عندما أقنعت مسلما أن الإسلام دين جيد

الإسلام رائع، وللأسف كثيرون ممّن أخذوا على عاتقهم نشره اكتفوا بترويع الناس منه؛ لذا ليتقِ الله الذين يظنُّون أنّهم رسل الله في الأرض، وليتذكر الذين يعتقدون أنّ فظاظتهم مبررة بأنّ الله أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن لا يكون كذلك وهو المؤيد بنصر الله، فمن نحن لكي نتجرأ لنفعل ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/15 الساعة 04:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/15 الساعة 04:09 بتوقيت غرينتش

عندما تسافر إلى بلاد غير مسلمة، تترسخ فيك فكرة أنَّك ذاهبٌ إلى مكان شبيه بالحبشة، وعليك أن تدعو الناس، ودعوتك لهم قد تتلخص في حسن خُلُقك، الذي قد يصدمك حقاً هو أنَّك تجد نفسك تحتاج أن تدعو مسلماً قادماً من بلد مسلم لسبب تجهله، وسأخبركم بأغرب القصص التي لم أتخيل أن تحدث.

في أول يوم من دوامي، وصلت متأخرة لسبب خارج عن طاقتي وسيطول الحديث عنه، ومن يعرفني، يعرف أَنِّي أكره عدم الالتزام بالمواعيد بطريقة عنيفة، فلم يكن ليخفف عني سخطي شيء سوى أن يكون من سيشاركني هذا الشهر مسلمٌ مثلي؛ لكي "أتروحن" به كما تقول صديقتي، تحمست أول ما سمعت اسمه، فسألته سؤالاً أعرف إجابته "هل أنت مسلم؟!"، فأجابني بالإيجاب وهو ممتعض من طريقة حديثي، ونزل على قلبه كالماء البارد تحويله للدكتور الآخر، وكأنّه كان يريد الخلاص من هذه الإنسانة المتطفلة.

فلنقل مر الشهر، كان يتعمّد أن يتجاهلني، وإن تحدث معي فإنه سيغيظني، في مرة سألني: هل تشربين الخمر؟ ثارت ثائرتي حين تجاهل كل منظري وتحفظاتي ليسألني هذا السؤال، فأجبته بالنفي، ثمّ علّل سبب سؤاله هو أنّ له أصحاباً من بلاد العرب يصلون الخمس صلوات، وكأس الخمر لا تفارقهم، ولا أظنّه صراحة كان يكذب، ومن بعدها كان يتعمّد الفرص التي نجلس فيها كمجموعة لكي يخبرني بالذنوب التي اقترفها الواحد بعد الآخر.

كنت أحزن كثيراً عندما يقولها وهو مفتخرٌ، ويعزو ذلك إلى كونه ليس ملتزماً، ولكنني كنت كثيراً ما أتذكر "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فكنت أحاوره بالحسنى وأوضح له ما لا يعلم وما اختار أن لا يعلم.

في آخر يومٍ لنا ولله الحمد صَلَّى، ثمّ ارتعش كل جسده وناداني ليخبرني قصة حياته، كان من مجمل حديثه أنّه كرهني أول ما رآني، ذكرته بشيوخ الدين الذين يمارسون دور الآلهة في بلاده واعتادوا أن يضربوه على كل شيء، على خطأ في لفظ حرف عربي ليس معتاداً عليه، وعلى رعشة جسده التي كبر بها وبات يتناول لها أدوية، وعلى حزنه على ألعابه حين كان صغيراً.

بات يسرد كثيراً مما حدث معه من شفة صديقه التي سال الدم منها حين ضربه معلم الدين، ومن شيخ الدين الذي كان قد بدأ يلتزم بصلاته بسبب كلامه المؤثر ثمّ رَآه يعاقر الخمر بأمّ عينيه، اختار أن يبتعد عن كل أحد، وجد الأنس في غير المسلمين، اختار أن يبتعد عنهم مراتٍ ومراتٍ بملء إرادته كما آثر أن لا يكون معي في نفس التدريب لأنني منهم، استغرب كيف أنني وصديقتي مسلمتان، نصلي ونصوم وفي ذات الوقت لطيفتان، أخبرني أنّه في كل مرة كان يتحدث بشيء عن الإسلام والمسلمين، فإنه كان متأكداً أنني لن أتحدث معه مرة أخرى، ولن آخذ كلامه بطرف ليّنٍ، ولكنّه صُعق من أنَّني ما فعلت هذا، وما حكمت عليه بما لا أعلم، ظنّ أنّه بتكرار ما يفعل فإنه سيستفزني بطريقة تظهر معدني، ولكنّه عجز وأدرك أننا غير.

دعوت الله أن يكون حسن خُلُقي رسالة أوجهها لمن سأقابل من غير المسلمين، فاكتشفت أن بعض المسلمين أولى بها، حين يكبر طفلٌ وكل ما يرى هو ضربٌ وإكراهٌ وجَلْدٌ؛ لكي يتعلم الإسلام فبأي قلبٍ سيحبّه، وحين يكبر الشاب وكل شيءٍ حرامٌ دون مبرّرٍ منطقي فبأي حاسة من حواس جسده سيُعرِض عن الحرام؟

الإسلام رائع، وللأسف كثيرون ممّن أخذوا على عاتقهم نشره اكتفوا بترويع الناس منه؛ لذا ليتقِ الله الذين يظنُّون أنّهم رسل الله في الأرض، وليتذكر الذين يعتقدون أنّ فظاظتهم مبررة بأنّ الله أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن لا يكون كذلك وهو المؤيد بنصر الله، فمن نحن لكي نتجرأ لنفعل ذلك؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد