يميل غالبية العرب والمسلمين الأميركيين إلى التصويت لصالح المرشَّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني. فحسب استطلاع لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، فإن 72% من الناخبين المسلمين ينوون التصويت لصالح كلينتون في مقابل 4 % للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، بينما لم يقرر 24 % التصويت لأي منهما.
ومن الواضح أن خطاب ترامب المعادي للمسلمين كان له الأثر الكبير في التفاف مسلمي أميركا حول كلينتون، إلا أن سياساتها وتوجهها هي الأخرى لا زالت تثير بعض المخاوف والتحفظات لدى العرب والمسلمين الأميركيين.
وتشمل هذه الشكوك سياسات كلينتون على مستوى الداخل الأميركي وحتى بشأن سياساتها الخارجية وتاريخها السياسي الداعم للتدخلات العسكرية في بلدان عربية سواء أثناء فترة توليها وزارة الخارجية خلال ولاية أوباما الرئاسية الأولى أو أثناء ما كانت عضواً في الكونغرس.
وقال القيادي في الجالية العربية الأميركية عبدالحكيم السادة بأن الحزب الديمقراطي يتمتع في الوقت الراهن بشعبية كبيرة في أوساط العرب الأميركيين وقد تنامت شعبيته في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن إشكالية هذه الانتخابات تتعلق بالمرشّحة هيلاري كلينتون نفسها.
مخاوف
ويرى السادة وهو أحد القيادات العربية الأميركية في الحزب الديمقراطي بولاية ميشيغان، بأن تخوفات العرب الأميركيين من فوز المرشحة هيلاري كلينتون مبررة وحقيقية وذلك لما لها من رصيد ومواقف موثقة "تخالف توجهاتنا كعرب وتتمثل في انحيازها المطلق والصريح لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية".
وأشار السادة في حديثه لـ"عربي بوست" إلى أن علاقاتها القديمة والحالية بالأنظمة التقليدية وغير الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط تعتبر كذلك أحد المآخذ عليها ويعتقد البعض بأن سياساتها في المستقبل لن تتغير بهذا الشأن.
ولفت المتحدث إلى أن قيادات الجالية العربية والإسلامية طرحت هذه المخاوف على المرشحة الرئاسية كلينتون وحملتها الرئاسية أثناء زيارتها لولاية ميتشغان التي يقطنها نسبة كبيرة من العرب والمسلمين، مضيفاً "عليها أن تتعامل مع قضايا المنطقة من خلال المصالح الحقيقية لأميركا وأن تأخذ بعين الاعتبار مصالح وحقوق الشعوب عند صياغة سياساتها المتعلقة بالشرق الأوسط وأن تضع القضايا الاقتصادية والتعليمية والثقافية على قائمة أولوياتها".
وعلى صعيد الداخل الأميركي، يرى السادة بأن هناك تحفظات أيضاً حول مواصلة كلينتون لسياسة أوباما في بعض القضايا كقضية التأمين الصحي أو ما يعرف ببرنامج "أوباما كير" المثير للجدل وكذلك "السياسات الليبرالية" وخصوصاً تلك التي لا تراعي التنوع الثقافي والديني والعرقي المتزايد وهي ما يعتبرها البعض سبباً رئيسياً في صعود تيار اليمين المتشدد بالولايات المتحدة.
ويرى السادة بأن العرب والمسلمين الأميركيين يسعون إلى خلق سياسات متوازنة ومعتدلة تحمي الحقوق الدستورية والقانونية للجميع وتحافظ على خصائص المسلمين الدينية والثقافية والتي في الحقيقة تعبر عن قناعة الكثير من شرائح المجتمع الأميركي المتنوع، حسب قوله.
غضب
ومن جهتها ترى إنجي عبدالقادر، المحاضرة في جامعة جورج تاون والباحثة المختصة بقضايا المسلمين في معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، أن المسلمين الأميركيين طالما عبروا عن مخاوفهم وخيبة أملهم نحو سياسات هيلاري كلينتون وتعاملها مع الأقلية المسلمة من منظور حماية الأمن القومي لا أكثر.
وانتقدت عبدالقادر في حديثها لـ"عربي بوست" أحد تعليقات كلينتون على دونالد ترامب وذلك حينما ردت عليه بشأن سياسته وخطابه العنصري ضد المسلمين بأنه لا يجب عليه فعل ذلك، قائلة: "المسلمون عيوننا وآذاننا في الجبهة الأمامية لمكافحة التطرف والإرهاب".
ولفتت الباحثة إلى أن الكثير من المسلمين استاء من استخدام كلينتون لهذا التعبير لأنه كان يجب عليها معارضة تعصب ترامب ضد المسلمين باعتبار أن الأمر يتعارض مع القيم الوطنية التي تأسست عليها الولايات المتحدة ولأن الدستور يحمي حرية الأديان ويضمن المساواة للجميع، وليس فقط لأن المسلمين مجرد وسيلة لمواجهة التطرف.
وتتفق الباحثة إنجي عبدالقادر بأن قادة المسلمين الأميركيين يعتقدون بأن خطاب كلينتون ونظرتها للمجتمع المسلم يحتاجان للتغيير، فقد أشارت إلى أنه في نهاية المطاف لا يزال الكثير يعتقدون بأن التنوع موجود داخل أروقة الحزب الديمقراطي الذي تمثله للرئاسة هيلاري كلينتون، وأن ذلك كان واضحاً من خلال مؤتمر الحزب القومي الذي عقد قبل أشهر وذلك حينما سرق الأميركي المسلم خازر خان والد النقيب في الجيش الأميركي همايون، الأضواء بعد خطابه الذي ألقاه عن ابنه الذي قتل في العراق دفاعاً عن بلده أميركا وكان خطاباً مؤثراً سلب عقول وقلوب الأميركيين، كما استخدمت كلينتون في وقت لاحق أجزاء منه في إعلاناتها الانتخابية في مؤشر –تراه الباحثة- جيد ويعمل على تقديم الصورة الحقيقية للمسلمين الأميركيين.
"نستطيع"
وتخلص عبدالقادر بالقول "علينا في النهاية الإقرار بأننا كمجتمع أميركي مسلم أصبحنا نستطيع التأثير في نتائج الانتخابات وخاصة في الولايات المتأرجحة حيث يمثل فيها المسلمون قطاعاً كبيراً من السكان وذلك هو الحال في ولايات بنسلفانيا وأوهايو وفلوريدا".
ويشار إلى أن عدد المسلمين الأميركيين يقدر بأكثر من ثلاثة ملايين نسمة. إلا أن مليوناً واحداً فقط من هؤلاء مؤهلون للتصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك طبقاً لما أعلن عنه المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية الذي قاد حملة واسعة خلال الأشهر الماضية من أجل تسجيل المسلمين في سجلات الناخبين وذلك رداً على دعوة ترامب لحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. وإذا ما صوت جميع هؤلاء فسيكون عدد المصوتين المسلمين قد تضاعف بنسبة 50% عما كان عليه الحال في انتخابات 2012، إذ تشير إحصائيات مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية إلى أن 500 ألف مسلم فقط شاركوا في تلك الانتخابات.