أوكازيون الزواج

ميثاق الزواج أغلظ وأرقى من عقود البيع، كيف يعاملها زوجها كإنسانة وقد زوجتموها كسلعة؟!

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/17 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/17 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش

دعاني الميكانيكي الخاص بي لحضور جلسة خاصة مع أهل خطيبته لحل خلافات بسيط نشبت فيما بينهم، لم أتردد قط، خاصة أنني على علم بمدى تعلقه بها، مر عليَّ واصطحبني هو وصديق له يعمل تاجر سيارات، ترددت في بادئ الأمر، فلم أفهم سبب وجود صديقه بمثل تلك الجلسات، إلا أنني نويت أن أسوِّي تلك الخلافات بقدر المستطاع ابتغاء مرضاة الله.

وصلنا لمنزلها، وطرقنا الباب، وعند فتح والدتها الباب بابتسامة تُجلي أسنانها سمعنا "الزغاريد" تدوِّي في أركان المنزل كله، زاد شكي في الأمر.

دلفنا إلى إحدى الغرف المكتظة بالرجال، ومنهم والدها وأشقاؤها الذين وضعوا لنا الكراسي حول منضدة تتوسط الغرفة، قمنا بإلقاء التحية عليهم، ثم جلسنا، وإذا بوالدها يعرض علينا "قائمة بجهاز العروس"، ثم أردف: "خُدوا شوفوا كده، دي القايمة اللي ترضيني أنا وأم العروسة".

ألقى صاحبنا نظرة سريعة عليها، ثم مرَّرها إليَّ، وطلب مني على استحياء أن أتوقف على مدى قانونيتها، وعما إذا كانت هناك ثغرة قانونية قد تضعف موقفه القانوني في حالة وقوع خلافات فيما بينهم، لا سمح الله.

نظرت له وعيني كأكياس الدم من الغضب، فلو أفهمني أنه يرغب في ذلك منذ البداية لما كنت حضرت، كوني رافضاً لتلك الفكرة برمتها، أعدتها إليه وأنا مطبق فمي ففهم، ومررها على صديقه التاجر، الذي قام في البداية "بشهقة" كالتي تشهقها جدتي عند عمل الملوخية، ثم قال: "يا حِزن الحِزن، 100 وخمسين ألف جنيه قايمة، ليه إن شاء الله هو إحنا واخدين الست هياتم في عز شبابها؟!"، ثم بدأت عاصفة المناقصة والمزايدة على المبلغ المثبت بالقائمة، فهذا يذكر محاسن العروس، ويرد صديقنا بأن هناك أجمل وأحلى منها بأقل من كده؟، ثم يتدخل شقيقها ويقول إنها ذات حسب ونسب، مضيفاً أن بنت عمها كُتب لها قائمة بمبلغ أكبر، إلا أنهم راعوا ظروف عريسنا، ويعود صديقنا ويضرب: طب والله لأجيب له واحدة بنت وكيل وزارة وبأقل بكتير من الكلام ده!

دارت تلك المهاترات أمامي كالحرب الضارية على مدار نصف الساعة، وأنا أشعر بمرارة في حلقي من المهازل التي أراها، حتى حسمها صديقنا بأن المبلغ المطلوب لن يتعدى السبعين ألف جنيه.

ترك والدها الغرفة وذهب في الأغلب لاستشارة أم العروس، ثم عاد إلينا بابتسامة صفراء، وقال: "مبروك يا ابني خد امضي على القايمة أم سبعين ألف".

نظر إليَّ صديقنا وكأنه يقول لي: استمتع بالقادم، ثم قام بمسك أوراق القائمة باستهانة وألقاها أرضاً، ثم أردف: أنا كنت فاكر إن بنتكم أغلى عندكم من كده بكتير، لكن الظاهر إنها رخيصة قوي، وأنا غالي وما أخدش غير الغالي اللي ما يتقدرش بمال قارون مش بقايمة، قوموا بينا يا جماعة، إحنا جينا بيت غلط.

جاء رده عليهم كطرقة "شاكوش" حديدي على رؤوسهم، الأمر الذي دعانا إلى مغادرة المنزل كالبرق دون إبداء أي اعتراض منهم، ثم اتجه بنا إلى أحد المقاهي وجلسنا، ثم سألني: أتدري لم أتيت بك لهذا الاجتماع؟
– لا أعلم وأنا مستاء من ذلك.
– سبق وذكرت لي منذ مدة أنه لا يحق لك معاملة السيدة التي ستتزوجها كالأَمَة التي تشتريها بالمال، وإنما عاملها كأميرة متوجة على عرشها!
– نعم أتذكر.
– أحضرتك معي إذاً لأثبت لك أن من يرغب في معاملتها كأمة هم عائلتها وليس أنا، تباع وتشترى كالسيارات، ولهذا أحضرت صديقي معنا، والذي قام بواجبه بالفصال.

الحكمة:
ميثاق الزواج أغلظ وأرقى من عقود البيع، كيف يعاملها زوجها كإنسانة وقد زوجتموها كسلعة؟!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد