كانت إثيوبيا في السابق يدين أغلبها بالمذهب الأرثوذكسي المسيحي بالإضافة للدين الإسلامي، ومنذ عهد الإمبراطور هيلي سلاسي، كان المذهب الأرثوذكسي قد فرض كمذهب لجميع مسيحيي إثيوبيا، وكانت للكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية هيمنة كبيرة، وكان الملك يحكم البلاد بتفويض من الكنيسة؛ لهذا كانت كلمة هيلي سلاسي تعني قوة الثالوث، وهو لقب من الكنيسة للملك، وليس اسمه الحقيقي.
المنظمات الأجنبية ونشر المذاهب الجديدة
ومع اندثار عهد الإمبراطور ونهاية الأنظمة العسكرية، ظهرت المنظمات الأجنبية والغربية، وخصوصاً إبان فترة الجفاف التي ضربت البلاد في الفترة من 1984 إلى 1985، والتي شهدت فيها مناطق كثيرة من البلاد توقف الأمطار وهجرة الكثير من المواطنين للسودان، وخصوصاً من شمال إثيوبيا، وكانت هذه العوامل هي التي أدت لانتشار المذهب البروتستانتي في عدد كبير من إثيوبيا في غرب البلاد وجنوبها وأواسطها وشمالها بصورة كبيرة، وكانت المنظمات الأجنبية هي التي عملت على نشر هذا المذهب الذي يعتبر غريباً عن المجتمع الإثيوبي حتى بداية الثمانينات.
يقول الصحفي بلاي حدقو: إن هذا المذهب انتشر في عهد نظام الدرق، وذلك في بداية الثمانينات، وكان يمارس طقوسه الدينية في الخفاء، والإمبراطور لم يكن ظاهراً للعلن، وكانت هنالك مجموعة تعتنق المذهب في الخفاء، وقد وجدت الكثير من المضايقات وإن صار المذهب الأكثر انتشاراً في البلاد.
الدستور الإثيوبي والأديان
يعطي الدستور الإثيوبي جميع أفراد المجتمع الحق في اعتناق أي دين أو عقيدة أو فكر، وفي مادة من مواده يقول: لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، وفي بند آخر يقول إن الحكومة لا دين لها، وانتشر هذا المذهب كثيراً في مناطق كانت تدين بالوثنية، وخصوصاً مع انتشار نشاط المنظمات الأجنبية والشركات الأجنبية الغربية، مثل مناطق جنوب إثيوبيا، وغرب إثيوبيا، والذي أدى عمل المنظمات ونشاطها المتزايد إلى انتشاره بصورة كبيرة وسط المتعلمين، وهنالك منح دراسية يتم تقديمها للطلاب وبعض العوائل التي استفادت من هذه المنح، وخصوصاً البعثات الخارجية للتدريب وتحسين مستوى المعيشة، فأصبحت المنظمات الأجنبية مبشراً تعمل على نشر المذاهب المختلفة في البلاد.
يقول "ا.ل" إن الدستور يعطيني حق اعتناق أي عقيدة أو دين ونشر ديني أو ثقافتي؛ لهذا أنا أحاول أن أنشر تعاليم مذهبي وديني كيفما أشاء، وهذه نعمة كبيرة أعتقد أنها لا تتوفر في أي مكان آخر.
انتشار للكنائس الخاصة بالمذهب البروتستانتي
انتشرت الكنائس البروتستانتية التي تختلف في شكلها عن الكنائس التي تتبع للطوائف المسيحية الأخرى من حيث بنائها؛ إذ لا توجد بها مآذن ولا أشكال للصلبان، بل تكون في شكل قاعات ضخمة دون أي رموز دينية سوى كتابات بعض الشعارات، مثل كلمة يسوس التي تعني المسيح، وأصبحت هذه الكنائس الآن الأكثر انتشاراً وسط الأحياء، ودائماً ما تسمع أصوات الأناشيد التي تعتمد على الآلات الموسيقية الحديثة مثل الأورج ومكبرات الأصوات.
تبشير على الطرقات
صار أتباع المذهب البروتستانتي الآن يقومون في الشوارع العامة بعمليات تبشير واسعة في كل المدن، ويعملون على إيقاف المارة ويقدمون، أرضادات وعلميات تبشيرية ويقدمون مطبوعات خاصة بهم وتجدهم دائماً ما يهتفون في الطرقات بكلمات مثل "يسوس يدنال" وهي تعني أن المسيح يعالج.
"ق.ب" يقول إن عملية التبشير بهذه الطريقة أصبحت معروفة لدى أتباع هذا المذهب، ولديهم أساليب يتبعونها لإقناع الناس بتوفير فرص عمل ومنح دراسية لجميع الأفراد الذين يلتحقون بهم، وتجدهم في كل الطرقات وكل المدن وأحياناً تكون مثل هذه الأساليب مرفوضة لدى البعض الذين يشعرون بمضايقات من المبشرين.
هتافات في الطريق العام
خلال وجودك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أو بعض المدن الإثيوبية تجد هنالك مَن يهتف بأصوات عالية، في بادئ الأمر تعتقد أن هناك شجاراً، ولكن مع الاقتراب تجد أن هذا أسلوب متبع لبعض أفراد المذاهب البروتستانتية، الذين يقومون بتقديم نصائح للناس عن الدين وعن المذهب، الشيء الذي يتسبب لبعض المارة بالمضايقات في الشوارع واختراق للخصوصية.
وهنالك الكثير من المنظمات الخاصة بالكنائس التي تعمل في إطارات تبشيرية في عدد من المناطق في الولايات الإثيوبية، وخصوصاً التي تقدم الخدمات لسكان بعض المناطق في البلاد، وصار المذهب البروتستانتي الأكثر انتشاراً في إثيوبيا مع تزايد نشاط هذه المنظمات في الشرق الإفريقي، الشيء الذي أدى بدوره لخلو مدن كثيرة من المذاهب الأخرى، وأصبحت تتبع مذهباً واحداً هو البروتستانتي، خاصة في الجنوب والغرب من ولايات جنوب البلاد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.