نصر بات "في متناول اليد"، بحسب رئيس الوزراء العراقي، الذي توقع أن تنتهي معارك الموصل خلال ستة أشهر، بيد أن تقلب الأحوال الجوية والسياسية صار يطرح التساؤلات حول إمكانية استرداد المدينة من تنظيم الدولة "داعش" خلال هذا الوقت.
فبينما ينتظر أن يتقلد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في العشرين من يناير/كانون الثاني 2017، وهو ما يعتبره البعض عاصفة سياسية قد تؤثر على كثير من الأوضاع، قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر اليوم الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول 2016 حول انتهاء معارك الموصل قبيل تنصيب ترامب "هذا ممكن بالتأكيد ومرة أخرى (أقول) إنها ستكون معركة صعبة"، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
ويشارك نحو 100 ألف من قوات الحكومة العراقية وقوات الأمن الكردية ومقاتلين شيعة في الهجوم على الموصل الذي بدأ يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول بدعم جوي وبري من تحالف تقوده الولايات المتحدة.
ولم يحدد كارتر كيف سيمكن الانتهاء من عملية استعادة السيطرة قبل 20 يناير كانون الثاني في ظل المقاومة من جانب التنظيم، إلا أنه أكد: "بالطبع هناك دوما مشاكل الطقس..القوات الأمنية العراقية مستعدة لأي احتمالية هناك."
ورد مقاتلو داعش المتقهقرون في مواجهة الحملة العسكرية المستمرة منذ سبعة أسابيع على معقلهم في الموصل بهجمات مضادة خلال الأيام القليلة المنصرمة مستغلين السماء الملبدة بالغيوم التي عرقلت الدعم الجوي بقيادة الولايات المتحدة. وسلط ذلك الضوء على هشاشة المكاسب التي حققها الجيش العراقي.
تقلبات جوية
من جهة أخرى فإن القوات التي تتولى إدارة المعارك في مدينة الموصل (شمال)، ستلجأ إلى تكتيكات مناسبة لتجاوز أي معرقلات للعمليات العسكرية، مرتبطة بسوء الأحوال الجوية في فصل الشتاء، وهو ما يتوقع أن يقوم به داعش كذلك، وفق ما نقلته وكالة الأناضول التركية على لسان خبراء عسكريين عراقيين اليوم.
اللواء الركن ماجد الموسوي الخبير في الشؤون العسكرية قال إن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب (قوات النخبة تابعة لوزارة الدفاع) في المحور الشرقي للموصل، مدربة بشكل جيد لإدارة المعارك في جميع الظروف، ومنها التقلبات الجوية خلال فصل الشتاء، أفرادها اكتسبوا خبرة عن كيفية التعامل مع العدو بظروف جوية متقلبة".
وأضاف من ناحية تكتيكية فإن "استكمال المعارك في هذه المرحلة سيعتمد بشكل كبير على قوات مكافحة الإرهاب، إلى جانب أن المناطق التي تقاتل فيها القوات العراقية في الموصل حالياً هي مناطق سكنية، فيها شوارع مهيأة تقلّل من تأثيرات الأحوال الجوية السيئة على عكس المناطق المفتوحة غير السكنية".
وتابع: "القوات العراقية الخاصة تمتلك الأجهزة والمعدات الخاصة بالعمل في ظروف سوء الأحوال الجوية، بينما عناصر داعش يفتقدون لتلك المعدات".
وتقاتل القوات العراقية في أغلب المحاور العسكرية حالياً ضمن مناطق سكنية نظامية في الجانب الأيسر من المدينة (الشرقي)، وهو ما يقلل من التأثيرات السلبية لسوء الأحوال الجوية على مواصلة التقدم باتجاه أهداف جديدة.
والأسبوع الماضي، توقفت العمليات العسكرية بشكل مؤقت في أغلب المحاور العسكرية، بسبب سوء الأحوال الجوية، وعدم تمكن سلاح الجو العراقي من توفير الدعم للقوات البرية على الأرض.
