في عام 1876، كان المرشح الديمقراطي لمنصب الرئاسة على بُعد صوت واحد لتحقيق العدد المطلوب للفوز في الانتخابات، والوصول إلى البيت الأبيض، وهو 185 صوتاً في المجمع الانتخابي.
اكتسح المرشح الديمقراطي صامويل تيلدن الانتخابات العامة، عندما فاز بأصواتٍ أكثر من منافسه الجمهوري رزرفورد هايز بحوالي 247448 صوتاً. وكان هايز متأخراً أيضاً عن تيلدن في عدد الأصوات في المجمع الانتخابي، حيث حصل الأول على 165 صوتاً.
وينتخب الأميركيون الرئيس بشكل غير مباشر، عبر انتخاب ممثلين عن كل ولاية، يتعهدون بالتصويت لصالح مرشح رئاسي معين، ويعرف هؤلاء باسم الناخبين في المجمع الانتخابي.
ولكل ولاية عدد محدد من ناخبي المجمع الانتخابي، يتساوى مع عدد الأعضاء الممثلين للولاية في مجلسي النواب والشيوخ. وينتخب هؤلاء الناخبون الرئيس ونائبه، نيابة عن الشعب.
لم يتم حساب 20 صوتاً في هذه الانتخابات وهم: صوتان من ولاية أوريغون، و4 من ولاية فلوريدا، و8 من ولاية لويزيانا، و7 من ولاية كارولينا الجنوبية.
استخدم المرشحون الديمقراطيون الاحتيال والعنف للفوز في انتخابات الولايات بالجنوب. لكن الجمهوريين كانوا مسيطرين على إدارة الانتخابات بالولايات، ما جعلهم قادرين على إلغاء أصوات انتخابية لتأمين فوز مرشحهم هايز.
وفي 5 مارس/آذار 1877، أعلنت لجنة انتخابية مشكلة من الكونجرس أن هايز هو الرئيس الـ19 للولايات المتحدة الأميركية، وفقاً لما جاء بموقع هافينغتون بوست.
انتشرت مخاوف بشأن اندلاع اضطرابات مدنية، وربما حرب أهلية ثانية بسبب هذه الأزمة السياسية، وسادت تكهنات بأن الانتخابات تم تزويرها لتفضيل مرشح ما لخدمة مصالح الحزب المسيطر على الحكم حينها. لكن تيلدن، الذي كانت لديه أسباب قوية للاعتقاد بأن الانتخابات مزورة، لم يشكك في شرعية النتائج واعترف بها.
ماذا عن ترامب؟
ولا يبدو أن المرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب سيحذو هذا النهج. فخلال المناظرات الانتخابية الأخيرة، رفض ترامب التصريح بقبوله نتيجة الانتخابات حال فوز هيلاري كلينتون.
في الواقع، بدأ ترامب في الحديث عن تزايد احتمالات تزوير الانتخابات ضده مع تضاؤل فرص فوزه.
ويعتقد 56% من الأميركيين أنه على ترامب قبول نتيجة الانتخابات الرئاسية في حالة خسارته اليوم الثلاثاء، الموافق 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ويرى 31%، من الذين ينادون بضرورة اعتراف ترامب بالنتيجة، أن عدم قبوله قد يشكل تهديداً للديمقراطية الأميركية، وفقاً لمسح أجراه موقع "هافينغتون بوست" هذا الشهر.
ويبدو الانقسام جلياً على المستوى الحزبي. فوفقاً لمسح "هافينغتون بوست"، يرى 48% فقط من الجمهوريين أنه على ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات حال فوز كلينتون بالرئاسة، مقارنة بـ77% من الديمقراطيين. في المقابل، يعتقد 86% من الجمهوريين أنه على كلينتون قبول نتيجة الانتخابات في حالة فوز ترامب مقارنة بـ67% من الديمقراطيين.
ويجادل خبراء ومراسلون سياسيون بأن قبول ترامب نتائج الانتخابات من عدمه لن يشكل فارقاً كبيراً نظراً لمحدودية الخيارات القانونية المطروحة أمامه.
ماذا سيحدث لو رفض ترامب النتائج؟
يقول آلان ليشتمان، المؤرخ السياسي بالجامعة الأميركية، لـ"هافينغتون بوست: "منذ التغيّر الذي أحدثه الرئيس توماس جيفرسون في القوة الحزبية في عام 1800، باتت العملية الديمقراطية قائمة على الانتقال السلمي للسلطة، وفكرة وجود المعارضة المخلصة. هل سيغير ترامب 200 عام من التاريخ الأميركي؟".
