توجه الناخبون الكويتيون، صباح السبت 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى صناديق الاقتراع لاختيار 50 عضوًا في مجلس الأمة (البرلمان)، وسط توقعات بارتفاع الإقبال.
وفتحت مراكز الاقترع أبوابها أمام الناخبين في تمام الساعة الثامنة صباحا (05.00 توقيت غرينتش)، ومن المقرر أن تستمر حتى الساعة الثامنة مساء (17:00 توقيت غرينتش).
ويحق لكل ناخب من الناخبين المقيدين وعددهم 483 الفًا و186 ناخبًا وناخبة، اختيار مرشح واحد من بين 293 مرشحًا، بينهم 14 امرأة، يتنافسون في الدوائر الانتخابية الخمس، للفوز بعضوية مجلس الأمة بواقع عشرة نواب لكل دائرة.
ويشرف على تأمين الانتخابات 15 ألف عنصر من رجال الأمن والمدنيين العاملين بوزارة الداخلية، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
ومن المقرر أن تجرى عملية الانتخاب في 452 لجنة فرعية وأصلية، منها 259 للرجال و283 للنساء موزعة على 100 مدرسة بمختلف مناطق الكويت، إضافة إلى خمس لجان رئيسية يتم فيها إعلان النتائج النهائية لكل دائرة على حدة.
التقشف ورفع الأسعار
ويأمل الكويتيون من الانتخابات أن تنتج مجلس أمة يساهم في لجم خطة تقشف وإجراءات حكومية تحاول تعويض تراجع الإيرادات النفطية، إلا أنها تمس بتقديمات وامتيازات نظام الرعاية الاجتماعية.
وشكل رفض الخطة الحكومية محوراً أساسياً في الحملات الانتخابية للمرشحين إلى الانتخابات، وهي السابعة التي تنظمها البلاد خلال عشرة أعوام، وتطبعها هذه السنة عودة أطراف معارضة للمشاركة بعد مقاطعة دورتي 2012 و2013.
وجدد النواب السابقون والمرشحون انتقاد إجراءات التقشف ورفع أسعار الوقود وخفض الدعم عن مواد أخرى، في استمرار لتباينات دفعت أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح الشهر الماضي، لحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "الوسط" عن المرشح الحميد السبيعي أن الحكومة "تعرف كيف تأخذ من جيوب المواطنين لكنها لا تعرف كيف تأخذ من التجار"، داعياً الكويتيين الى ان يختاروا "المرشحين الذين يحمون مصالحهم ومستقبلهم".
وعرفت الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بتقديم امتيازات واسعة وسخية لمواطنيها البالغ عددهم 1,3 مليون نسمة من أصل 4,4 ملايين هم مجمل عدد السكان.
وأتت خطوات التقشف لتمثل تغييراً بعد عقود من الدعم الحكومي، وضمن خطة شاملة تتعهد اتخاذ إجراءات إضافية مماثلة.
واعتبر النائب السابق والمرشح شعيب المويزري في تصريحات صحافية أن "البعض في السلطة يريد أن يذل الكويتيين! فالكويت أغنى دولة وأفقر شعب"، على حد تعبيره.
وتتمتع الكويت التي تنتج زهاء ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً، بواحد من أعلى مستويات الدخل الفردي عالمياً (28,500 دولار، بحسب صندوق النقد الدولي لعام 2015).
عودة المعارضة
إلا أن الإمارة، كغيرها من الدول المنتجة، باتت تعاني من تراجع إيراداتها النفطية التي تشكل أساس المداخيل، مع انخفاض أسعار النفط منذ منتصف العام 2014.
وسجلت الكويت عجزاً مالياً بلغ 15 مليار دولار في السنة المالية 2016/2015، هو الأول منذ 16 عاماً، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات شملت رفع أسعار الوقود، ورفع أسعار الكهرباء والمياه للمقيمين الأجانب للمرة الأولى منذ 50 عاماً.
