خرق كبير على حين غفلة من الأجهزة الأمنية في محافظة كركوك العراقية التي تضم مختلف مكونات الشعب العراقي، وبسيطرة كردية من الناحية الأمنية.
ما حدث الجمعة في المحافظة باختصار هو أن تنظيم داعش زج بانتحاريين وقناصة تسللوا بدعم من الخلايا النائمة في المحافظة؛ ليستهدفوا بنايات حكومية، ويستولوا على عدد منها، ويتمكنوا من قتل نحو عشرات المدنيين والعسكريين في المحافظة.
كان هذا الخرق محط تعجب المراقبين والمحللين الأمنيين لسببين رئيسيين: الأول: أن تنظيم داعش يخوض أكبر معاركه وأهمها على الإطلاق (معركة الموصل) التي تستهدف معقل خلافته في العراق، فكيف يمكن في مثل تلك اللحظات أن يهاجم مدينة أخرى دون تعزيز عناصره في المدينة التي تخوض حرباً ضروساً منذ أيام وخسر عدة مناطق.
والسبب الثاني: كيف تمكن تنظيم داعش التسلل إلى تلك المدينة التي تتمتع بأمن نسبي، إلا من بعض الخروقات التي تشهدها أغلب محافظات العراق بين الحين والآخر، فضلاً عن الدعم التي تحصل عليه المحافظة من بقية مدن الإقليم كأربيل والسليمانية ودهوك، وهو ما حصل اليوم؛ حيث أرسل رئيس الإقليم مسعود بارزاني قوات عسكرية من أربيل وكذلك السليمانية، للسيطرة على الموقف، وهنا عدة نقاط أفترض التنبه إليها:
– تعاون تام من قِبل الأهالي في المحافظة وتحولهم من مخبرين ومساندين للقوات الأمنية إلى مشاركين فعليين في التصدي للهجمة الشرسة التي قام بها داعش، وهذا يعكس مدى التلاحم بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، وهو لم يحصل أبداً في محافظات الأنبار وصلاح الدين وغيرها من المناطق السنية التي دخلها داعش عام 2014، والأسباب معروفة أنه كانت هناك فجوة كبيرة بين المواطنين والجيش العراقي، تتمثل بعدم الثقة وتبادل الاتهامات والانتقادات، وهو ما حصل أيضاً في الموصل، عندما دخل داعش واستولى على المحافظة بكاملها لم تُطلق طلقة واحدة من قِبل الأهالي على داعش، والقوى المساندة له، وهذا هو الفرق بين دخول داعش إلى الأنبار وصلاح الدين والموصل ودخوله اليوم إلى كركوك، لكن بعد أن ذاق السنة مرارة وجود داعش وسطوته عادوا اليوم إلى بناء علاقات وطيدة مع الأجهزة الأمنية والحكومة العراقية بشكل عام ويطالبون اليوم باستعادة ما تبقى من مناطقهم.
– الفرق واضح وظاهر بين دخول داعش لكركوك ودخوله لعدة مناطق أخرى ستبقى في ذاكرة العراقيين، لكن في المقابل علينا ألا ننسى الظروف المهيأة لمواطني المحافظة بأن يحملوا السلاح ويدافعوا عن أنفسهم، وهو لم يكن ظاهراً في المحافظات الغربية، حيث كانت تعاني نقصاً في التسليح بسبب عمليات الدهم والتفتيش المستمرة من قِبل الجيش العراقي، فضلاً عن سحب الكثير من أسلحة الصحوات وإحالتهم إلى وظائف مدنية بعد أن كانوا يمسكون مناطقهم من تنظيم القاعدة، الوجه الأول لداعش، وعلى هذا يجب أن تحافظ كركوك على مقومات بقائها وتعزيز نقاط قوتها، والتخلص من الترهلات الأمنية، وحتى الإدارية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.