أنهت المعارضة الكويتية بمختلف أطيافها، من الليبراليين إلى الإسلاميين مروراً بالقوميين مقاطعتها للانتخابات، وذلك على أمل العودة إلى مقدمة المشهد السياسي، بعد غياب اعتُبر ضاراً، واستمر أربع سنوات.
لكن المحللين يشككون في إمكانية تحقيق المعارضة هدفها، المتمثل في تشكيل قوة ضاربة في البرلمان المقبل لهذا البلد، الذي يتبع سياسة الدولة الراعية لمواطنيها، ويشهد أزمات سياسية متكررة.
ودفعت خصومة جديدة بين البرلمان والحكومة، رغم أن البرلمان ليس مناوئاً للحكومة، بشأن إجراءات تقشف، دفعت أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى حل البرلمان في 16 تشرين الأول/أكتوبر.
واحتج بعض النواب على إجراءات التقشف الحكومية، وخصوصاً رفع أسعار المحروقات، الذي قرَّرته الحكومة لمواجهة تراجع عائدات الخام.
وانتقد العديد من الكويتيين -المعتادين على سخاء الدولة- رفعَ أسعار المنتجات النفطية (من 40 إلى 80%)، وطالب بعض النواب الحكومة بتعويض المواطنين الكويتيين.
وتضم الكويت 1,3 مليون كويتي 30% منهم من الشيعة، إضافة إلى ثلاثة ملايين مقيم أجنبي.
وسجلت الكويت عجزاً في ميزانيتها بقيمة 4,6 مليار دينار كويتي (13,7 مليار يورو) في السنة المالية الأخيرة، التي انتهت في 31 آذار/مارس، وذلك بعد 16 عاماً من الفائض في الميزانية، بفضل ارتفاع أسعار النفط.
انتهاء سياسة الكراسي الفارغة
ويخوض أكثر من 30 مرشحاً معارضاً انتخابات 26 تشرين الثاني/نوفمبر لتجديد البرلمان المكون من 50 نائباً.
وعاد نواب سابقون وقيادات مجموعات سياسية وأعيان آخرون إلى التجمعات الانتخابية، في هذا البلد الطلائعي في المنطقة في مجال الديمقراطية البرلمانية، حيث انتخب أول برلمان فيه في 1960.
وقال المرشح الإسلامي والنائب السابق محمد الدلال إن مشاركة المعارضة بعد المقاطعة التي نجمت عن تحوير القانون الانتخابي ضد مصلحة المعارضين، "أصبحت ضرورية، وذلك من أجل الإصلاحات في الكويت ومواجهة الفساد وتعزيز الديمقراطية".
وأضاف: "بعد مرور 4 سنوات (على المقاطعة) انحدرت الأوضاع السياسية، وازدادت وتيرة الفساد، وفشلت الحكومة والبرلمان في معالجة القضايا الاقتصادية والأمنية المهمة".
من جهته قال المرشح الليبرالي عبدالرحمن العنجري، الذي يسعى إلى استعادة مقعده في البرلمان إنه "لا يجب ترك البرلمان دون معارضة، ولا يوجد خيار لمواجهة هذا الوضع غير المشاركة في الانتخابات".
لا شيء سيتغير
وقال المحلل السياسي ناصر العبدلي، وهو رئيس الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية: "اكتشفت المعارضة أن المقاطعة لم تكن الخيار الصحيح. في الحقيقة وجدوا أن غيابهم تسبب في عزلتهم" عن الشعب.
وأضاف أنه يعتقد "أن المقاطعة أضعفت المعارضة بشكل كبير".
وقلَّل المحلل السياسي محمد العجمي من حظوظ المعارضة في الانتخابات نتيجة للمقاطعة والخلافات بينها.
وقال: "إنه سيكون هناك تواجد للمعارضة في البرلمان، لكنه لن يكون كبيراً أو مؤثراً".
ويملك البرلمان في الكويت صلاحيات كبيرة، حيث يراقب عمل الحكومة، ويمكنه إقالة وزراء وحتى رئيس الحكومة، لكن أمير الكويت يملك إمكانية حله في أي وقت.
وعلاوة على ذلك فإن النظام السياسي الكويتي ينص على أن يكون رئيس الحكومة من الأسرة المالكة، التي تحكم البلاد منذ 250 عاماً. وتتولى الأسرة المالكة المناصب الرئيسية في الحكومة، مثل وزارتي الدفاع والداخلية.
في الأثناء أصرَّ عدد من نواب المعارضة البارزين، ومنهم رئيس البرلمان السابق والمعارض المخضرم أحمد السعدون، على الاستمرار في المقاطعة، لأن المشاركة لن تغير الوضع.
وكتب السعدون على حسابه في "تويتر" إنه بسبب بقاء الأسباب نفسها وانسداد أفق العمل البرلماني وتفاقم الأزمة السياسية فإن المقاطعة ستستمر.