هل تتعامل مع الشخصيات متقلبة المزاج؟.. هذه هي حقيقتهم

عزيزي يا من يلقبونك بالمزاجي.. يا من تقلب الجلسات والجمعات واللقاءات وتفصّلها على مزاجك.. فمتى كنتَ سعيداً نشرت السعادة حولك من ذوقك وحبك (المزيف) الزائد وسلاماتك وقبلاتك الحارة التي يصعب تصديقها، فقط لأنك "مزاجي"!.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/23 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/23 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش

عزيزي يا من يلقبونك بالمزاجي.. يا من تقلب الجلسات والجمعات واللقاءات وتفصّلها على مزاجك.. فمتى كنتَ سعيداً نشرت السعادة حولك من ذوقك وحبك (المزيف) الزائد وسلاماتك وقبلاتك الحارة التي يصعب تصديقها، فقط لأنك "مزاجي"!.. وأنت نفسك ذاك الشخص الذي يقلب الأفراح والوناسات إلى نكد وكيد وأحقاد دفينة لا يُعلم مصدرها، تجعلها تطفو في الموقف الذي أنت فيه "مزاجي".. فمزاجك هو من يديرك وتريده أن يديرنا جميعاً معك، فما إن سألنا عن السبب، واستفسرنا واستفهمنا، حتى قالوا عنه اعذروه إنه مزاجي، عفواً.. مزاجي!

إذا كنت عزيزي المزاجي ستعاملني حسب مزاجك، فهل أنت قادر على أن أعاملك أنا أيضاً حسب مزاجي، فإن كنتُ سعيداً وراضياً عنك عاملتك أحسن معاملة، ورفعتك أعلى المنازل، أما إن كنتُ غاضباً وكان مزاجي معكّراً فلتتحمل مزاجيتي ونظراتي اللامبالية وسلامي الجاف أكثر من الخبز اليابس.. ولتتحمل عندها أيضاً أن أسلّم عليك بقرف، وكأني أقبّل كيس قمامة لا كائناً حياً يرقى لدرجة إنسان، ولتتحمل تجاهلي لك بالحديث وعدم حماسي لأحاديثك وتجاهلك متى شئت، وإعطاءك ظهري لأن مزاجيتي لا تستطيع تحمل رؤية وجهك الباسم الوديع.
لا يا عزيزي.. مَن تربى على الأخلاق يصعب عليه أن يكون مزاجياً بسهولة، فالإنسان الخلوق يعامل الناس بالقيم والمبادئ والأخلاق، لا بمزاجيته وازدواجية شخصيته، وتحوّل وجهه ولبس القناع المناسب لمزاجه كل يوم.

مَن تربَّى على الأخلاق يصعب عليه أن يكون عديم الأخلاق في مواقف، وخلوقاً في مواقف أخرى، وكأن الأخلاق إكسسوارات نتزيّن بها متى شئنا وننزعها عنا متى أردنا.. الأخلاق مصطلح كبير يصعب أن تخدع الناس به، فأخلاقك ستنعكس على غيرك، شئت أم أبيت، وسينكشف معدنك النفيس أو الرخيص عاجلاً أم آجلاً.. فاحرص عزيزي وأنت تعيش دور "المزاجي" أن تتذكر أن مَن أمامك يستطيع أن يعاملك بنفس أسلوبك، وأسوأ منه لو شاء؛ لأن قلة الأدب والتصرّف المتسرع الغاضب أسهل بكثير من ضبط النفس واللسان، وحكِّم القيم والأخلاق على تصرفات الإنسان، لكن لا بد لك من أن تعرف أيضاً شيئاً هاماً جداً، وهو أنني أستطيع أن أكون مرآة لك، وأن أكون رد الفعل للفعل الذي تصرفت به، وترى مني الوجه الآخر الذي لم تعهده، وتفاجأ بكوني أستطيع أن أعطيك بدلاً من الابتسامة العريضة عقد حاجبين و"بوز"، كما يقولون في العامية، وأن أعطيك بدلاً من السلام الحار والقبلات سلاماً أجف من هواء الصحراء، وأن أتجاهلك ببرود حين تبدأ بالكلام، وأن أستتفهك في عقلي الذي سيترجم ذلك على عيني، فترى من خلالهما البرود الذي لا يستفزه شيء، ولا هو أساساً يراك حتى يفكر فيك.

