مرحلة ما بعد انتخاب دونالد ترامب وأهم التحديات التي تواجه المجتمع المسلم في الولايات المتحدة الأميركية وكيفية الحفاظ على حقوق المسلمين وأهمية عقد التحالفات مع بقية أبناء ومنظمات المجتمع الأميركي، كانت أهم المحاور التي تناولها المؤتمر الذي نظمه المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية أمس الأحد، واستمر يوماً واحداً فقط، وحضره ممثلو وقيادات المنظمات الإسلامية الأميركية من كل المدن والولايات الأميركية.
مرحلة فاصلة
يقول أسامة جمال، رئيس المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية لـ"هافنغتون بوست عربي": إن هناك تحديات عدة تواجه المجتمع المسلم الأميركي بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، وعلى أبناء المجتمع الأميركي المسلم أن يبحثوا تداعيات هذا الفوز، وما يلحقه من نتائج على المجتمع الأميركي المسلم، والحفاظ على الحقوق المدنية والدينية واحترام حقوق الإنسان، ليس فقط لمسلمي أميركا، وإنما لكل أبناء المجتمع الأميركي، مشيراً إلى أن هناك تصاعداً ملحوظاً في جرائم الكراهية بصورة غير مسبوقة.
المسلمون هم من فازوا بالانتخابات!
ويقول جمال إن المسلمين الأميركيين حققوا في الانتخابات الأخيرة "فوزاً ساحقاً على اللامبالاة وعدم الاكتراث بالمشاركة في انتخابات السنوات السابقة، وكنا نطمح إلى تسجيل ومشاركة مليون ناخب مسلم".
وأضاف أن "المسلمين الأميركيين حققوا مشاركة غير مسبوقة، إذ تجاوز العدد المليون، وهذا مكسب بحد ذاته، لأن المسلم الأميركي أصبح يعي أهمية صوته ومدى تأثيره في مجتمعه. أما ما حدث في نتائج الانتخابات فلقد كان مفاجأة لكل العالم، وليس فقط للمجتمع الأميركي. وما زالت مسألة فوز ترامب محل دراسة وتحليل من قبل الخبراء الأميركيين لمعرفة دوافع من صوت لانتخاب ترامب، وما الذي حدث ولماذا صوت الناخب الأميركي له".
نحترم الديمقراطية وملتزمون بالقانون
"هذه هي الديمقراطية ونحن نحترم نتائج الانتخابات"، كما يقول أسامة جمال، فالمسلمون ملتزمون بالقانون والدستور الأميركي الذي يكفل لهم كمواطنين أميركيين الحفاظ على حقوقهم وحرياتهم، وأنهم جزء مهم وحيوي من المجتمع الأميركي.
وأضاف أن الخطوة المقبلة للمسلمين هي مد جسور التعاون مع الحكومة الجديدة، وتوضيح الصورة المغلوطة لهم عن الإسلام والمسلمين.
وأشار جمال إلى أن هناك اختلافاً في الآراء ووجهات النظر بين المسلمين ودونالد ترامب.. "لكننا في الناحية الأخرى نحن نتفق معه على حب وطننا أميركا الذي نعتز بالانتماء إليه، ونؤمن بأهمية التعايش بين كل أبناء المجتمع الأميركي لتحقيق المبادئ الديمقراطية وأسس الحرية التي قامت عليها الولايات المتحدة، ولدينا أرضية مشتركة مع الجميع بأننا أميركيون ولنا حق المواطنة المكفول بالدستور".
فوز ترامب لا يعني أن نتخلى عن ديننا
ويدرك المجلس الإسلامي أن بعض المخاوف تنتاب أبناء المجتمع الأميركي المسلم بسبب تزايد جرائم الكراهية وبروز ظاهرة الإسلاموفوبيا، و"لكننا كمسلمين"، كما يشرح أسامة جمال: "يجب ألا نتخلى عن ديننا. وقد كانت هناك بعض الحالات الفردية لتخوف النساء والفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب. فهناك حرية فردية كفلها القانون تحكم البلد، وإذا ما حدث انتهاك بحق أي مسلمة أو مسلم أميركي أو بحق أي مواطن أميركي حتى من غير المسلمين، فإننا ندافع عن الجميع ونحترم حقوق الجميع ولا نسمح المساس بها".
وأشار المتحدث إلى أن هناك تواصلاً مع الجهات القانونية والفيدرالية الأميركية، وأضاف: "لنا تحالفاتنا مع منظمات حقوق الإنسان الأميركية والمنظمات المجتمعية الأميركية الأخرى لمواجهة أي جريمة ضد المسلمين واللاتينيين من أبناء المجتمع الأميركي، والكثير من أبناء هذا المجتمع ومنظماته المختلفة يقفون معنا في هذا الحق، ونحن نثمن ونقدر لهم مواقفهم المساندة لنا".
