تقطعت السبل بمئات المدنيين الذين فرُّوا في الأسبوع الماضي من القتال بالقرب من مدينة الموصل الخاضعة لتنظيم "داعش"، وأصبحوا يفتقرون للمساعدات الإنسانية الأساسية، مما يبرز التحديات الناجمة عن أكبر عملية عسكرية في العراق خلال عشرة أعوام.
وتعيش الأسر منذ ما يصل إلى ستة أيام في منازل مهجورة ومبنى مدرسة في قرية بايبوخ، الواقعة على بُعد 6 كيلومترات من خط الجبهة عند الحدود الشمالية للموصل.
ويقاتل الجيش على مرمى البصر من أحياء المدينة، لكن التقدم بات بطيئاً بسبب وجود مدنيين يقول ضباط إن التنظيم يستخدمهم دروعاً بشرية.
وبعد أربعة أسابيع من انطلاق الحملة الهادفة لسحق التنظيم في الموصل أصبحت المدينة محاصرة تقريباً من جميع الجهات، لكن دفاعات التنظيم لم تخترق حتى الآن إلا من الشرق، حيث يقاتل التنظيم قوات خاصة من أجل السيطرة على ما يصل إلى 12 حياً.
وشرد القتال أكثر من 54 ألف شخص حتى الآن، ويعتقد أن 700 ألف شخص سيحتاجون لأماكن إيواء وأغذية ومساعدات طبية في النهاية.
وقال المجلس النرويجي للاجئين، الأحد 13 نوفمبر/تشرين الثاني، إن عشرات الآلاف "يفتقرون إلى الماء والطعام والكهرباء والخدمات الصحية الرئيسية" في المناطق التي استعادها الجيش في الموصل والقرى والبلدات المحيطة بها.
ولم تصل مساعدات إنسانية إلى بايبوخ في الأسبوع الماضي، وحرم سكان القرية من الانتقال إلى مخيم تديره الحكومة، أو قرية أبعد من مناطق القتال.
وقال أحد السكان "لا يوجد طعام. لا إفطار ولا غداء ولا عشاء. الناس ينامون فوق بعضهم البعض. النساء والأطفال في الداخل والرجال في العراء".
وأصبح الموقف خطيراً لدرجة دفعت ضباط الجيش إلى توزيع حصص مخصصة للجنود، وشراء إمدادات إضافية على نفقاتهم الخاصة.
وقال ضابط برتبة رائد، يدعى عماد، إنه إذا تمكن من تقديم أغذية إلى عشرة أشخاص يصطف عشرة آخرون خلفهم. وتابع قائلاً "هذه مأساة وقد تصبح كارثة إنسانية".
وفي حين كانت سيدات ينظرن من شرفة مبنى بالمدرسة، كان رجال من كل الأعمار يحتشدون حول فريق وكالة "رويترز" الزائر للموقع اليوم الأحد.
وتسابق الرجال للحديث في محاولات يائسة للفت الانتباه لمحنتهم، بينما سمعت أصوات قذائف مورتر من ساحة معركة قريبة.
وقال أحد الرجال "نريد فقط أن نخرج من هنا. ننام وسط القاذورات منذ خمسة أيام".
وقال آخر "نحتاج إلى الحقوق الأساسية. فقط انقلونا إلى مخيم".
وقال الضابط، إن الرجال خضعوا لتفتيش عن أسلحة، لكنهم لم يخضعوا لعمليات الفحص التي فرضتها الحكومة في محاولة لمنع المتشددين من الاختفاء بين المدنيين، والتسلل عبر الخطوط الحكومية.
وتقول الأمم المتحدة، إن السلطات العراقية تتحمل مسؤولية نقل الأفراد من مواقع تجمع مثل الموقع الكائن في بايبوخ، إلى موقع أبعد عن خطوط الجبهة، حيث يمكن توزيع المساعدات الإنسانية بسلام.
وقال متحدث باسم المنظمة الدولية اليوم الأحد، إن قرب بايبوخ من ساحة الصراع عقَّد عمليات تسليم المساعدات الأساسية.