عيد ديوالي

اليوم هو عيد كالأعياد التي رأيتها، عيد الدوالي أو هو عيد انتصار النور على الظلام، أو قد يسمى انتصار الحق على الشيطان، تشعُّ الليالي بالأنوار، وتُسمع أصوات الفرح من الأطفال والكبار، يتشارك الجميع فيه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/04 الساعة 18:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/04 الساعة 18:17 بتوقيت غرينتش

في رحلة الحياة ترى العجائب من هنا وهناك، ففي كل مكان تحط الرحال فيه ترى الكثير من العادات والتقاليد في البلد نفسه، وفي البلدان التي تزورها، هذا الذي رأيته في رحلتي في هذه الحياة، ففي كل مكان زُرته كانت هناك أشياء جديدة رأيتها، منها ما تعلّمته، ومنها ما سرّ ناظريّ، ومنها ما غيَّر تفكيري، ومنها ما أثار اشمئزازي، لكنها كلها كانت -وما زالت- جميلة، وما زلتُ أذكرها في حياتي.

أثناء ما حططت الرحال في هذه الدولة الكبيرة التي رأيت العجب والعجائب فيها من ثقافات بمختلف أنواعها، كيف التعايش هنا، وكيف كانت الصدمة بادئ الأمر، ثم تحولت لدروس نتعلم منها الكثير، فالمزج بين الحيوية والبساطة، أعني بساطة الإنسان التي فقدناها في بلداننا اليوم، يعود إلى ناظريّ ليُحرك شيئاً من الحنين لزمن كان يسمى زمن الطيب في بلدان العرب، فكثيرة هي تناقضات هذه البلدان، الكثير يتبع ما هو زائل، ما هو مرتحل، وما هو لا ينفع، فالمظاهر تبقى نفسها، ولبّ الروح إن تغيّر تغيرت الكثير من الأشياء.

الهند بلد العجائب، بلد رأيت فيه الكثير، وزرت الكثير من مناطقه، وفي كل مكان أزوره، أجد شيئاً جديداً، فمختلف الأديان تعيش معاً، يتشاركون كل شيء، حياتهم بسيطة، مع هذا أجدها مليئة بالحيوية، تنفتح أبواب الحياة مبكراً هنا، والكل يفتتحها بمختلف اعتقاداته، من ينثر الورد، ومن يشعل الشموع، ومن يزين أبوابه بالرموز والرسوم، ومن يذهب إلى الجوامع ليصلي، ومن يدخل الكنيسة مع دق أجراسها ليرفع دعواته.

حيدر آباد، مقر إقامتي، كانت جميلة رغم صعوبة الأيام التي أعدها هنا؛ لكني رأيت الجمال في ساكنيها، بساطة الحياة تُغنيك عن الكثير، كل شيء بسيط من البشر إلى التعامل، لا شيء ذو صعوبة تجده، رغم اختلاف ساكنيها، رغم اختلاف أديانهم، فإن تعايشهم بسلام لا ينتهي.

اليوم هو عيد كالأعياد التي رأيتها، عيد الدوالي أو هو عيد انتصار النور على الظلام، أو قد يسمى انتصار الحق على الشيطان، تشعُّ الليالي بالأنوار، وتُسمع أصوات الفرح من الأطفال والكبار، يتشارك الجميع فيه، يقومون بتزيين البيوت بالأنوار والورود، وبمختلف الألوان ترسم رموز الفرح على مداخل الأبنية، تتخللها الألوان الزاهية، تسمع انفجارات لكن ليست كالتي أعرفها في بلدي، هي انفجارات الفرح تُرمى، الإطلاقات النارية، أو الألعاب النارية، فرحاً بطرد الشر، وانتصار الخير.

تفتح المتاجر لتبيع هذه الألعاب، وتباع الورود والشموع؛ لتنبض الحياة ليلاً ونهاراً؛ لتنبض الأفراح.

الكل سعيد، أشياء بسيطة لكنها جميلة، فما زلت أرى الألوان المختلفة هنا تنبض بالحياة بعيداً عن الألم، عن كل شيء، رغم مرارة وصعوبة حياتهم التي رأيتها.

أعود لأذكر حياتي في بلدي، بلد الخيرات، بلد ما زال يعيش مرارة الأيام، من شعب وحكومة وكل شيء فيه، كلها مختلفة، من طغيان الإنسان إلى لون الدم الذي لم ينتهِ فينا، وما زلنا نتبعه بالحقد؛ لكي لا تنطفئ نيران الفتنة، أعود لأذكر كيف غادرني صاحبي برصاصة؛ ليرقد تحت التراب، أو كيف غادرني صديقي؛ لأنه ينتمي لقومية أو طائفة أو ديانة ثانية.

أعود في طريقي إلى حياة عِشتها بسنينها هناك، بين لون السواد، فرايات الحزن ما زالت تزين الجدران، أو لون الدم الذي سقى الأرض، فقدنا الكثير، ولكن لم نفقد بثرة الطغيان، لم نفقد بثرة الحقد والعدوان، الورد لم يزين البيوت عندنا، بل زين القبور، وهذا ما سمعته عن ماضينا، وما رأيته في حياتي، إن في بلد اسمه العراق لا شيء يمضي سوى الحزن، وأنا أقول: إن لم نغيّر أنفسنا، سيبقى حزننا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد