قال خبراء عسكريون عراقيون إن تنظيم "داعش" ينتهج تكتيكاً خاصاً لمعركة الموصل (شمالي البلاد)، يرتكز على "حرب الشوارع" بقلب المدينة، وتحديداً بالأحياء المكتظة بالسكان، لتحييد سلاح الطيران، ورأى بعضهم أن مواجهة ذلك قد تكون بعمليات إبرار جوي.
وتوقّع الخبراء، في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، أن تواجه القوات العراقية صعوبات، في المعارك القادمة، ضد "داعش" مع اقترابها من مركز المدينة، الذي يتحصن فيه المئات من مقاتلي التنظيم.
ويبرز التحدي الأكبر أمام القوات العراقية، في كيفية التعامل مع الهجمات الانتحارية، التي ينفذها مقاتلو التنظيم بالسيارات المفخخة أو الأحزمة الناسفة، والكمائن، والتي من شأنها إيقاع العديد من القتلى والجرحى.
تعقيدات أمنية
وعلى مدى أكثر من 25 يوماً، منذ انطلاق معركة تحرير الموصل، لم تخُض القوات العراقية معارك صعبة ضد مسلحي تنظيم "داعش" في القرى والنواحي البعيدة من مركز المدينة.
لكن ضراوة المعارك بدأت تلوح في الأفق، قبل أيام، بهجمات انتحارية نفذها مسلحو التنظيم في حي الانتصار بالجانب الأيسر من المدينة، إلى جانب كمين محكم وقعت فيه قوة عراقية في حي الزهور بالمحور الشرقي للمدينة، وخلّف 4 قتلى وعدداً من الجرحى وتدمير آليات، بحسب مصادر أمنية.
ويرى رحيم الشمري، الخبير بمركز "البحوث الاستراتيجي" (حكومي)، أن حسم معركة الموصل بحاجة إلى مزيد من الوقت بسبب التعقيدات الأمنية في الأحياء الواقعة بمركز المدينة والتي يتواجد فيها نحو 2000 مسلح.
يقول الشمري، لـ"الأناضول"، إن "المعارك القادمة داخل مدينة الموصل، ستكون عنيفة وشرسة، تحتاج لتكتيك قتالي وتعزيزات عسكرية لمساندة القوات المشتركة التي تتقدم من 3 محاور صوب مركز المدينة".
ويضيف أن المسلحين داخل المدينة يتخذون طرقاً متعددة لمعرفة تقدم القوات الأمنية؛ بينها "الانتحاريون، والقناصة، والانتقال بين السكان المدنيين، وهذا بحد ذاته يحتاج لفرق قتالية خاصة لحسم المعركة".
وأصدر الجيش العراقي، على مدى الأيام الماضية، تحذيرات متتالية للسكان داخل مركز الموصل، من التواجد بالقرب من مواقع وتجمعات مسلحي تنظيم "داعش"، وقال إنها تعدّ أهدافاً للطيران الحربي.
ويرى العقيد المتقاعد في الجيش العراقي خليل النعيمي، أن "تنظيم داعش خطط لنقل معركته مع القوات العراقية إلى داخل الأحياء الضيقة في الموصل، لكسب الوقت والمناورة في المعركة".
ويقول النعيمي، إن "تنظيم داعش لا يريد التعرض لمزيد من الخسائر في صفوف مقاتليه، لذا قرر سحب غالبية المقاتلين الأجانب من القرى والأحياء البعيدة عن مركز الموصل، وسلمها إلى مقاتلين عراقيين؛ لكونها ليست مهمة من الناحية العسكرية".
ويمثل المقاتلون الأجانب في تنظيم "داعش" العناصر الأكثر شراسة في المواجهات، وفق خبراء.
وأوضح النعيمي أن "تنظيم داعش لا يريد القتال في المناطق المفتوحة؛ لأنه يدرك أنها تتسبب في مزيد من القتلى جراء القصف الجوي، لذا حشد عناصره في الأحياء القريبة من مركز الموصل".
وتابع النعيمي، أن "القوات العراقية ستكون مضطرة إلى تجنب القصف الجوي داخل الأحياء الضيقة في الموصل؛ لكونها مليئة بالمدنيين، وبعض الأحياء يصعب حتى دخول المعدات العسكرية الثقيلة إليها كالدبابات".
وتوقع أن "تكون معارك شوارع، وهذه خطة (داعش)؛ لكونها ستكون سهلة من خلال شن المزيد من الهجمات الانتحارية بالستر الناسفة".
ويعوَّل على قوات مكافحة الإرهاب (قوات النخبة) في حسم معركة مركز مدينة الموصل بالاعتماد على خبرتها القتالية أمام مسلحي تنظيم "داعش" في المعارك السابقة بمحافظتي الأنبار (غرب) وصلاح الدين (شمال).
ويقول عبد العزيز حسن، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ"الأناضول"، إن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب لديها القدرة على اختراق مواقع (داعش)، داخل مركز الموصل، بالاعتماد على خبرتها التي اكتسبتها من المعارك العديدة ضد التنظيم".
حسم المعركة
ويشير إلى أنه من الممكن أن "تلجأ القوات العراقية إلى عمليات إنزال جوي داخل الموصل".
ولمّ يستبعد المسؤول العراقي تأخر حسم معركة مركز الموصل؛ "حرصاً على سلامة المدنيين"، لكنه أشار إلى أن "أساليب (داعش) في معارك المدن باتت مكشوفة لدى القوات التي ستتولى عملية اقتحام مركز المدينة".
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انطلقت معركة استعادة الموصل بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي (ميليشيات شيعية موالية للحكومة)، وحرس نينوى (سُني)، إلى جانب "البيشمركة " (جيش الإقليم الكردي).
وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
واستعادت القوات المشاركة، خلال الأيام الماضية، عشرات القرى والبلدات في محيط المدينة من قبضة "داعش"، كما تمكنت من دخول مدينة الموصل من الناحية الشرقية.