خسرت الفصائل المعارضة في مدينة حلب، الاثنين 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، سيطرتها على كامل الجزء الشمالي من الأحياء الشرقية بعد تقدم قوات النظام في عدد من الأحياء، أبرزها حي الصاخور الاستراتيجي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: "خسرت الفصائل المعارضة كامل القسم الشمالي من الأحياء الشرقية بعد سيطرة قوات النظام على أحياء الحيدرية والصاخور والشيخ خضر، وسيطرة المقاتلين الأكراد على حي الشيخ فارس".
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري أن "وحدات من النظام أحكمت سيطرتها بشكل كامل على حي الصاخور" الاستراتيجي، لتصبح بذلك الأحياء الشرقية مقسومة إلى شطرين، شمالي وجنوبي.
كما أكد التلفزيون السوري الرسمي استعادة الجيش لحي الحيدرية.
فرار الآلاف
وفرَّ نحو عشرة آلاف شخص من أحياء حلب الشرقية نحو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وحي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة الأكراد، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الأحد.
وأوضح المرصد أن "نحو 10 آلاف مدني فروا من حلب الشرقية منذ ليل السبت الأحد"، مضيفاً أن 6 آلاف على الأقل من بينهم اتجهوا إلى حي الشيخ مقصود، فيما اتجهت البقية إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام في حلب.
تأتي سيطرة قوات النظام على عدد من أحياء شرقي حلب في إطار هجوم بدأته منتصف الشهر الحالي لاستعادة الأحياء الشرقية وتضييق الخناق على الفصائل المعارضة.
وأعلن المرصد أنه بعد سيطرة قوات النظام السوري مساء السبت على مساكن هنانو أكبر أحياء شرقي حلب، تمكنت الأحد من السيطرة على 5 أحياء أخرى هي جبل بدرو وبعيدين والإنذارات والسكن الشباب وعين التل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الفصائل المعارضة تكون بذلك "قد فقدت 30% على الأقل من الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرتها".
وأوضح عبد الرحمن أن التقدم السريع يأتي "نتيجة خطة عسكرية اتبعها النظام في هجومه وتقضي بفتح جبهات عدة في وقت واحد، بهدف إضعاف مقاتلي الفصائل وتشتيت قواهم".
تزامناً مع تقدم قوات النظام، تمكن المقاتلون الأكراد الأحد وفق المرصد من "السيطرة على جزء من حي بستان الباشا، كان تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وحي الهلك التحتاني" وهما منطقتان مجاورتان لحي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية.
وبحسب عبد الرحمن، "استغل المقاتلون الأكراد المعارك التي تخوضها الفصائل للتقدم من الشيخ مقصود والسيطرة على هاتين المنطقتين".
فرار السكان نحو غرب حلب
وهي المرة الأولى، بحسب المرصد، التي ينزح فيها هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ 2012، حين انقسمت المدينة بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وبث التلفزيون السوري الرسمي مشاهد لعشرات المدنيين معظمهم نساء وأطفال لدى وصولهم إلى مساكن هنانو حيث كانت حافلات بانتظارهم لنقلهم.
وتظهر في أحد المشاهد امرأة تجر عربة طفل وقربها 3 أطفال، ويمكن سماع دوي الاشتباكات من منطقة مجاورة.
واستأنفت قوات النظام في 15 نوفمبر/تشرين الثاني حملة عسكرية عنيفة ضد الأحياء الشرقية، تخللها هجوم ميداني على أكثر من جبهة وغارات كثيفة على مناطق الاشتباك والأحياء السكنية.
وتتهم قوات النظام الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من الخروج من الأحياء الشرقية لاستخدامهم "دروعاً بشرية".
"الركوع أو التجويع"
اعتبر ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين زنكي، أحد أبرز الفصائل المقاتلة في حلب، إن نزوح المدنيين من شرق حلب "أمر طبيعي جداً بعد حملة القصف الجوي والاجتياح البري وتدمير منازلهم وحرمانهم من كل مقومات الحياة في أحيائهم ومناطقهم".
ويأتي خروج المدنيين بعد أسبوع عنيف من المعارك في مساكن هنانو، قبل استعادة قوات النظام السيطرة عليه وعلى الأحياء الأخرى.
واتهم اليوسف "النظام والروس والإيرانيين بأنهم قرروا إبادة الثورة في ثاني أكبر مدن سوريا عبر اتباع سياسة +الأرض المحروقة+ مستفيدين من العجز الدولي الناجم عن التعطيل الأميركي".
وأضاف "على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يتم تطبيق سياسة التجويع أو الركوع دون أي التزام بمواثيق حفظ السلم والأمن الدولي".
فصل الأحياء الشرقية
وقال التلفزيون السوري إن قوات النظام وحلفاءها سيطروا على حي الصاخور في شرق حلب من مقاتلي المعارضة في تقدم يهدد بتقسيم المنطقة الخاضعة لهيمنة المعارضة إلى قسمين.
وتعمل الفصائل في حي الصاخور وفق اليوسف على "تعزيز نقاط الدفاع عن المدينة والأهالي"، لكنه أشار إلى أن "الطيران يدمر كل شيء بشكل منهجي" محذراً من أنه "إذا لم يتم حظره، فسيدمر الطيران ما تبقى من مدينة حلب، حياً تلو آخر".
وقال مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبدالله إن "العمل العسكري في مساكن هنانو اعتمد على قوات خاصة وكان متقناً إذ بدأ من المنطقة الأقل كثافة سكانية وعلى أكثر من محور، بحيث لم تكن لدى الجماعات المسلحة القدرة على التصدي وساهم بانهيار خطوطها الدفاعية".
منذ بدء الهجوم قبل 13 يوماً، أحصى المرصد مقتل 225 مدنياً بينهم 27 طفلاً جراء قصف وغارات على شرق حلب، فيما قتل 27 مدنياً بينهم 11 طفلاً في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.
فراغ سياسي
ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخطط لاستعادة حلب قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني القادم، مستغلاً الفراغ السياسي بالولايات المتحدة ورفض الرئيس باراك أوباما المشاركة بصورة مباشرة في المعارك، وفقاً لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
ويتولى ترامب تعيين مستشاري الأمن القومي الذين يرغبون في التعاون مع روسيا للاحتفاظ بالرئيس الأسد في موقعه والتركيز على القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وسوف تؤدي إمكانية انتخاب فرانسوا فيون ليصبح المرشح الرئاسي الفرنسي عن الحزب اليميني إلى دعم السلطة الدبلوماسية لموسكو، نظراً لرغبته في التعاون مع بوتين للحد من العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.
وقد أخفقت الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي بذلها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في حلب؛ وأعلن منسق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية جان إيغلاند الخميس الماضي، عن نفاذ المواد الغذائية دون وجود أي خطط بديلة. وذكر أن جماعات المعارضة قد وافقت على شروط تسليم المساعدات الإنسانية، غير أن المسؤولين في روسيا وسوريا لم يعربوا عن موافقتهم بعد.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن الأمم المتحدة "ليس لديها معلومات موثوقة حول الموافقة المزعومة لقوات المعارضة المسلحة بشأن تسليم المساعدات الإنسانية. وليس هناك أسماء أو أدلة أو وثائق، سوى ما ذكره إيغلاند".