المدخن يدمّر حمضه النووي وأشياء أخرى.. أستاذ بيولوجي شبهها بلعبة الموت

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/04 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/04 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش

دراسات كبرى تكشف الأسباب الأصلية للسرطان وكيف يؤدي التدخين إلى تحور الحمض النووي وظهور أكثر من 10 أنواع من الأورام.

أوضحت أول دراسة شاملة حول مدى خطورة التبغ على خلايا الإنسان، أن دخان السجائر له تأثير مدمر على الحمض النووي للإنسان.

فقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يدخنون علبة سجائر يومياً على مدار عام كامل يعانون في المتوسط أكثر من 150 عملية تحور إضافية في خلايا الرئتين ونحو 100 عملية تحور في خلايا الحبال الصوتية. وهناك تحورات أخرى أيضاً تتم دراستها حالياً في الفم والمثانة والكبد وأعضاء أخرى.

ورغم أنه من المعروف، منذ وقت طويل، أن المواد الكيميائية الموجودة في التبغ تزيد من مخاطر الإصابة بأكثر من 17 نوعاً من أنواع السرطان، فإن الآليات الجزيئية المحددة التي يتحور الحمض النووي وتنشأ الخلايا السرطانية من خلالها ليست واضحة حتى وقتنا هذا.

وذكر ديفيد فيليبس، أستاذ علم التسرطن البيئي بجامعة كينجز كوليدج – لندن وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، أن "الدراسة تتعلق بالتوصل إلى الأسباب الأساسية للسرطان. ومن خلال التوصل إلى تلك الأسباب الجذرية، فإننا نحصل على المعلومات التي نريدها من أجل التفكير بصورة أكثر جدية في القضاء على مرض السرطان".

من المعروف أن أكثر من 70 من بين المواد الكيميائية، البالغ عددها 7000، الموجودة في التبغ تسبب الإصابة بمرض السرطان. وبعضها يصيب الحمض النووي مباشرة؛ إلا أن البعض الآخر يؤدي إلى التحور بأساليب خبيثة، وغالباً ما يكون ذلك من خلال تعطيل عمل الخلايا أو الإخلال بنمطها. وكلما احتاجت الخلية إلى المزيد من عمليات التحور، يزداد احتمال تحولها إلى خلية سرطانية.

وذكر لودميل ألكسندروف، متخصص البيولوجيا النظرية بمعمل لوس ألاموس القومي بنيومكسيكو والمؤلف الرئيسي للدراسة، أن "الأمر يشبه لعبة الروليت الروسية. فقد تخطئ الجينات المناسبة. ولكن، إذا كنت تدخن فإنك لا تزال تمارس اللعبة".

إنها رسالة قوية للغاية لهؤلاء الذين لم يبدأوا في ممارسة عادة التدخين. فإذا قمت بالتدخين ولو قليلاً، فإنك تقضي على المواد الوراثية لمعظم الخلايا في جسمك. فالتدخين هو أكثر أسباب الإصابة بالسرطان في العالم ويعد مسؤولاً عن ربع حالات الوفيات في المملكة المتحدة.

قام ألكسندروف بتحليل الحمض النووي لأكثر من 5000 مصاب بالمرض بالتعاون مع باحثين بمعهد Wellcome Trust's Sanger. وانتقل الفريق بعد ذلك إلى العمل من خلال برمجيات التعرف على الأنماط لتحليل دلالات التحور المتعددة الموجودة بالأورام فيما بين المدخنين وغير المدخنين.

وللعثور على تلك الدلالات – أنماط التحور الموجودة بالخلايا السرطانية – قام الباحثون بمحاكاة المعادل الوراثي لتسجيل الثرثرة خلال إحدى الحفلات ثم استخراج الحوارات الفردية وسط كل تلك الضجة.

وجد العلماء أكثر من 20 من دلالات التحور في 13 نمطاً من أنماط السرطان ترتبط بتدخين التبغ. ومع ذلك، كانت هناك 5 أنماط فقط أكثر شيوعاً في الأورام التي يصاب بها المدخنون. ووُجد أن أحد أنماط التحور، المعروف باسم الدلالة الرابعة، يمثل المحرك الرئيسي وراء الإصابة بسرطان الرئة. ومن المعتقد أنه ينتج عن مادة البنزوبيرين الكيميائية الموجودة في دخان التبغ.

وكان الأمر الأكثر إثارة للانتباه يتمثل في كيفية تسبب التبغ في هذه التحورات بالأنسجة التي لا تتعرض بصورة مباشرة للدخان، مثل المثانة والكلى والبنكرياس.

وقد وجدت الدراسة أن المواد الكيميائية الناجمة عن دخان التبغ تجد طريقها إلى الأعضاء والأنسجة المختلفة ثم تزيد من سرعة الساعات الجزيئية بالخلايا. ويؤدي ذلك إلى تكثيف المعدل الطبيعي لعمليات التحور بالأنسجة.

وذكر ألكسندروف، الذي تم نشر دراسته بصحيفة العلوم: "كنا نعلم أن هناك أضراراً مباشرة للتدخين على الرئتين. ولكن، ما لم نتوقعه هو أن نرى أن التدخين يسارع من عمل الساعة الجزيئية داخل الخلايا.

وأضاف: "وفي سرطان المثانة، فإن الأمر الوحيد الذي يسبب حدوث تحورات إضافية لدى المدخنين هو تسارع عمل الساعة الجزيئية، ويعتمد ذلك على كثافة التدخين. ومقابل كل علبة سجائر تدخنها سنوياً، فإنك تضيف 18 تحوراً في جميع خلايا المثانة".

ويأمل العلماء أنه من خلال فهم كيف تؤدي العناصر الفردية لدخان التبغ إلى زيادة مخاطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان، يمكنهم استحداث سبل جديدة لمنع الإصابة بالمرض. وسوف يتم حالياً تطبيق التقنيات نفسها المستخدمة في الدراسة الأخيرة للكشف عن كيفية مساهمة الكحوليات والبدانة والعوامل الأخرى أيضاً في زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان.

وذكر ألكسندروف: "هناك رسالة للأشخاص الذين يدخنون التبغ من حين لآخر أو في المناسبات الاجتماعية فقط ويعتقدون أنه لا يضرهم. إذا قمت بتدخين 4 أو 5 علب سجائر خلال حياتك، لا يبدو ذلك كثيراً، ولكنك تتعرض لتحورات في كل خلية من خلايا الرئتين ويكون ذلك التحور دائماً. فهناك الكثير من الأمور التي تعود لطبيعتها عند التوقف عن التدخين، وينبغي ألا يثبط ذلك من عزيمة المدخنين ويثنيهم عن الإقلاع عن التدخين. ومع ذلك، فإن التحورات المحددة بخلايا الرئتين تكون مثل الندبات. وحتى لو امتنعت عن التدخين، فستظل موجودة ولن تختفي".

­- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد