تلقت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي (IMF)، بعد رحلتها إلى الرياض الأسبوع الماضي، إجابة واضحة إثر سؤالها عما إذا كان ينبغي على المملكة العربية السعودية أن تعمل على إيجاد طرق جديدة لزيادة الإيرادات، وبالتالي تقليل اعتمادها على النفط، باعتبار ذلك خطوة أساسية لإخراج نفسها من الأزمة المالية الحالية.
وقالت لاغارد كذلك إن على المملكة مواصلة جهودها لكبح جماح إنفاقها، فقد "بدأ التكيف المالي، والحكومة تحتوي النفقات وتكسب إيرادات إضافية". وأضافت: "على هذه الجهود أن تستمر على المدى المتوسط، بما في ذلك زيادات أخرى في أسعار الوقود التي لا تزال منخفضة وفقاً للمعايير الدولية".
وتأتي تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي في وقت تتعرض فيه خزينة السعودية -ثاني أكبر منتج للنفط وأكبر مُصدّر له في العالم- لضربة وسط التعكر الذي دام عامين ونصف مسيطراً على أسواق النفط العالمية التي شهدت انخفاضاً في الأسعار من 115 دولاراً للبرميل الواحد في منتصف صيف 2014، إلى نحو 40 -50 دولاراً في الوقت الحالي. وقد تراجعت الأسعار إلى نحو 20-30 دولاراً في يناير/كانون الثاني، لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال 12 عاماً.
وسجلت المملكة العربية السعودية -نظراً لانخفاض أسعار النفط- عجزاً شديداً في الميزانية وصل إلى 98 مليار دولار في العام الماضي، مع توقع عجز يُقدر بنحو 87 مليار دولار لهذا العام. كما تتضاءل الاحتياطيات الأجنبية، بينما يحاول البنك المركزي دعم الاقتصاد، بحسب ما ذكرت مجلة "فوربس".
كما اضطرت المملكة إلى رفع 17.5 مليار دولار في أول عملية بيع سندات دولية، وكذلك تطبيق تدابير تقشف مكروهة، منها خفض رواتب موظفي الحكومة والمزايا الأخرى. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الرسمية تسبب ارتفاع أسعار الغاز وخفض الدعم في صدمة للمواطن العادي.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، خُفضت رواتب المسؤولين السعوديين بنسبة 20٪ على الأقل، وانقطعت بدلات السيارات والهواتف. وفي المقابل خسر العمال العاديون راتب 11 يوماً عندما تحولت الحكومة إلى التقويم الشمسي. وصارت مدة الإجازات السنوية 30 يوماً.
على المدى الطويل
في وقت سابق من هذا العام أعلنت المملكة العربية السعودية أنها تحاول تحرير نفسها من الاعتماد على عائدات النفط، حيث قال الأمير محمد بن سلمان، نائب ولي العهد السعودي، إن المملكة كشفت خطط إصلاح واسعة لخفض اعتمادها على ما وصفه بأنه "إدمان خطير للنفط".
وفي هذا السياق، قال الأمير محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية: "نعاني من إدمان شديد للنفط، وهو أمر خطير؛ إذ تأخر تطوير القطاعات الأخرى". وأضاف أن الرياض تحتاج لخفض اعتمادها على عائدات النفط الخام.
ويعد بيع أسهم في شركة أرامكو السعودية Saudi Aramco جزء من هذه الخطة، وهي أكبر شركة للنفط في العالم. ويقال إن الشركة ستقدم اكتتاباً عاماً في وقت ما أوائل عام 2018،. وقال ولي العهد أيضاً إن جزءاً من خطته الجديدة سيسمح للنساء بلعب دور أكبر في المجتمع.
وبالإضافة إلى ذلك، سيُستخدم صندوق الثروة السيادية، بتمويل من المال المُكتسب من بيع الأسهم في شركة أرامكو السعودية، للاستثمار في شركات ومشاريع أخرى في الخارج. فيما قالت السعودية إنها ستزيد رأس المال الصندوق ليصل إلى 7 تريليونات ريال (تريليونا دولار أميركي).
وأضاف الأمير أن الخطط الجديدة تشمل زيادة حصة القطاع الخاص في الاقتصاد من 40٪ حالياً إلى 60٪، والحد من البطالة من 11٪ إلى 7.6٪ مع زيادة الدخل غير النفطي.
ومنذ ذلك الحين أبدى مسؤولون في الحكومة السعودية بعض الملاحظات المقلقة بشأن حالة الاقتصاد في المملكة. فقبل أسبوعين، قال محمد التويجري، نائب وزير الاقتصاد السعودي، إنه "إذا لم تتخذ المملكة العربية السعودية أي تدابير للإصلاح، وإذا استمر الوضع الاقتصادي العالمي على ما هو عليه، فسيكون محكوم علينا بالإفلاس في غضون 3 أو 4 سنوات".
ورغم تصريحات السعودية بأنها ستفطم نفسها من النفط، لا زالت تضخ النفط وبكثرة؛ إذ أبلغت السعودية منظمة الأوبك بأنها في يوليو/تموز ضخت 10.67 مليون برميل من النفط بشكل يومي. ومن وقتها حافظت المملكة العربية السعودية على الإمدادات في هذا المستوى أو أقل، لكنها لا زالت قريبة من المستوى القياسي الذي سجلته في الصيف الماضي.
وفي الوقت الذي يصعب فيه الحصول على أرقام موثوق بها عن تكلفة السعوديين للعمل العسكري في اليمن، قال تقرير لرويترز العام الماضي إن المملكة ستنفق نحو 175 مليون دولار شهرياً في الضربات الجوية باستخدام 100 طائرة مقاتلة، بينما يتوقع أن تكون أي عملية واسعة طويلة الأمد للاستيلاء على الأراضي أكثر كلفة بمرات.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع forbes. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.