أتباع الأديان الأخرى
وأكد جمال أيضاً إن لديهم تواصلا مع الأديان الأخرى، سواء المنظمات المسيحية أو اليهودية، لصد أي تشريعات جديدة يمكن أن تنال من حقوق المسلمين وحقوق الأديان الأخرى، وأن أي اعتداء على المسلم وغير المسلم حتى لو باللفظ يجب أن تتم ملاحقته بشكل قانوني "لكي نضمن ألا يقوم أحد بالتقليل من أهمية المسلمين أو يتجرأ بالاعتداء عليهم دون الملاحقة القانونية".
وأضاف: "إننا نذكّر ترامب بأن من ضمن برنامجه الانتخابي كان احترام حرية الأديان، ومن هنا يجب على الجميع أن يحترم هذا الحق لكل أبناء المجتمع الأميركي، فلا يوجد استثناءات لأي دين".
أسوأ سيناريو يمكن توقعه
وكما قال جمال لـ"عربي بوست"، فإن أسوأ سيناريو يمكن توقعه أن تخلع بعض المنظمات الداعمة للإسلاموفوبيا صفة الإرهاب على المنظمات الإسلامية الأميركية، وتتهمها بطلاناً وزوراً بذلك، لكي يتسنى لها تحقيق ما تصبو إليه. "ونحن نسعى من خلال الكثير من أعضاء الكونغرس الأميركي إلى أن يمنعوا استصدار قرارات تسيئ إلى المنظمات الإسلامية، كما نسعى من خلال مؤسسات ومنظمات المجتمع الأميركي إلى فرض احترام حقوق الإنسان وعدم السماح بتمرير مثل هذه القوانين التي تتعارض مع الحريات الشخصية والدينية التي كفلها الدستور الأميركي".
ويختم جمال حديثه بقوله: "نحن نسعى إلى أن نلتقي مع الإدارة الجديدة وشرح وجهات نظرنا، لأننا في بلد ديمقراطي يكفل للمواطن حقه في التعبير والاختيار".
الجالية المسلمة في أميركا قلقة
نهاد عوض، المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية " كير"، إحدى المنظمات المشاركة في المؤتمر، قال لـ"عربي بوست" إن هناك حالة من القلق في أوساط المجتمع الأميركي المسلم "لكننا لسنا خائفين لأننا نعتمد على الله عز وجل، ونستند إلى الدستور والقوانين الأميركية التي تكفل الحقوق للمواطن الأميركي، كما تفرض عليه الواجبات. والمسلمون في هذا الشأن شأنهم في ذلك شأن كل مواطن أميركي له حقوق وعليه واجبات نظمها الدستور".
خطتنا للمرحلة المقبلة
يقول عوض إنه أشار في كلمته بالمؤتمر إلى أن هذه أزمة، ولكنها قد تحمل في ثناياها الفرصة الذهبية للمسلمين في الولايات المتحدة لكي يطوروا أنفسهم ويبنوا مؤسساتهم بشكل أفضل ويلتفوا حول مراكزهم ومؤسساتهم، وأن يهتموا أيضاً بقضايا مجتمعهم الأميركي وأن يقيموا تحالفات مع المؤسسات المختلفة في مجتمعهم الأميركي والأقليات والشرائح الأخرى المكونة لهذا المجتمع.
ومن أهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر، كما يقول عوض: "أن على المسلمين الأميركيين أن يفتخروا بدينهم ولا يفرطوا به ولا يدعو أحداً يُشكك في انتمائهم ووطنيتهم. لأن المسلمين دفعوا ولا يزالون يدفعون فاتورة بناء الحضارة والاقتصاد والثقافة في المجتمع الأميركي من دمهم وعرقهم. وأن أميركا قامت على دم وعرق المسلمين الذين قدموا إليها. واليوم كبر أبناؤهم وأحفادهم في هذا المجتمع وهذا هو وطنهم".
وأضاف "أما الأمر الآخر فلا بد لهم أن يقوموا بمد الجسور المختلفة مع المؤسسات وأبناء المجتمع الأميركي لكي يكونوا تحالفات قوية. وعلى المسلمين في أميركا ضرورة بناء مؤسسات قانونية واجتماعية تدافع عن حقوقهم باحترافية، فهذا هو وقت العمل وليس وقت القلق والخوف".