يريد التحالف الدولي المناهض للجهاديين الذي أطلق قبل 10 أيام المعركة لاستعادة الموصل في العراق، مهاجمة الرقة "العاصمة" الثانية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، لكن المهمة تبدو صعبة نظراً للتساؤلات حول القوى القادرة على تنفيذ العملية وعدد الأطراف المتورطين في الحرب في سوريا.
وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، ونظيره البريطاني مايكل فالون، الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إن الهجوم لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية سيبدأ "في الأسابيع المقبلة". وأضاف: "إنها خططنا منذ زمن بعيد، ونحن قادرون على دعم" الهجمات على الموصل والرقة في آن.
وحتى الآن لم يُعط المسؤولون في التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية أي معلومات عن الجدول الزمني للعمليات ضد الجهاديين في سوريا. لكن نظراً لـ"التقدم الكبير" في الهجوم الجاري بالعراق يشير القادة العسكريون الى أن "تداخل" العمليات في الموصل والرقة ممكن.
إلا أن هذه التصريحات التي طلب أصحابها عدم كشف هوياتهم تبقى غامضة بعض الشيء.
وقال مسؤول عسكري أميركي كبير: "سيكون من الصعب للتحالف اليوم تنسيق وتنظيم العمليات بين المعركتين وتوزيع وسائله الجوية بفاعلية".
وقال مصدر فرنسي: "من الواضح أن التحضيرات لم تنتهِ لاستعادة الرقة غداً"، مقراً بأن "الشقّ السوري (في محاربة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية) أكثر تعقيداً".
الفوضى السورية
لخّصت صحيفة "لوريان لوغور" اللبنانية مؤخراً الوضع بالقول "إن المعضلة العراقية بسيطة للغاية مقارنة بالفوضى السورية".
والهجوم على مدينة الموصل التي سقطت بأيدي الجهاديين في يونيو/حزيران 2014 تم البحث فيه والإعداد له لأكثر من عام بين التحالف وبغداد وسلطات كردستان العراق. ويشن الهجوم القوات العراقية والمقاتلون الأكراد (البشمركة) بدعم من التحالف.
وهذه العملية التي "تسير حالياً" طبقاً لخطط التحالف معقدة أصلاً وقد تفضي الى المزيد من التعقيدات؛ نظراً لدور الميليشيات الشيعية النافذة جداً في العراق.
فمع أي طرف وكيف يشن الهجوم على سوريا التي تشهد حرباً أهلية أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل منذ 2011 وباتت مفككة بسبب وجود عدد كبير من المجموعات المتخاصمة المدعومة من قوى إقليمية أو دولية بشكل مباشر أو غير مباشر؟
وقال المصدر الفرنسي: "هناك فرق بين الوضع في العراق وسوريا. في العراق نتدخل بطلب من سلطات بغداد". إلا أن الدول المشاركة في التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية معارضة لنظام بشار الأسد وتريد تفادي شن هجمات قد تصب في مصلحة رئيس النظام السوري.
من سينفذ الهجوم على الرقة؟ أي قوات جاهزة؟
قال أشتون: "كما في معركة الموصل المبدأ الاستراتيجي يُملي أن تكون قوات محلية فعّالة ومتحمسة".
وقال المسؤول العسكري الأميركي الكبير الذي طلب عدم كشف اسمه: "يجب أن تكون القوة التي تستعيد الرقة عربية". وذكرت عدة مصادر أن القوات الكردية لا تستطيع استعادة مدينة الرقة ذات الغالبية السنية التي تعد 200 ألف نسمة.
العاملان التركي والكردي
وقال المصدر الفرنسي: "في هذه المرحلة هناك قوتان في سوريا تحاربان داعش: القوات الديمقراطية السورية (تحالف كردي-عربي تدعمه الولايات المتحدة) وقوات المعارضة المسلحة السورية (الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا)".
هل عدد القوات يكفي؟ يؤكد العسكريون أن العدد كافٍ، لكن بحسب المصادر فإن عدد العناصر المتوافرة يراوح ما بين 10 آلاف و30 ألف رجل.
وهناك خصوصاً الخلاف بين الأكراد وتركيا التي نفذت عملية برية في شمال سوريا أغسطس/آب لمنع قيام أي كيان كردي مستقل، ما يجعل أي تعاون بين القوتين مستحيلاً.
ويبدو أن كفة واشنطن كانت تميل الأربعاء باتجاه تركيا. وقال كارتر في بروكسل بعد لقاء مع نظيره التركي عصمت يلماظ: "نعمل بشكل كبير مع الجيش التركي في سوريا. أعطى ذلك نتائج مهمة جداً مع الاستيلاء على دابق" في أكتوبر/تشرين الأول. وأضاف: "نبحث عن فرص جديدة للتعاون في سوريا، والرقة إحداها".
والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه: ماذا عن موقف موسكو الطرف الداعم للنظام السوري؟ وقال المصدر الفرنسي: "روسيا تشن حرباً من نوع آخر. فهي تسحق المعارضة في حلب. ومن الواضح أن مدينة الرقة ليست مسألة تهمها".
وقال دبلوماسي فرنسي: "بسبب تحويل الاهتمام الى معركة الموصل والرقة قد ينسى الناس ما يحصل في شمال غرب سوريا في مدينة حلب" التي تتعرض لقصف روسي-سوري مكثف منذ شهر.