أستطيع أن أجعلك تشعر بأنك حشرة في أقل من بضع دقائق، خصوصاً أنك إنسان مهزوز، يهزه أي تصرف، فأن أكسرك وأكسر شوكتك وغرورك في لحظات أهون عندي من قضم حبة شوكولاتة بالبندق، فهي قد تحتاج مني بعض الجهد في الضغط على أسناني حتى أقطعها، وحبة البندق سوية وأستلذ بطعمها الرائع.

لكن المشكلة هي أنني لا أتلذذ بأن أصغرك وأعيدك لحجمك الطبيعي؛ كي تفهم أن من حولك قادر جداً على أن يعاملك بالمثل، وأرجح السبب في ذلك أنني نشأت في بيت يصعب فيه أن نكسر خواطر الناس أو نتجاهلهم وإن لم يعجبونا.

ليس عيبً أن تعرف أنك مزاجي، ولكن العيب هو أن تجعل من حولك ضحايا مزاجيتك وقلة ذوقك، ولتضع نصب عينيك أن ليس جميع من حولك يقبل أن يعيش دور الضحية، فهناك من سيعيش دور المدافع، وقد يعيش دور الهجوم عليك، فالناس ليسوا سواسية في ردود فعلهم، كما أنهم ليسوا عبيداً لمزاجيتك، وليس كل من تقابل سيتحملك، لأن ليس كل من تقابل هم والداك اللذان قد يتحملانك أكثر من غيرك من الناس، بل ستقابل أناساً قد يجعلونك تندم على مزاجيتك في يوم من الأيام، فكما لك كرامة، للناس من حولك كرامة أيضاً، وكما أن لك فعلاً مزاجياً فتوقع من غيرك رد فعل مزاجياً مساوياً لفعلك في المقدار -إن لم يكن أكبر- ومعاكساً له في الاتجاه.

ما أعرفه حق المعرفة، ومتيقن منه، هو أنك لست أبي أو أمي؛ كي أتحملك وأتحمل مزاجيتك، فوالدي اللذان وصاني ربي بهما في كتابه العزيز المعجزة، لم يفعلا ما تفعله، وهما أولى الناس بحسن صحابتي، ما يعني أنه وإن كانا كافرين عليَّ لهما واجب البر، والتحمل إلى آخره، مما يعلمه الجميع عن بر الوالدين، فما بالك لو كانا مزاجيين، فعليَّ تحملهما بكل رضا وطاعة.

كما أنك لست شريك حياتي الذي سأعيش معه عمراً بأكمله وأفهم طباعه، ويفهم طباعي وأراه أكثر شخص في يومي، فأتفهم ما يمر به، ويتفهم ما يمر بي، وأتساهل معه لمعرفتي العميقة به، وبأخلاقه وبتركيبته الفسيولوجية، وتحمله، وإن كان مزاجي في أوقاته الصعبة.

ولست من صلة رحمي ودائرة القربى التي من الواجب عليَّ برها، ما يعني أنني أستطيع أن أقطع لك "كارت"، كما يقولون بالعامية دون أدنى شعور بالذنب أو الأسى عليك وأريح رأسي من تفاهاتك وغرورك ونفسيتك المريضة التي تبث سمومها على من حولها، متى شاءت وتنثر الورود والمحبة على من حولها متى شاءت أيضاً.

لكي تكون ضمن قائمة معارفي، وليس أصدقائي، لا بد لك أن تعيد التفكير بما قلت عندها لو فهمته وتعلمته وطبقته، قد ترقى في يوم من الأيام إلى منزلة الصديق، وإن كان ذلك بعيداً عنك.

وإن لم تكلف نفسك عناء التعلم وضبط الأعصاب والتحكم بمزاجيتك، فلتتلقى نتائج مزاجيتك التي ستنعكس على تصرفاتي، وتؤثر على مزاجيتي أيضاً، فكما أن لك مزاجاً معكراً فبمجرد رؤيتي لك ستنقل لي العدوى، وسأعاملك بمزاجي لا بأخلاقي، ليس تخلياً عن مبادئي، ولكن فقط لأبرهن لك أنه من الأسهل أن تكون قليل أدب عن أن تكون مثالاً للأدب.. بعدها سأعود إلى طبيعتي، لكن ليس معك إنما بمجرد أن أتعامل مع غيرك، وإن كان شخصاً يجلس بجانبك كتفاً لكتف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد