متى كانت آخر مرة فوجئت فيها بخبر جديد يرتبط إلى حد ما بشؤونك أو شؤون من تهتم لأمرهم؟ هل أصبحت غالبية معلوماتك كماً متراكماً ومهملاً في ذاكرة لن تكترث كثيراً إذا ما واتتك فرصة لمحوها والبدء من جديد، حول عالم آخر، تستطيع فيه استخدام حواسك "المعطّلة".. عالم تتأمله ولا تكون في حاجة للحكم عليه؟
إذاً.. أنت صحفي، تعيش في "الخريف العربي"، وسأخبرك بما انتهيت إليه من نَظَرٍ في عالمك، فأنا لا أملك الحكم عليه، ولا أود.
لن تكون هذا الصحفي الذي تحلم، إذا كنت مديناً لأحد، أياً كان هذا الأحد، أياً كان ما تدين به، وأياً كان مُسَمّاه.. لن تكون هذا الصحفي إذا كنت مديناً لمؤسستك أو مانحيك مهما كانت سمعتها، لن تكون حراً؛ لأنك من جيل الثورة مثلاً، أنت مدين لها إذاً بالولاء، ومضطرٌ أحياناً للتبرير عنها.
عندما يأتيك الخبر فتنطلق من استنتاجاتك القديمة، لن تكون مُنصِفاً، ستنصف طرفاً وتهمل آخر، أنت تقيس بمسطرة القديم، وتزن بميزانه، لا تعطِ لعينك الفرصة لتنظر، وإن نظرت، فللبعد الذي تحب أن تراه، أنت متيقن من كل شيء، لا حاجة لحواسك، أنت ميت، أنت آلة.. أنت مفرزة.
وهنا تكمن المشكلة، حين تكون مديناً للآخر، لا بالمال -كعادة الناس- ولا بالراتب، مديناً بتجارب الماضي، مديناً بالمعروف لشخص أو جماعة أو حتى "فكر" حاز استحسانك، مديناً بالقديم الحسن، وإن قبح الآن عمله.
لم أسمع كثيراً عن صحفي محتجز؛ لأنه يدين لأحد بمال أو فاتورة، هل لأن الصحفيين أغنياء؟! لا، وبكل تأكيد، أم لأنهم يستطيعون وفاء الدين بطريقة أو بأخرى استغلالاً لصنعتهم؟ لا أملك الحكم، ولا أود، بيد أن مثل هذه التساؤلات من شأنها أن توقظ الحس فيك، فلا تضجر.
مشكلات أخرى أمامك.. أعلم.. فما زالت عبقرية "مديرك" كفيلة بكبت حواسك، وتحويل ذهنك كل حين إلى مفرزة للعبث، مهما حاولت التفاعل معها.
ناوش قليلاً، قاوم، أيقظ ذهنه، تألف قلبه، أو أذعن، هذا ميدانك، وكل يوم تنجح في إخراج فكرتك، سيعطيك أملاً في غدٍ تكون فيه حراً، ولا تضطر معه إلى تقيؤ "العبث" حين يصارع حواسك.
إذا أردت الحرية لا تكن مديناً لأحد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.