الكثافة السكانية
من جهته، يرى خليل النعيمي العقيد المتقاعد في الجيش العراقي، أن "تقدم القطعات العسكرية خلال الأيام القادمة سيشهد تباطؤاً في حال اقتحام الساحل الأيمن من الموصل، بسبب الكثافة السكانية، إلى جانب صعوبة استهداف تجمعات المسلحين بالقصف الجوي".
وأضاف النعيمي، أن "سلاح الجو العراقي وسلاح الجو التابع للتحالف الدولي، كان لهما الدور الكبير في تدمير المئات من مواقع المسلحين في الساحل الأيسر من الموصل، ووفرا دعماً كبيراً مكن للقطعات البرية بسرعة التقدم، لكن هذا سيكون مفقوداً في معارك الساحل الأيمن بسبب الكثافة السكانية".
وأوضح أن "مسلحي داعش سيستغلون سوء الأحوال الجوية، وعدم تمكن الطائرات من التحليق في تلك الظروف، لشن المزيد من الهجمات بالسيارات المفخخة التي تعتبر السلاح الأبرز لدى التنظيم".
وقصفت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وسلاح الجو العراقي 2426 هدفاً، منذ انطلاق الحملة العسكرية لتحرير الموصل في الـ17 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ظرف مؤقت
بدوره، قال عبد العزيز حسن، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، إن سوء الأحوال الجوية سيكون له تأثير مؤقت على سير العمليات العسكرية في الموصل، مشيراً إلى أن بعض القطعات العسكرية دربت على إدارة المعارك بظروف جوية متقلبة.
وأضاف حسن، أن "سوء الأحوال الجوية في الموصل مؤقت، لذا سيكون تأثيره على سير المعارك في الموصل طفيفاً، لأن بعض القوات ومنها جهاز مكافحة الإرهاب دربت على القتال في ظروف جوية متقلبة".
وتابع: "الخطة المرسومة الواقعية لتحرير الموصل هي ستة أشهر، وإعلان رئيس الوزراء (حيدر العبادي) في وقت سابق من أن المعركة ستنتهي بنهاية العام الجاري، بني على التقدم السريع الذي حققته القوات الأمنية في الأيام الأولى من انطلاق الحملة العسكرية وحصول انهيار كبير في صفوف داعش".
والجمعة الماضية، قال العبادي، إن النصر العسكري على تنظيم "داعش" الإرهابي في معركة الموصل، "أصبح بمتناول اليد".
والموصل (400 كيلومتر شمال بغداد)، هي آخر المراكز الكبيرة لـ"داعش" في العراق، بعد أن استعادت قوات البلاد على مدى العامين الماضيين، مدناً رئيسية مثل، تكريت والفلوجة والرمادي، شمال وغرب البلاد.
وفي 17 أكتوبر الماضي، انطلقت معركة استعادة الموصل التي سيطر عليها "داعش" صيف عام 2014، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، من الجيش والشرطة، مدعومين بـ"الحشد الشعبي"، و"حرس نينوى"، إلى جانب "البيشمركة "(قوات الإقليم الكردي).
وتجتاح الموصل منذ الأيام الأخيرة، عاصفة ترابية مصحوبة بأمطار رعدية وانخفاض كبير في درجات الحرارة، الأمر الذي تسبب بتوقف طيران التحالف الدولي عن تنفيذ طلعاته الجوية المساندة للقوات العراقية.
وهو الأمر الذي استغله "داعش" لصالحه، ونفذ هجمات على المناطق المحررة، أوقعت خسائر في المعدات والأرواح بين صفوف المدنيين والقوات على حد سواء.
وتشير التوقعات إلى أن معركة الموصل سوف تكون مكلفة من ناحية الخسائر البشرية بالنسبة للمدنيين العزل والقوات المسلحة، إذا لم تقم قوات التحالف بعملية برية خاطفة، لكسر خط الصد الأول للتنظيم الإرهابي.