وأثارت القرارات الحكومية انتقادات واسعة من النواب والمواطنين. وللحد من النقمة، وعدت الحكومة بتوفير كمية من الوقود المجاني للمواطنين شهرياً، إلا أن الخلافات بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة لم تتوقف إلى حين صدور مرسوم الحل.
وشكل الشأن الاقتصادي بنداً رئيسياً في حملات المرشحين البالغ عددهم 300 شخص (بينهم 14 امرأة)، يتنافسون على المقاعد الخمسين لمجلس الأمة.
وتعرض أعضاء البرلمان السابق ورئيسه مرزوق الغانم لهجوم شديد من المرشحين المعارضين الذين اتهموهم بفشلهم في منع الحكومة من فرض إجراءات تقشفية.
ورد الغانم على منتقديه مؤكداً أن البرلمان السابق نجح في تحقيق استقرار سياسي نسبي وأقر عدداً غير مسبوق من القوانين وساعد على تحريك عجلة مشاريع التنمية.
ويرى محللون أن الانتقادات ضد المجلس السابق، ترفع من حظوظ المعارضين.
ويقول المحلل عايد المناع لوكالة الأنباء الفرنسية: "أعتقد أن عودة المعارضة هي أهم تطور في هذه الانتخابات"، مضيفاً "اعتماداً على نتائج المعارضة في الانتخابات فإن عودتها قد تؤدي إلى إطلاق مصالحة وطنية لتنهي سنوات من الخلافات الشديدة".
الحكومة الكويتية
وقاطعت غالبية الأطراف المعارضة دورتي كانون الأول/ديسمبر 2012 وتموز/يوليو 2013، احتجاجاً على تعديل الحكومة النظام الانتخابي من جانب واحد.
إلا أن الأطراف المعارضة قررت المشاركة في هذه الدورة، وترشح 30 من أعضائها بينهم العديد من النواب السابقين، إضافة إلى سياسيين متحالفين معهم.
ويرجح المحلل داهم القحطاني أن تنال المعارضة زهاء 15 مقعداً، إضافة إلى ثمانية مقاعد لمؤيدين لها، ما قد يمنحها كتلة وازنة.
وتترافق الانتخابات مع آمال متواضعة بأن تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود. فقد شهدت الكويت منذ منتصف 2006، سلسلة من الأزمات الحادة، شملت حل مجلس الأمة خمس مرات من جانب الأمير ومرتين أخريين من جانب القضاء.
وطبقاً للنظام المعمول به، سيكون رئيس الوزراء المقبل فرداً من الأسرة الحاكمة يعينه الأمير، أياً تكن نتائج الانتخابات.
وعادة يسمي رئيس الحكومة وزراء من خارج مجلس الأمة، إلا أنهم يصبحون أعضاء فيه يتمتعون تقريباً بالصلاحيات نفسها للأعضاء المنتخبين (50 عضواً)، ما يمنح الحكومة قدرة تصويت ذات ثقل.
وبموجب الدستور، يجب ألا يتخطى عدد أعضاء الحكومة (بمن فيهم رئيسها) 16 شخصاً، وأن يكون بينهم عضو على الأقل من البرلمان.
ويرى مرشحون أن البرلمان السابق لم يحاسب الحكومة كما يجب.
وقال المرشح بادي حسيان الدوسري إن المجلس الذي كان من المقرر أن تنتهي ولايته السنة المقبلة، "لم يكن على قدر طموحات المواطنين، بسبب مهادنته للحكومة، وعدم ممارسة دوره الرقابي في محاسبتها"، وأن الحكومة نفسها "اتجهت نحو المواطن كي يدفع الفاتورة"، في إشارة إلى تعويض إيرادات النفط.
وأضاف "نطمح في المرحلة المقبلة إلى وجود مجلس يقوم بمهامه كافة"، حسب قوله.