نعيب غيرنا والعيب فينا!

أبحث عن أجوبة لكلمات نكتبها، ستبقى مدونة في صفحات أو تطوى مع صفحات الإنترنت، لكن يبقى لها أثر سيذكر حتى بعد رحيلنا، نكتب الجمال والأمل أم نكتب الحزن والكره، كله سنحصده كبذور نثرناها في الأرض وننتظر وقت الحصاد

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/02 الساعة 01:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/02 الساعة 01:30 بتوقيت غرينتش

كل شيء كما هو لم تتغير الأشياء من حولي، فالسماء والأيام والليل والنهار والنجم المشع في السماء وشمس ابتداء الحياة وعقارب الساعة التي تدور كلها لم تتغير، ألوان البشر واختلافهم، دينهم وعقائدهم باقية، الحيوانات نفسها فلا شيء من حولنا تغير، ما زلنا نغفو على وسادتنا بعضنا يملك الحلم، والبعض يملك الدمع، والبعض يملك الأحزان، وآخرون غادروا فرشة النوم للسهر، عجلة الحياة والأيام لم تتغير سوى باختلاف اثنين؛ العمل، الوقت.

كل شيء كما هو، ولكن هناك النفوس التي تغيرت، الكلمات والأحاديث وطرق التواصل بيننا كلها تغيرت فينا، أمضي في هذا العالم الكبير أشاهد، أسمع، أسافر، أتابع، وأرى الاختلاف من هنا وهناك، أرى الكبير والصغير، الشباب باختلاف أجناسهم، أرى التشابه في البعض، والاختلاف في البعض، أرى المتجردين من الإنسانية، وأرى الطاغين في الدين حتى أصبح دينهم اللادين، أرى أصحاب المبدأ وغيرهم من لا مبدأ لهم، أجد النفس في حياة لا وصف لها، فذلك الظلام ما زال يخيم هنا وهناك، ما زال الصراع يخيم بين الإنسانية والشر، ومن هناك دعاة الاختلاف.

على الرغم من أن الحياة هي نفسها الأيام، وعجلتها الزمان والنبات والأشجار وكل المخلوقات هي نفسها، رغم هذا أجد نفسي أعيش بين تفاهات الكراهية ودعاة الاختلاف، أجد الردود في عالم التواصل وأرى تغاريد بني البشر وكأنَّ العالم الكبير أصبح قرية صغيرة فيها حروب مستعرة وبطولات بين الوهم وإشعال الكراهية، هنا أتوقف وأُراجع شريط حياتنا إلى الماضي أو ما يسمى الجميل، لكنه كان جميلاً ببساطة الحياة وطيب الموجودين لاكتشاف أن الطيبين موجودون في هذا العالم كَبُرَ أغلبهم معنا وبعضهم فارقنا، وبعضنا وقع في سلاسل قسوة الإنسان؛ ليمضي بعيداً هناك، حيث لا أحد يبحث عن حريته، وهو المنسي هنا وهناك.

ما زلت أبحث عن عنوان أو أبحث عن بعض كلمات أصف بها هذا الصراع الذي نعيش فيه، أغوص في بحار الحروف أبحث عن قليل الكلمات أو شيء من المعاني، أجبر القلم وأعلم أنه سيبكي على الأوراق من قسوة المشهد، فرغم الطيبين ورغم الباحثين عن الإنسانية، رغم الطيبين الذين اختفى طيفهم لتجنب قسوة ما نعيشه، أو أصبحت حياتهم من خلف ألقاب وأسماء لا علم لنا بشخصهم، على الرغم من هذا كله، ورغم بصيص الأمل في هذه الحياة، دوماً ما نصطدم بقسوة هذا العالم الذي يقطنه ما يسمى بالبشر، نلعن الزمان وننسى أنفسنا، نلعن الحياة وننسى أفعالنا، نسب الملوك وننسى أصواتنا وهتافاتنا لهم، ننسى وننسى؛ لنصل إلى أن ننسى أنفسنا وإنسانيتنا فروحنا.

وما زلت أبحث عن كلمات وحروف، وأبحث عن قلم يكمل كتابة هذا الواقع ويدوّن أحداثه بكل تفاصيله، أفعالنا، أخطاءنا، طغياننا وبحثنا عن عبوديتنا بحجة الحرية، رغم يقيننا أن الأحرار هم المنسيون في هذا العالم، هم الذين لا يُذكرون، هم أحرار لأنهم لا يعرفون هذه الحياة بعد، كطفل أتى اليوم إلى الحياة.

ما زلت أبحث عن أجوبة عن المتدينين الذين طغوا بعبادتهم لحد أن تشوهت صورة الدين وتشوهت صورة الجمال، وتشوهت صورة التسامح مع النفس قبل الغير، أبحث عن أجوبة لكلمات نكتبها، ستبقى مدونة في صفحات أو تطوى مع صفحات الإنترنت، لكن يبقى لها أثر سيذكر حتى بعد رحيلنا، نكتب الجمال والأمل أم نكتب الحزن والكره، كله سنحصده كبذور نثرناها في الأرض وننتظر وقت الحصاد.

أجلس وحيداً في زاوية من غرفتي المظلمة دوماً، لا ضوء يرافقني سوى ضوء سيجارة لا تفارق فمي وكوب من الشاي أو القهوة، أرحل في الأفكار لأجوب هذا العالم معاً، أسئلة وأجوبة كثيرة أجدها لا جواب لها، ما زلت أبحث عنها، ومع هذا أتذكر دوماً ما أخبرتني به هذه الحياة في طريقي، لا شيء أجمل من التسامح، ولا شيء أجمل من البساطة، كلماتك، أفعالك، كلها ستجني منها شيئاً بخيره وشره.

رسالة لنفسي ولمن يقرأ حروفي: كن حراً بأشيائك كلها، سمحاً تبحث عن الجمال لتجد الجمال، تكتب عن السلام ليعُمَّ السلام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد