جندي في مهمة خاصة.. كيف يكشف “زيدون” الطريق أمام القوات العراقية في الموصل

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/06 الساعة 02:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/06 الساعة 02:06 بتوقيت غرينتش

يدخل الجندي مسرعاً على الضابط المسؤول، يبلغه بوجود عناصر من داعش في أحد المنازل التي تتقدم قوات مكافحة الإرهاب باتجاهها.. كيف عرف؟.. هذه هي مهمته الخاصة، التي تجعله يتجاهل ما حوله من نيران المعركة ليركز بهدوء في لوحة تحكم إلكتروني على سطح أحد المنازل القريبة من خطوط الجبهة الأمامية بالموصل.

فالجندي العراقي زيدون (28 عاماً) يقضي معظم وقته في تسيير طائرته الاستطلاعية الصغيرة فوق خطوط الجبهة الأمامية.

يتصل المقدم ركن منتظر سالم بعناصر قوات مكافحة الإرهاب الذين يواصلون تقدمهم في الأحياء الشرقية لمدينة الموصل، بعدما شنوا صباح الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول 2016 هجوماً للسيطرة على حي التأميم.

يبلغ العقيد القوات بالإحداثيات التي نقلها له زيدون، ويأتيه الرد عبر جهاز اللاسلكي "واضح سيدي، واضح".

وخلال العملية الجديدة لقوات مكافحة الإرهاب، يقضي الجندي زيدون من فوج الموصل ضمن قوات مكافحة الإرهاب وقته على سطح منزل خالٍ سوى من بعض السجاد، ويبعد مسافة قليلة عن خطوط الجبهة الأمامية.

هذا المنزل سكنه أحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية قبل فراره مع تقدم القوات العراقية في الموصل، وفق ما روى سكان لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

يجلس الجندي زيدون أرضاً، يسند ظهره إلى الحائط خلفه، يضع الحاسوب اللوحي الخاص بالطائرة المسيرة بين يديه، ويحركها فوق المنطقة القريبة لمراقبة حركة عناصر داعش وسياراتهم المفخخة.

ترتفع الطائرة، بحسب ما يشرح الجندي، حوالي 500 متر، ويضطر كل 20 دقيقة إلى إعادتها إليه لتغيير بطاريتها وإطلاقها مجدداً.

يشير بإصبعه إلى الخريطة على شاشة الحاسوب اللوحي، حيث يظهر شخص ينتقل من مكان إلى آخر.

ويقول الجندي لفرانس برس "ينتقلون من هذا البيت إلى هذا البيت، والآن باتوا موجودين هنا".

يركز طائرة الاستطلاع التي تدرب عليها بنفسه فوق أحد المنازل، حيث يظهر ثلاثة من عناصر التنظيم يقول إن أحدهم قناص.

يكلم القائد المسؤول عنه عبر جهاز اللاسلكي "صعد أحدهم الآن إلى سطح المنزل الثالث، الذي كنت أعطيتك إحداثياته، وتم إطلاق النيران من هناك".

يرد القائد بسؤال "المكان ذاته صحيح؟"، يجيب "هناك أشخاص على السطح وفي الحديقة… أمامكم تحديداً".

أيمكن أن أكون طياراً؟

برغم أصوات الرصاص والقذائف من حوله وأعمدة الدخان المتصاعدة أمامه، يركز الجندي أنظاره على البيت الذي يتحدث عنه، يردد "انظروا انظروا… هذا هو القناص، هذا هو القناص".

يعيد الاتصال بقيادته ليؤكد "القناص في هذا البيت".

تبدأ العربات العسكرية بالتحرك نحو الشارع، حيث المنزل المذكور، ترميه بالقذائف، يتصل الجندي مجدداً بقيادته ويقول "هذا هو البيت، هناك حالة ضياع بينهم، يركضون لا يعرفون ماذا يفعلون"، في إشارة إلى عناصر داعش.

يبدو الجندي فرحاً بإنجازه. يضحك ويقول "أيُمكن أن أصبح طياراً؟"، وهو الذي تعلم خلال يوم واحد فقط العمل على تسيير الطائرة الاستطلاعية الصغيرة.
ويقول: "حصلت عليها، وخلال يوم واحد تعلمت عليها وحدي، وفي اليوم الثاني استخدمتها في الجبهة".

يستريح الجندي بلباسه العسكري مع زملائه لدقائق قليلة، يتجمعون حول قِدر تحوي بيضاً مقلياً مع البطاطس. يأكلون سريعاً قبل أن يعود زيدون إلى واجبه ويطلق طائرته المسيرة مجدداً في الأجواء.

يكمل الجندي مراقبته للطريق الذي تقدمت منه القوات بحثاً عن عناصر داعش وسياراتهم المفخخة.

يأتيه طلب عبر الجهاز اللاسلكي للبحث عن سيارة مفخخة، ربما تسير في مكان قريب من قوات منتشرة على الأرض.

وعادة ما يلجأ تنظيم داعش إلى استراتيجية السيارات المفخخة لإعاقة تقدم خصومه، تفادياً للاشتباك مباشرة معهم. وبات مؤخراً يستخدم أيضاً الطائرات المسيرة المفخخة.
ويؤكد المقدم الركن سالم أهمية طائرة الاستطلاع في عملهم، وخاصة في رصدها للسيارات المفخخة، قائلاً "أهم شيء بالنسبة لنا هو رصدها للسيارات المفخخة وكشفها للطرقات أمامنا".

لكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن دائماً، ولا تتمكن طائرة الاستطلاع من رصد كل تحركات عناصر داعش، إذ انفجرت سيارة مفخخة الإثنين، وصل حطامها إلى مكان وجود فريق "فرانس برس"، على بعد مئات الأمتار فقط.

تحميل المزيد