صدى الصمت

أخيراً السلطان ليس همه أنت، همه نفسه، وأنت همك يجب أن يكون نفسك، كن إنساناً مجرداً من كل شيء، كن أنت، فأنت وأنا أحرار أنفسنا، والحكم هو عقلنا، قلبنا، التعصب ما هو إلا صراع من الدم، والحقد ما هو إلا صراع من العداء.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/06 الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/06 الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش

لحظات من الصراع الداخلي يبعث بصداه في أركان مخيلتي مبعثراً الكثير فيَّ، بين العتاب وبين التوبيخ وبعض من الأشياء الجيدة، هي صور تعود أمام ناظري عن سنين مررت بها، رحلت وانتهت وأصبحت من الماضي، وتنتظرني سنوات قادمة؟ لا أعلم شيئاً عنها، إنه صوت سبعة وعشرين عاماً مرت من الطفولة إلى اللحظة، روايات وقصص، أحداث وأفعال انقضت، لكنها الحياة، هي رحلتنا المتلونة بالكثير من الألوان، ظلام يمر، وضوء يشع ينير الدرب من جديد، أصوات سمعناها ما زالت معلقة في مسامعنا، هي رحلة من هذه الحياة.

هذا الصراع الذي يعريني كصحراء جرداء رغم كثرة ما يحيطني ما هو إلا صراع يبحث عن أجوبة لتساؤلات مبهمة في هذا العالم الكبير، صراع يبعث شيئاً من الحسرة على العالم والحياة التي مررنا بها، بين الصراع الواقعي والصراع الخيالي، بين الوهم والواقع، وبين الإنسان نفسه وغيره من نظيره من بني الإنسان، أعلم أنه ليس جديداً، فالتاريخ دوماً يعيد نفسه، هذا الصراع لم ينتهِ منذ آلاف السنين، ويبقى السؤال: لماذا بيني وبين نفسي أسأله دائماً؟

هو شعور الضمير أم ماذا؟ الألم يعتصر قلبي؛ لأن كل ما يمر أمامي هو الألم بعينه، البشر كالوحوش أصبحنا يأكل بعضنا بعضاً، ويقتل بعضنا بعضاً بعيداً عن السلام الداخلي.

الإسلام وكل الأديان السماوية نزلت لتغير حالنا وتبعث السلام الداخلي فيناً، ونحن مَن ابتعد عن كل شيء، متبعين شهواتنا، متبعين سياسية لا تنتهي، طريقها معلوم هو الكره، هو العداء، هو اللاشيء، فكلها ستكون سطوراً على ورق بعد بضع سنين لا أعلم في تلك السنين هل سيكون السلام قد عمَّ، أم أن صراعاً جديداً سنشهده كالسنين الماضية.

في بلدي نسينا هويتنا واتبعنا بعضاً من البشر أو بعضاً من السياسيين لا همَّ لهم سوى أنفسهم وكأنَّا عشقنا عبوديتنا الماضية لنطبقها نحن بأيدنا على أنفسنا، فالسياسة هي العاهرة التي لا أمان لها، أما نحن فنتبعها في كل مكان، تسيل الدماء في سبيلها، في سبيل كرسي من الخشب هيبته تعمي الإنسان، تساؤلات ما زالت في داخلي، وصراع لم ينتهِ، هناك الأديان، وهناك القومية، وهناك الاختلاف يمضي، فأعود لأسأل السؤال نفسه: نحن إنسان من روح وعقل وقلب، فما هو الاختلاف إذاً؟!

اختلافنا ليس سبباً لنقتل أنفسنا بأنفسنا، واختلافنا ليس سبباً أن نكون لعبة بيد السلطان، واختلافنا ليس مبرراً لنحرق أنفسنا بالنار، وجودنا في هذه الحياة أسمى من كل هذه الأشياء، فنحن وُلدنا مجردين، ولدنا أحراراً؛ لنكون أحراراً في أنفسنا، وأحراراً في ما بيننا، فالدم الذي يسيل ما هو إلا سلاسل تلف أعناقنا بالكراهية والأديان، ما هي إلا شيء بينك وبين من تتبعه لا شيء سوى أن تصدق ما تتبعه بعيداً عن الآخرين، افتح عيونك وانطلق في طريقك، أبدع، اكتشف، اعمل؛ لتحصد الجمال وحسن الأفعال.

أخيراً السلطان ليس همه أنت، همه نفسه، وأنت همك يجب أن يكون نفسك، كن إنساناً مجرداً من كل شيء، كن أنت، فأنت وأنا أحرار أنفسنا، والحكم هو عقلنا، قلبنا، التعصب ما هو إلا صراع من الدم، والحقد ما هو إلا صراع من العداء.

عِش السلام مع نفسك؛ لتعيش السلام مع الآخرين، هذه أجوبة دوماً هي صراع في داخلي تمر أعيدها وأعيدها، أرسلها عسى أن يصل ولو بعضها فنحلق عالياً بعيداً عن توافه الأمور، صانعين شيئاً نفتخر به إلى الأبد، الماضي يعود، والحاضر مؤلم، والمستقبل نحن من يحدده بأفعالنا، فنحصد خيره وشرَّه بأيدينا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد