للمعركة المدعومة من الولايات المتحدة من أجل انتزاع ثاني أكبر مدينة في العراق، من يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تداعيات تمتد إلى ما وراء أرض المعركة وتؤثر على إدارتين رئاسيتين: الإدارة المغادرة والأخرى القادمة، ما يزيد من مخاطر ما سوف تتمخض عنه الأحداث في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية.
بالنسبة للرئيس باراك أوباما، فإن أصداء معركة الموصل تدوي أبعد من معركته الواسعة ضد تنظيم داعش، وصولاً إلى إرثه كرئيس متردد في زمن الحرب. هذه المعركة فرصة لأوباما لتحقيق انتصار في منطقة لم تمنح له سوى القليل، لكنها أيضاً عملية محفوفة بالمخاطر وضعت سياسته الخارجية تحت المجهر من جديد، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
أما بالنسبة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، اللذين سوف يرث أحدهما القتال ضد داعش في شهر يناير/كانون الثاني المقبل، فإن معركة الموصل قد سلطت الضوء على مواقفهما المتباينة. فقد قالت كلينتون أنها سوف تحاول هزيمة داعش دون اللجوء لاستخدام قوات أميركية مقاتلة، بينما أشار ترامب إلى الموصل باعتبارها دليلاً على فشل الإدارة التي كانت كلينتون جزءاً منها.
وقد تأكدت التحديات والمخاطر المرتبطة بتلك المعركة الأسبوع الماضي مع مقتل بحار أميركي، وهو أول أميركي يقتل أثناء المعركة في الموصل، في إشارة إلى أهمية الهجوم لكل من إدارة أوباما وللمعركة الأوسع نطاقاً. وكان وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، قد أمضى نهاية الأسبوع في العراق في لقاءات مع كبار المسؤولين ومسافراً خارج بغداد لحضور اجتماعات.
وقال كارتر، متحدثاً لصحافيين في أربيل يوم الأحد، إن استعادة السيطرة على الموصل والرقة أمر ضروري للقضاء على حيازة التنظيم من الأراضي، لكنه لن يعني نهاية داعش.
وقال كارتر: "من الضروري جداً تدمير داعش في الموصل والرقة، ومع ذلك، فإن هذا الأمر لا يعني نهاية الحملة، حتى في العراق وسوريا ذاتهما. إننا نعرف أن داعش سوف تقوم بالسيطرة على أماكن أخرى أقل قيمة في ريف العراق مثلاً، ونحن نخطط لمساعدة قوات الأمن العراقية لترسيخ سيطرتها على كل الأراضي العراقية".
وقال ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، إن من المرجح أن يكون تردد أوباما في التدخل في الصراع في سوريا هو العامل الأهم في تحديد إرثه لا معركة الموصل.
وقال هاس: "سوف يكون تحرير العراق من داعش شيئاً جيداً. وذلك على الرغم من أن جعل العراق قابلاً للحياة عملية صعبة وطويلة".
وقال إيلان جولدنبرغ، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط بالمركز الأميركي الأمني الجديد، وهو مركز أبحاث ذو علاقات بإدارة أوباما، إن المعركة في الموصل، المصحوبة بحملة تنسيقية مستقبلية مشتركة في الرقة، ربما يترتب عليها تعقيدات استراتيجية.
وقال غوتنبرغ: "من المحتمل أن تكون تلك المعركة أكبر اختبار، لما أزعم أنهما استراتيجية ومنهج جديدان، في التعامل مع المنظمات الإرهابية" هذه الاستراتيجية، بحسب غوتنبرغ، تتضمن إشراك القوات الخاصة الأميركية في مساعدة القوات المحلية في القتال في الأماكن التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية. وهذا يختلف مع استراتيجيتين أميركيتين أخريين: منهج عدم التدخل، وإرسال قوات برية أميركية كبيرة العدد.
وقال غوتنبرغ: "أظن أن الرئيس القادم يمكنه حقاً أن يختار تلك الاستراتيجية. وأن يتحدث عنها باعتبارها عقيدة استراتيجية طويلة المدى".
وقال هاس إن معركة الموصل قد يكون لها أثر طفيف على حملات انتخابات الرئاسة الأميركية. لو حررت المدينة سريعاً، فقد يفيد هذا هيلاري كلينتون لأنه سوف يؤشر على ابتعاد الزخم عن الدولة الإسلامية. لكن لو استمرت المعركة وقتاً أطول، كما يتنبأ العديد من الخبراء، فمن الممكن أن يقوي ذلك من حجة دونالد ترامب بأن المشكلة خلقها قرار إدارة أوباما بالانسحاب التام من العراق في 2011.
وقد كان ذلك الأمر موضوعاً لجدل مرير أثناء المناظرة الأخيرة بين ترامب وكلينتون الأسبوع الماضي. فقد انتقد المرشح الجمهوري الإدارة لإعلانها بدء العمليات مقدماً، وقال إن جهود تحرير المدينة ما كانت لتكون ضرورية لو كان أوباما وكلينتون، بصفتها وزيرة للخارجية، قد أقنعا الحكومة العراقية بإبقاء بعض القوات الأميركية في العراق مع نهاية الحرب في 2011.
وقال ترامب، يوم الأربعاء أثناء المناظرة الرئاسية الأخيرة: "كانت الموصل في حوزتنا. لكن عندما غادرت (كلينتون)، عندما أخذت الجميع خارج العراق، خسرنا الموصل".
كما زعم ترامب أن توقيت العملية المشتركة لاستعادة الموصل كان توقيتاً سياسياً، اختير لتعزيز فرص كلينتون في الانتخابات. فقد قال، ملمحاً لوجود مؤامرة: "لقد أرادت أن تبدو بمظهر حسن في الانتخابات، لذا فقد ذهبنا للموصل".
وقالت كلينتون إنها، ما إن تنتهي معركة الموصل، فلن تدعم التزام قوات أميركية بالذهاب إلى العراق بصفتها "قوة محتلة" لكنها قالت أنها سوف تدفع بالمزيد من العمليات العسكرية القوية في سوريا، بما في ذلك منطقة حظر طيران جوي، للمساعدة على إنهاء النزاع هناك. وقالت: "أظن أن بإمكاننا استعادة الموصل، ومن ثم يمكننا التحرك إلى سوريا واستعادة الرقة".
ومن غير المرجح أن ينتهي الهجوم قبل الانتخابات، بالنظر إلى توقعات شدة القتال، ومحاولات داعش شن هجوم معاكس في أماكن مثل كركوك، والتي لم تكن تحت سيطرة داعش من قبل.
وقال جون ألترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، والباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "في الفترة الممتدة من الآن إلى الانتخابات، قد تكون هناك لحظات نجاح ضخمة، وأيضاً لحظات فشل ذريع". وأضاف أن توقعات مستقبل الموصل غير مؤكدة. وقال: "سوف يكون الأمر شاقاً وطويلاً جداً".
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.