وجَّه دونالد ترامب كلمات حادة إلى إيران خلال حملته الرئاسية، ووعد بإعادة النظر أو حتى تمزيق اتفاق برنامج إيران النووي. وقال ترامب يجب أن "نطلق النار على السفن الإيرانية التي تضايق البحرية الأميركية في الخليج العربي وإخراجها من الماء".
لكن القادة الإيرانيين يبدو أن لديهم أسباباً تدعو إلى التفاؤل برئاسة ترامب، وفق تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية، الخميس 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وأثار فوز الجمهوري ترامب -الذي يجاهر بمعارضته للاتفاق النووي- في انتخابات الرئاسة الأميركية تساؤلات بشأن استمرار دعم الولايات المتحدة للاتفاق الذي يقيد أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات عنها.
وقالت لورا هولجيت السفيرة الأميركية لدى وكالة الطاقة الذرية، في بيان، أثناء الاجتماع ربع السنوي لمجلس محافظي الوكالة: "يجب على إيران أن تتقيد بشكل صارم بجميع التعهدات والإجراءات التقنية إلى مدتها"، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز الخميس 17 نوفمبر 2016.
وقد ساهمت تصريحات ترامب في تأكيد ما يراه المتشددون في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه الاتفاقات التي وقعتها الولايات المتحدة مع إيران وأنها لا يمكن الوثوق بها على الإطلاق. وهذا ما عزَّز موقفهم في السياسة الداخلية.
وفي الوقت نفسه، لم يقلق الرئيس المعتدل حسن روحاني وحلفاؤه من تصريحات ترامب. وقد عبر البعض بهدوء عن تفاؤلهم بإمكانية فتح قطب العقارات دونالد ترامب باباً للمفاوضات مع إيران في مجالات أخرى تشترك فيها واشنطن وطهران.
"مزيد من العقلانية"
وقال مسؤول في البنك المركزي الإيراني إن طهران تتوقع أن ترى "مزيداً من العقلانية" من دونالد ترامب فور توليه منصب الرئيس الأميركي وأن يتجاوز لغة الحملات الانتخابية.
وقال مصرفيون إيرانيون في مؤتمر بفرانكفورت إنهم لا يتوقعون تأثيرات سلبية في المدى الطويل نتيجة فوز ترامب رغم أنه عارض خلال ترشحه للرئاسة الاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته الولايات المتحدة العام الماضي مع إيران.
وقال بيمان قرباني نائب محافظ البنك المركزي الإيراني لوكالة رويترز: "ما حدث خلال (حملة) الانتخابات كان من أجل المنافسة الانتخابية. نتوقع أن نرى مزيداً من العقلانية في الموقف الذي سيتبناه ترامب بعدما صار رئيساً".
وأضاف: "الإدارة ستصل إلى النقطة التي يتعين عليها فيها الوفاء بخطة العمل المشترك الشاملة وهذا هو الطريق الوحيد الصحيح قدماً".
واتفق معه في الرأي ولي ضرابيه رئيس مجلس إدارة بنك سامان الإيراني، وقال إنه يتوقع أن يتخذ ترامب قراراته تجاه إيران بناء على سياسة عملية تفيد الشعب الأميركي. وتابع: "ترامب في النهاية هو رجل أعمال… لا أتوقع مشكلات كبيرة".
"مرونة ترامب"
من جانبه، قال نادر كريمي الجوني، المحلل السياسي الإيراني المستقل: "سيتكيف الرئيس روحاني وحكومته مع الرئيس الجديد المنتخب دونالد ترامب، ويراهن الجميع هنا في إيران على مرونة الرئيس ترامب عندما يتقلد مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في يناير/ كانون الثاني".
ووصف ترامب سابقاً الاتفاق النووي بأنه "كارثي"، معتبراً أنه أكثر بكثير مما تستحقه إيران. وقال "إن هذا الاتفاق سيكون أول الأشياء التي سأنظر في إعادة التفاوض عليها فور توليه رئاسة البلاد".
ولم تبدِ إيران أي استعداد لاستئناف المحادثات حول الاتفاق الذي قلل من العزلة الدبلوماسية وفتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية الجديدة، على الرغم من أن الاتفاق فشل في إحداث التحسينات الاقتصادية الشاملة التي وعد بها روحاني.
