك الصور فتيات قبل وبعد المكياج، نرى في تلك الصور فتاة قد يقال عنها "دميمة"، وقد بدت شبيهة بفتيات الإعلانات و"الفيديو كليب" بفضل سحر الـ"ميك أب أرتيست"، التي تستطيع أن تحيل الفسيخ إلى شربات، وبذلك يكون "حلال فيها الفلوس التي سيدفعها العريس"، والتي تصل إلى ألوف الجنيهات!
انتشرت قصة أخرى لزوج جزائري طلَّق زوجته بعد يوم واحد من الزفاف، وقد رفع قضية يتهمها فيها بالنصب والغش، وأيضاً بنفس الطريقة نُشرت صور للعروس قبل وبعد المكياج.
قد تتعجب من فتاة توافق على نشر صورها؛ ليصفها المشاهدون بالدميمة، ولكن الأعجب أن يشهر أحدهم بزوجته، وينشر صورة لها بكامل المكياج وأخرى بدونه تماماً، وهي مبتسمة؛ لتصبح محل سخرية وتوصف بالدميمة أيضاً.
انهالت تعليقات "الفيسبوكيين" على الصور، ساخرة من الفسيخ الذي يخدع مشتريه ليوهمه أنه شربات، وأكد الشباب أنهم سيطلبون من أية فتاة قد يرتبطون بها غسل الوجه قبل إتمام الزيجة، بل الأضمن هو إقامة الفرح في حمام السباحة؛ للتأكد من أن زوجته ليست كفتيات الـ"ميك أب أرتيست" الدميمات، وأنه لم يتعرض للخداع، كالزوج الجزائري.
إذا سلمنا فعلاً بأن تلك الصور سليمة، وتعود لهؤلاء الفتيات، فهل يعقل أن تدفع الفتاة آلاف الجنيهات لتذهب لـ"الميك أب أرتيست" في كل مرة تقابل فيها خطيبها؟ أم تكتفي بـ"المكياج" العادي، الذي تضعه أغلبية النساء، والذي في أفضل أحواله يحيل الجميلة إلى أكثر جمالاً، والعادية إلى جميلة، لكنه بالطبع لن يحيل الفسيخ إلى شربات؛ فالوجه الذي رآه الخطيب كل مرة لن يختلف كثيراً عن الوجه دون مكياج.
قد تظهر بعض النجمات دون مكياج؛ لما يتطلبه الدور من إطلالة طبيعية كالمرض والعزاء والسجن، وهنا قد نشعر جميعاً بشيء من الصدمة للمستوى الأقل جمالاً مما عودتنا عليه هذه الممثلة أو تلك، لكن هذا لن يمنعنا -إن كنا معجبين بها من الأصل- من متابعتها والإعجاب بتمثيلها.
من الطبيعي أن يحرص المشاهير على إجراء عمليات التجميل، وأن يدفعوا أموالاً طائلة للمحترفين المسؤولين عن إطلالاتهم لإظهارهم بأفضل صورة؛ لأن المظهر الخارجي هو وسيلتهم للتقرب من الجمهور وزيادة المعجبين، الذين لن يستطيعوا الاقتراب منهم، ولا لمس مواطن الجمال في شخصياتهم.
أما بالنسبة للزواج، فالأمر يختلف كلياً، فمن الصعب، أو لنقل من المستحيل، أن تتوافق أرواح غريبة عن بعضها البعض في جلسة واحدة، فاصلة، قاطعة، تقوم عليها أغلب الزيجات في مصر "زواج الصالونات"، لكن قد تحدث المعجزة وتتوافق تلك الأرواح، ثم يرفض بعض الشباب إتمام الزيجة لسبب قد يستحيل فهمه أو تقبله؛ فالعروس ليست بيضاء أو ليست شديدة النحافة، أو غيرها من الأسباب مع اعتراف الشاب بأنها عروس مناسبة جداً، لولا صفة كذا، وقد يكون الشاب في نفس درجة لون بشرة الفتاة أو يميل للسمرة أو للبدانة! أولاً تعلم يا عزيزي إنها الجينات التي يحملها المصري والمصرية على حد سواء؟ فهي من تجعلنا جميعاً نتدرج في اللون بين القمحي، وشديد السمرة، فمن الطبيعي أن يندر في مجتمعنا أصحاب البشرة البيضاء والشعر الأصفر والعيون الملونة!
بالطبع لكل شخص الحق في اختيار من سيرافقه لبقية العمر، ومن حقه أيضاً أن يتعرف على الوجه الذي سيراه كل يوم صباحاً، وأن يشعر بالارتياح إليه، ولكن من أين نأتي للشاب بالبيضاء، إن رفضت البيضاء الزواج إلا من أبيض مثلها؟
ومن أين نأتي لمتوسط أو قليل الوسامة بشديدة الجمال، إذا تمسكت الجميلات بعرسان يضاهيهن في مستوى الجمال؟ أليس من حقهن أيضاً الحفاظ على جمال النسل، وغض أبصارهن، كما يتعلل بعض المتدينين برغبته في الزواج بامرأة نالت قدراً، لم يحظَ هو بربعه، من الجمال؟!
وإذا كان توافق الأرواح في جلسة واحدة أمراً نادراً أو صعب الحدوث، فمن سنقدم: الصفات الشكلية، والجمال النادر؟ أم التوافق الروحي مع شخص يضاهينا في الصفات الشكلية، الذي إن خسرناه قد لا نحظى بفرصة لتعويضه مرة أخرى؟
إذاً فلنُقم جميع الأفراح في حمامات السباحة، ولا بكاء على مَن قدم صفات شكلية سنعتادها بمرور الوقت على أرواح قد نقضي العمر حسرة على تفريطنا فيها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.