عزيزتي المرأة السورية الصامدة

يجب أن يكون هناك إجراءات لحماية النساء، سواء داخل سوريا أم في دول اللجوء، من جميع أنواع العنف الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي والاغتصاب، كما أنه من المهم أن يكون هناك توعية للبنات خاصة، وللعائلات عامة، من أجل محاربة الزواج المبكر والزواج بالإكراه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/25 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/25 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش

أكتب لكِ واليوم هو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، نعلم أنك يا عزيزتي تعانين من شتى أنواع العنف والاضطهاد لا يشبه أي عنف آخر من جسدي إلى نفسي إلى جنسي.

الاضطهاد يمارس ضدك ليس من قِبل مجتمعك فحسب، بل من قِبل السلطات أيضاً، وخاصة بعد أن أجبرتِ على أن تكوني نازحة ولاجئة ومناضلة للبقاء على قيد الحياة.

يا سيدتي.. نحن نرى أن العنف ضدك يبدأ من المنزل والمجتمع؛ حيث يتم إجبار الفتيات القاصرات على الزواج المبكّر، وذلك لقاء مقابل مادي يحصل عليه ولي أمرها، وبعد فترة قد تصبح هذه الطفلة أُماً لمولود جديد ومسؤوليته تقع على عاتقها فيما قد يقرر زوجها أن لا حاجة له فيها ويطلّقها! فتصبح هذه المرأة مطلقة مجبرة على تحمل مسؤولية طفل تركه أبوه وتنكّر له.

هذا النوع من الزواج بالإكراه كان منتشراً قبل بدء الأزمة السورية إلا أنه انتشر بشكلٍ مريع بعدها، فقد أصبحت العائلات من لاجئة إلى نازحة إلى صامدة تحت النيران، وهذا ما يدفع أحياناً بعض الآباء للتفريط ببناتهم، والعنف لا يشمل فقط الاعتداء الجسدي، بل هو أيضاً عنف نفسي، فعندما تحرم البنت من حقها في التعليم بحجة أنّ "نهايتها في بيت زوجها"، فهذه جريمة بحقها يجب عدم الاستهانة بها.

أما حالات الاغتصاب والتحرش والعنف الجسدي، فهذه وحدها مأساة أخرى، الآن وبعد أن اضطر الكثير من السوريين للهجرة إلى بلدان الجوار وأوروبا، واضطرارهم للعيش في الملاجئ والمخيمات كثرت حالات الاغتصاب والتحرش بشكلٍ مريب.

والمؤلم أكثر أنّ البنات لا يجرؤن على الحديث عما حصل لأي أحد من عائلتهن خوفاً من أن يتم وضع اللوم عليهن! وهذه بالفعل الطريقة التي يتعامل بها مجتمعنا مع حالات الاغتصاب والتحرش، فيضعون اللوم على البنت بأنها هي من تعتبر "فتنة"، حتى إنّ بعضاً منهم من يرتكب جرائم شرف للتخلص من العار الذي لحق بهم، يا لَهذا التخلف الذي لا يرضى عنه لا دين ولا عرف!

إلا أنّ هناك مسؤولية كبيرة جداً تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات الدولية في حماية المرأة وتدعيمها، فبغض النظر عن الوضع في سوريا، وحتى قبل أن تبدأ الثورة، لم يكن هناك حتى اعتراف بأن زوجاً ممكن أن يغتصب زوجته، وحتى لو ابتعدنا عن موضوع العنف قليلاً، فإنّ المرأة في جميع دولنا العربية ليس لها الحق بأن تعطي جنسيتها لأبنائها، فإذا كانت المرأة محرومة حتى من هذا الحق البسيط، فكيف ستحصل على حقوقها الأخرى؟

ولهذا، يجب أن يكون هناك إجراءات لحماية النساء، سواء داخل سوريا أم في دول اللجوء، من جميع أنواع العنف الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي والاغتصاب، كما أنه من المهم أن يكون هناك توعية للبنات خاصة، وللعائلات عامة، من أجل محاربة الزواج المبكر والزواج بالإكراه.

وعلى الأمم المتحدة أن تنشئ لجاناً مختصة لدراسة أوضاع النساء المتضررات من هذه الانتهاكات وتقديم أقصى أنواع الدعم والمساعدة لهن، فالعنف يجر عنفاً آخر، ومن المحتم أنّ العنف الذي يحصل الآن في سوريا من قتل وتدمير وقصف سيلحقه عنف آخر وهو الذي مع الأسف يضرب المرأة بشكلٍ كبير.

ونحن في هذا اليوم، يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو يوم عالمي للقضاء على العنف ضد المرأة نتوجه بتحية إجلال وإكبار للمرأة الأم والأخت والزوجة المناضلة الصامدة في وجه كل مصاعب الزمن، والتي ستبقى قوية وتناضل حتى تحصل على جميع حقوقها المدنية والدينية والمجتمعية.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد