سعى تنظيم "داعش"، على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحداث تغيير في المعادلة الأمنية في العراق بعد فتحه جبهتين جديدتين شمالي وغربي البلاد، في وقت أرسلت أغلب القوات القتالية من الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب إلى الموصل شمال العراق، بحسب خبير عسكري عراقي.
وبدأت خطة التنظيم حين هاجم نحو 100 مسلح بينهم انتحاريون، الجمعة الماضية، مؤسسات أمنية ومنشآت للطاقة بمحافظة كركوك (شمال)، واستمرت الاشتباكات المسلحة حتى يوم أمس بعد وصول تعزيزات كبيرة من قوات الأسايش (قوات كردية) إلى المدينة.
وقبيل حسم الأوضاع الأمنية في كركوك، شنَّ مسلحو التنظيم هجوماً واسعاً من عدة محاور على قضاء "الرطبة" أقصى غرب محافظة الأنبار (غرب)، ونجحوا في السيطرة على عددٍ من أحياء القضاء.
قضاء الرطبة
وأمس الاثنين، أرسلت الحكومة الاتحادية تعزيزات عسكرية إلى مدينة الرطبة، لإسناد القوات المتواجدة هناك في سعيها لاستعادة أحياء بالمدينة استولى عليها تنظيم "داعش" أمس.
وقالت وكالة رويترز، الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2016 نقلاً عن مصادر أمنية قولها: إن "مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وسّعوا المنطقة الخاضعة لسيطرتهم في مدينة نائية بغرب العراق قرب الحدود مع سوريا والأردن ليبسطوا سيطرتهم على نصف مدينة الرطبة بعد أن كانوا يسيطرون على ثلثها".
وأضافت أن الجيش العراقي والعشائر السنية لا تزال تسيطر على نصف المدينة عند المداخل ومن ناحية الطريق السريع الذي يربط بغداد والحدود الغربية.
واستعادت القوات العراقية الرطبة من "داعش" مطلع 2016، بعدما خضعت لسيطرة التنظيم منذ منتصف 2014، إثر انسحاب القوات العراقية منها دون قتال.
وتأتي هجمات تنظيم "داعش" المنسقة، في وقت تواصل قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب وقوات البيشمركة (جيش الإقليم الكردي) التقدم نحو الموصل، حيث تخوض تلك القوات معارك متواصلة منذ أسبوع مع عناصر التنظيم.
وقال العقيد المتقاعد في الجيش العراقي، خليل النعيمي لوكالة الأناضول، الاثنين، إن ما حصل في محافظتي كركوك والأنبار كان متوقعاً، لكن على ما يبدو القيادة العسكرية العراقية، لم تأخذ ذلك في الحسبان.
فتح جبهات جديدة
وأضاف النعيمي أن "تنظيم داعش يمتلك خططاً عسكرية بديلة، من المؤكد أنه سيلجأ إليها حال تقدم القوات الأمنية باتجاه مركز الموصل، والخطط البديلة لا تعني مواجهة القوات الأمنية على حدود الموصل، بل فتح جبهات قتال جديدة في محافظات أخرى، وهذا ما حصل في كركوك والأنبار، وهو انتقال إلى خطة بديلة عن المواجهة على أطراف الموصل، بهدف تشتيت جهد القوات العراقية".
وأوضح النعيمي، أن "قيادة العمليات المشتركة، ربما تغافلت عن الخطر الذي قد يشكله تنظيم داعش في المناطق الآمنة، لذا أرسلت غالبية القطعات العسكرية إلى الموصل، وتركت بعض المناطق وخصوصاً غرب الأنبار بقطعات عسكرية لا يمكنها معالجة خرق أمني كبير".
وعلى خلفية أحداث محافظتي كركوك والأنبار، رفعت القوات العراقية درجة استنفارها في العاصمة بغداد خوفاً من هجمات يشنها تنظيم "داعش".
وقال أحمد خلف ضابط في شرطة بغداد، إن "تعلميات أمنية صدرت بضرورة توخي الحذر في جميع قواطع المسؤوليات الأمنية في بغداد بعد الهجومين على كركوك والأنبار".
وأضاف خلف "الجيش والشرطة اتخذا سلسلة إجراءات أمنية لمنع حدوث خروقات، ولدى القوات الأمنية مخاوف من بعض مناطق شمال بغداد التي لاتزال تشكل تهديداً للأمن بسبب وجود الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش".
وكثف مسلحو تنظيم داعش هجماتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة خصوصاً في العاصمة بغداد بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية، في الأشهر الأخيرة بالتزامن مع انحسار نفوذهم على الأرض في شمالي وغربي البلاد.