لا أحد يعرف الإجابة، لكن رفض ترامب للنتيجة سيغير تقليداً أميركياً بقبول الخسارة في الانتخابات الرئاسية، وقد يكون لهذا الرفض تداعيات طويلة الأجل.
بعض هذه التداعيات ستكون:
تقويض نفوذ الرئيس القادم
ويعتقد العديد من مناصري ترامب أن الانتخابات مزورة. فوفقاً لمسح مؤسسة بولتيكو/مورننج للاستشارات، يعتقد نحو 50% من مؤيدي ترامب بأن أصواتهم لن يتم حسابها.
ويقول ليتشمان: "إن هذا الوضع قد يصعب من مهمة كلينتون في الحكم. إذا لم يعترف الناس بشرعية الرئيس قد ينتقل هذا الشعور إلى المشرعين أيضاً.
إن عدم رغبة ترامب في قبول نتيجة الانتخابات قد يجعل النواب الجمهوريين في الكونجرس أقل ميلاً لإبرام مساومات مع نظرائهم، فضلاً عن الصعوبة التي قد تواجهها هيلاري عند محاولة كسب أي تأييد شعبي في أي قضية".
حالياً، يرفض النواب الجمهوريون في الكونجرس إجراء أي مساومات مع الرئيس الديمقراطي الحالي. ويكمن أحد الأسباب وراء هذا إلى الاعتقاد بأن أوباما ليس أميركي المولد، أو أنه ولد في كينيا، وأن شهادة ميلاده مزورة، ما يشكك في شرعية توليه لمنصب الرئاسة. ويقود ترامب هذه الحملة العنصرية الدينية لنزع الشرعية عن وجود أوباما في البيت الأبيض.
وفي يناير/كانون الثاني، كان لا يزال 53% من الجمهوريين يتساءلون ما إذا كان أوباما أميركياً.
إثارة العنف
ويسود حديث حول العنف الذي قد يندلع إذا رفض ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات.
وليس مستبعداً حدوث أمر كهذا. فقد مارس مناصرو ترامب عنفاً لفظياً وجسدياً ضد المتظاهرين. ودعا الضابط ديفيد كلارك من مقاطعة ميلووكي بولاية ويسكونسن مناصري ترامب إلى حمل عصي ومصابيح، بعد انتشار مزاعم حول تزوير الانتخابات.
ويتصاعد الهجوم ضد كلينتون ذاتها. ففي يوليو/ تموز دعا أحد مناصري ترامب إلى إعدام كلينتون بإطلاق النار عليها. اقترح ترامب نفسه إطلاق النار على كلينتون خلال حملته الانتخابية في أغسطس/آب. تبعه مناصر آخر في أكتوبر/تشرين الأول عندما قال "ينبغي التخلص من كلينتون. إذا كنت وطنياً فعلاً أفعل هذا".
ووفقاً لمسح أجرته صحيفة "يو إس أيه توداي" وجامعة سوفولك، يخشى نصف الناخبين تقريباً من حدوث عنف خلال يوم الانتخابات.
تقويض الديمقراطية
ويمتد خطر رفض ترامب نتيجة الانتخابات إلى تقويض الديمقراطية الأميركية نفسها. ويبدو هذا الرأي متطرفاً، لكن الديمقراطية الأميركية ظلت صامدة ومستقرة لفترة طويلة بفضل الانتقال السلمي للسلطة.
إذا انتهى هذا التقليد، قد يزعزع هذا اعتقاد الأميركيين بمدى فاعلية العملية الديمقراطية، وقد يدفعهم إلى العزوف عن المشاركة، وتبني أيديولوجيات سياسية متطرفة.
يقول مارك تيسلر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميتشجان: "ينبغي على الناخبين تأمل الكيفية التي تدار بها الانتخابات في الدول النامية. في 2007 أدت النتائج غير الواضحة للانتخابات في كينيا إلى اندلاع موجات عنف، قتل خلالها 1300 شخص، وهجر نحو 600 ألف آخرين.
ويتابع تيسلر بقوله: "يكون المنشقون عادة هؤلاء الذين لديهم مظالم اقتصادية وسياسية، ويأملون في الحصول على حلول لها عبر الانتخابات. وينطبق هذا الوصف على العديد من مناصري ترامب، الذين يعتقدون بأن النظام السياسي الحالي يعمل ضد مصالحهم. ويعد اعتقادهم بتزوير الانتخابات تأكيداً لهذا الشعور لديهم".
هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.