بعد سنوات طويلة من الإعمار، بات بإمكان زوار مُصلى قبة الصخرة المشرفة، والمُصلى القِبْلي في المسجد الأقصى، التمتع بجمال الزخرفة التي تعود لمئات السنين.
وقال الشيخ عزام الخطيب، مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس: "في هذا العام أنهينا الترميم الداخلي لقبة الصخرة المشرفة، والترميم الداخلي للمسجد القبلي، ونحن الآن بصدد أعمال الترميم الخارجية".
واستناداً إلى الخطيب، فقد استغرق ترميم "قبة الصخرة" من الداخل 8 سنوات، في حين أن ترميم القبة الداخلية للمصلى القبلي استغرقت عامين.
ومنذ إتمام عملية الترميم، يزور مئات المصلين يومياً قبة الصخرة والمسجد القبلي، من أجل التقاط الصور عبر هواتفهم المحمولة للقبتين.
ويغلب اللون الذهبي الأصفر على الزخارف التي تتوسطها آيات من القرآن الكريم، وتتخللها نوافذ مزخرفة، تدخل منها الشمس إلى داخل قبة الصخرة والمصلى القبلي.
خبراء إيطاليون
وقال الشيخ الخطيب "إن عملية ترميم القبة الداخلية لقبة الصخرة، شملت عملاً دقيقاً على ما مساحته 1800 متر مربع، تشمل الفسيفساء والزخارف الجصية".
وأضاف: "تمت الاستعانة بخبراء من إيطاليا، عملوا إلى جانب المهندسين المحليين من دائرة الأوقاف الإسلامية".
وأشار الخطيب إلى أن دائرة الأوقاف، أرسلت قبل 8 سنوات خبراء محليين إلى إيطاليا للانخراط في عملية تدريب مكثفة، استمرت أكثر شهرين، ولاحقاً طبَّقوا ما تعلموه عملياً في عملية الترميم.
ولفت إلى أن ترميم قبة الصخرة هو الأول منذ مئات السنين، و"هي الآن طبق الأصل لما كانت عليه، بدون أي تغيير أو تعديل".
وطوال عملية الترميم، كانت السقّالات الحديدية والألواح الخشبية، تحجب الكثير من أعمال الترميم الجارية، بحيث بدت القبة بعد ترميمها وكأنها جديدة حتى لرواد المسجد الأقصى الدائمين.
على نفقة الأردن
واستناداً إلى الخطيب، فإن عملية ترميم القبة الداخلية لقبة الصخرة، تكلفت ملايين الدولارات، على نفقة "الصندوق الهاشمي الأردني لإعمار الأقصى وأوقاف القدس".
والعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني بن الحسين، هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967.
وليس ببعيد عن قبة الصخرة المشرفة، ذهبية اللون، يقع المسجد القبلي المسقوف ذو القبة رصاصية اللون.
وأتمت دائرة الأوقاف الإسلامية، وللمرة الأولى منذ مئات السنين، ترميم القبة الداخلية للمصلى القبلي بعد عمل مستمر استمر عامين.
وقال الشيخ الخطيب: "على مدى عامين تمت الاستعانة بخبراء من إيطاليا من أجل عملية الترميم التي شملت الفسيفساء والزخارف الجصية".
وأضاف: "بطبيعة الحال نفّذ عملية الترميم الخبراء والمهندسون المحليون، الذين تدربوا أصلاً في الخارج، وعملوا لسنوات في ترميم قبة الصخرة، ولذلك فإن العملية كانت أسرع".
وأشار الخطيب إلى أن عملية الترميم شملت مساحة تزيد عن 240 متراً مربعاً، وعادت القبة إلى ما كانت عليه.
وكان المسجد القبلي قد تعرض للحرق من قبل المتطرف اليهودي الأسترالي مايكل روهان في العام 1969، الذي تسبب بتدمير منبر صلاح الدين الأيوبي، والواجهة الجنوبية للمسجد.
وفي مطلع عام 2007 تم تركيب منبر بذات المواصفات والمقاييس، تم صنعه في جامعة البلقاء التطبيقية في الأردن.
وبحسب تصريح مكتوب، صدر عن الديوان الملكي الأردني آنذاك، فقد كان التحدي الكبير الذي واجه الحرفيين والمهندسين المشرفين على هذا العمل هو تجميع 16.500 قطعة بعضها لا يتعدى طوله المليمترات القليلة، في بناء فني طوله ستة أمتار بدون استخدام مواد تثبيت من صمغ أو مسامير أو البراغي أو الغراء".
وأضاف: "تم تثبيته باستخدام طريقة التعشيق لإنتاج ما يمكن تسميته بفن المنبر، الذي تمثل في فنون الزخرفة الهندسية والزخرفة النباتية والخط العربي والمقرنصات والخراطة والتطعيم بالعاج والأبنوس والتعشيق، وهي الأنماط الستة الرئيسية المكونة للفن الإسلامي".
ويعتبر المنبر الآن، من أهم المعالم التي يحرص كل زائر إلى المسجد الأقصى على التقاط الصور التذكارية إلى جانبه.
4 مشاريع أخرى كبيرة
ويلفت الشيخ الخطيب إلى وجود 4 مشاريع كبيرة، سيجري تنفيذها قريباً في المسجد الأقصى.
وقال: "ستجري قريباً، عملية ترميم القبة الخارجية للمصلى القبلي، وهي قبة رصاصية حيث سيتم استبدال الرصاص".
وأضاف: "هناك فريقان بريطانيان يضعان الآن تصورهما لعملية الترميم الهامة هذه، وستكون القبة بعد ترميمها بذات اللون الموجود الآن وهو الرصاصي".
وأشار إلى أن المشروع الآخر هو الإنارة الخارجية لقبة الصخرة المشرفة.
وقال الخطيب: "تم نشر عطاء لهذا المشروع، ومن ثم تم اختيار المتعهد المنفذ، ولكن للأسف فإن السلطات الإسرائيلية تضع العراقيل أمام تنفيذ المشروع".
وأشار إلى أن المشروع الثالث هو ترميم الرخام الخارجي لقبة الصخرة المشرفة، وهو مشروع كبير سيستغرق تنفيذه عدة سنوات، إذ يتضمن القيام بعمل دقيق جداً لترميم السيراميك.
وتابع الخطيب: "المشروع الرابع هو ترميم الزخارف الخشبية الداخلية في قبة الصخرة المشرفة، وهو أيضاً عمل دقيق يستغرق عدة سنوات، وسيجري تنفيذه من خلال الخبراء والمهندسين المحليين".
واشتكى الخطيب من العراقيل التي تضعها السلطات الإسرائيلية أمام تنفيذ عمليات الترميم في المسجد الأقصى.
وقال: "نعاني كثيراً من التعقيدات الإسرائيلية في إدخال مواد الترميم، لا سيما أن السلطات الإسرائيلية تحاول التدخل بعملية الترميم ذاتها، وهو تدخل خطير جداً، ومن ناحيتنا فإننا لن نسمح لأي جهة، مهما كانت، بالتدخل في عملية الإعمار التي نُنفذها".
ويعتبر المسجد الأقصى في مدينة القدس، من أهم المقدسات الإسلامية في العالم، بعد المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة.
ويضم المسجد البالغة مساحته 144 ألف متر مربع بداخله "المسجد القبلي، ومسجد قبة الصخرة".
وكان الخليفة الإسلامي، عمر بن الخطاب، قد أمر ببناء المصلى القبلي في العام 636 ميلادية.
وبنى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مُصلى قبة الصخرة المشرفة، في العام 691 ميلادية.