كما وجه ترامب انتقاداته إلى إيران بقوله: "أجبرت السفن الإيرانية سفن الولايات المتحدة على تغيير مسارها وإخراجها من المياه"، في إشارة إلى احتجاز إيران لفترة وجيزة 10 بحارة أميركيين إلى أن غيروا مسارهم خارج المياه الإيرانية في يناير.
ولم يبدِ القادة الإيرانيون أي قلق، وقالوا في تصريحاتهم هذا الأسبوع لصحيفة لوس أنجلوس تايمز: "إن انتخاب ترامب لن يكون له أي تأثير على سياسة بلدهم".
إيران غير قلقة
وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي: "إن إيران ليست قلقة بشأن رئاسة ترامب؛ لأن سياسته لن تختلف كثيراً عن سياسة الإدارات الأميركية السابقة"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، أول من أمس (الأربعاء).
وصرح خامنئي، في كلمة ألقاها بطهران ونُشرت على موقعه الخاص، بأن انتخاب ترامب "لا يبدل شيئاً بالنسبة إلينا. لا نشعر بالقلق ونحن مستعدون لمواجهة أي احتمال".
واعتبر خامنئي أن شر الأميركان "كان موجهاً دائماً نحو الأمة الإيرانية. ولم يُقدّم أي حزب في الولايات المتحدة على مدار الـ37 عاماً الماضية، رئيساً جيداً".
ورغم وجود تحسن نسبي في العلاقات إثر إبرام الاتفاق الدولي مع إيران بشأن ملفها النووي في يوليو/تموز 2015، ما زالت إيران تعتبر الولايات المتحدة "عدوها" الأساسي.
والعلاقات مقطوعة بين البلدين منذ 1980 بعد أشهر على انتهاء الثورة الاسلامية في إيران التي انطلقت في 1979 وأطاحت بحليف الأميركيين شاه إيران محمد رضا بهلوي.
وعلى الرغم من قلق بعض الإيرانيين من حملة ترامب، قال آخرون: "سيكون هناك مجال مشترك بين ترامب والقادة الإيرانيين لتقديم التنازلات".
أرضية مشتركة
وقد أشار ترامب إلى مساعيه المستقبلية لإجراء مزيد من التعاون مع روسيا لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا. وهذا هو أحد الملفات التي يجد فيها ترامب أرضية مشتركة مع المتشددين الإيرانيين الذين يدعمون الرئيس السوري بشار الأسد في المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش".
وقال بهمان إشغي، الأمين العام لغرفة طهران للتجارة، في حوار صحفي مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز: "إذا ثبت أن ترامب معادٍ لـ(داعش) وسيكون حليفاً لروسيا والنظام السوري ضد (داعش)، سيكون هناك مجال أكبر للتفاوض بين إيران وأميركا".
"فضيحة كونترا"
يأمل آخرون أن نظام ترامب سيكون أشبه بنظام الرئيس ريغان، "وقد باعت إدارة الرئيس ريغان الأسلحة إلى إيران بشكل سري لاستخدامها في الحرب مع العراق والتي استمرت 10 سنوات، فيما عُرفت باسم فضيحة إيران كونترا".
وقال الجوني، المحلل السياسي الإيراني لصحيفة لوس أنجلوس تايمز: "وتُظهر تجربتنا أن الرئيس ريغان كان أكثر رؤساء أميركا عوناً لإيران في أثناء الحرب مع العراق". وأضاف: "أعتقد أن ترامب قد يتعاون في بعض الأعمال التجارية الجيدة مع إيران على الرغم من حفظ كلا الجانبين لهجتهما العدائية الموجهة بعضهما ضد بعض".
وقد أثارت 3 أسماء بارزة في القائمة المختصرة لتولي مهام مجلس الوزراء في إدارة ترامب، قلق المسؤولين الإيرانيين؛ وهم: رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش، وعمدة نيويورك السابق رودولف جولياني، والسفير السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، والثلاثة أسماء هم أنصار واضحون لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي جماعة إيرانية منشقة تعتبرها طهران منظمة إرهابية.
وقال حجة كلاشي المحلل العلماني لصحيفة لوس أنجلوس تايمز: "تسعى هذه الأسماء (غينغريتش وبولتون وجولياني) إلى تخريب النظام الإيراني".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Los Angeles Time الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.