"المرء يجني ثمار أفعاله".. أؤمن بأن هذه المقولة الشائعة هي أكثر من مجرد حكمة أو نصيحة في مضمونها، بل هي بمثابة قانون مطلق يثبت صحته وجدارته في كل مرة.
طال الزمن أو قصر ستجني ثمار ما فعلت أو حتى ما نويت -بإخلاص- أن تفعل.
مهما بالغت في حرصك وحذرك، مهما تغيَّرت أنت أو تغيرت الظروف، مهما بدا لك الأمر بعيد الحدوث.. سيحدث يوماً ما سينعش ذاكرتك على الفور بفعلتك القديمة التي طواها النسيان خيراً كانت أو شراً.
الأمر لا يحتاج إلى قدر وافر من الإيمان لإدراكه، بل يحتاج فقط للعقل والتأمل البسيط لحوادث الدنيا والبشر من حولنا.
وعلى الرغم من ذلك، ما زال الناس يرددون هذه العبارة فقط عند تعرضهم للظلم وهم يهزون رؤوسهم في حكمة (حقاً.. كما تدين تدان)، دون أن يمتلكوا الشجاعة الكافية للاعتراف -ولو سراً- بأنه ربما كان ذلك ديناً قديماً موجَب السداد!
"كما تدين تدان".. الأمر حقاً بهذه البساطة!
إنها حلقة متصلة تشمل كل الناس منذ بدء الخليقة، وعلى الأرجح فإنها ستستمر حتى نهايتها أيضاً.. لماذا؟.. لأننا بشر!هذا ما نفعله في الأساس.. نخطئ، ونخطئ، ثم نخطئ مجدداً، وقليل من يتعظ أو يعتبر!
في الحقيقة فإن الأمر لا يبدو بهذا السوء، فمن الجميل أن ندرك أن هناك عدالة حقيقية في هذا العالم، عدالة هي أكبر منا جميعاً، عدالة تقتص لكل مظلوم دون اعتبار لمقاييسنا الدنيوية القاصرة، وترد بالحسنى على أولئك الذين قدموا الخير مسبقاً دون انتظار المقابل.
ربما لو ترسخ ذلك اليقين بعمق داخلنا، لهدأت نفوسنا قليلاً وارتاحت، ولانشغلنا عن الانتقام بمد يد العون لمن يحتاجها لنفاجأ بكليهما يعود إلينا من جديد دون جهد حقيقي، بل إنه كلما طال الصبر بدت اللحظة المنشودة أكثر استحقاقاً وعذوبة.
شاهدت منذ أيام فيلم "pay it forward" وقد فُتنت تماماً بالفكرة التي تقوم على نفس القاعدة، وهي ما الذي يمكن أن يحدث لو أن كل شخص قام بتقديم ثلاث مساعدات كبيرة لثلاثة أشخاص مختلفين هم في أمَسّ الحاجة لها، وذلك في مقابل أن يرد كل منهم المعروف بتقديم ثلاث مساعدات أخرى لثلاثة أشخاص وهكذا إلى ما لا نهاية؟!
بالتأكيد كان العالم سيصبح مكاناً أفضل!
ومنذ ذلك الوقت والأمر يراودني كحلم يقظة جميل أتمنى لو يتحقق على أرض الواقع، فقط لو أن الناس يدركون القوة الحقيقية الكامنة في الخير، وأن ثماره ألذّ وأبقى من ثمار الانتقام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.