يشير أهالي مدينة الموصل الفارين من جحيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى أن حركة المقاومة التي نشأت بالمدينة على مدار الستة أشهر الماضية تعتزم إطلاق هجمات منظمة على التنظيم تزامناً مع تقدم القوات العراقية والكردية، وهو التحرك الذي قد يكون حاسماً في المعركة النهائية للسيطرة على المدينة.
ورغم أن الصدام الحاسم لن يحدث قبل أسابيع – وتشير بعض التقديرات إلى إمكانية وقوعه بعد شهرين – يذكر الأهالي أن هناك حركة سرية تتألف من عدة خلايا تستعد حالياً لمقاومة داعش بمجرد تلقي الدعم الكافي، بحسب ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية، الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
ونقلت صحيفة الغارديان عن اثنين من أسرة واحدة وصلا إلى إحدى نقاط تفتيش البيشمركة شمالي البلاد هذا الأسبوع، قولهما إنهما تلقيا التدريب حول كيفية مواجهة التنظيم سراً، وذكرا أن القبائل في أجزاء أخرى من المدينة مستعدة لبدء العمليات أيضاً. وقد تم اصطحاب العائلة إلى إربيل بعد أقل من يوم واحد للإقامة داخل مركز احتجاز مخصص للفارين من آخر المدن الحضرية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بالعراق.
وذكر أحد الرجلين يوم الأربعاء: "هناك أناس يدعموننا، ولكن لا يمكننا تحديدهم. الأمر ليس كبيراً ولكنه واقع".
وانتشرت الشائعات حول ثورة محلية ضد داعش منذ أواخر الصيف وتزايدت حدتها مع اقتراب المعركة.
ورغم عدم وجود أدلة على امتلاك المتمردين المناهضين لتنظيم داعش القدرة على القضاء على التنظيم أو أن هناك انتفاضة وشيكة الحدوث، تضيف المزاعم بعداً آخراً للقتال يبدو كملاذ أخير لجماعة صغيرة فقدت الكثير من الدعم المحلي.
وذكر رجل آخر، يدعى أبوجميل ويزعم أنه ضابط سابق بالاستخبارات العراقية، أنه كان عضواً بأحد خلايا المقاومة ولكنه اضطر إلى تركها بعد أن قتل تنظيم داعش والده وعرض مكافأة سخية لمن يعتقله.
وقال: "لا أقول إنها حركة ضخمة، لكننا درسنا أساليبهم. وسوف نحاكيهم. إنهم يقتلوننا في فراشنا وسوف نقوم بالمثل. ولديهم تأمين قوي وكذلك لدينا تأمين قوي. وهناك ثأر بيننا وبينه ولابد من تسويته".
كانت فكرة الانتقام بمثابة المحرك الرئيسي للثورة ضد النسخة المبكرة لتنظيم داعش عام 2007، حينما انقلبت القبائل من إقليم الأنبار على الجهاديين الذين سيطروا على مجتمعاتهم. وقد دعم الجيش الأميركي تلك الثورة حيث كان لا يزال متواجداً وتمكن من تحقيق الهدوء لبعض الوقت لمدينة الأنبار وغيرها من المناطق المضطربة بالبلاد.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت تلك الفكرة نموذجاً للتمرد المضاد وتصدرت المناقشات بين المسؤولين العراقيين والأميركيين الذين يرون أن تمكين القبائل والعشائر بالموصل في صورة منحها حكماً ذاتياً في أعقاب الحرب سيكون ضرورياً لتحقيق الوحدة بين المجتمعات بعد القضاء على تنظيم داعش.
وفي داخل أحد مراكز الاحتجاز بمخيم اللاجئين بديباغا جنوبي إربيل، كان هناك أكثر من 200 رجل وصبي ينتظرون عملية الفحص على يد مسؤولي الأمن الكردستانيين يوم الثلاثاء؛ وذكر هؤلاء أن بعض الوافدين الجدد كانوا شغوفين للغاية من أجل تقديم تفاصيل حول مواقع داعش وأعضاء التنظيم.
وذكر أحد مسؤولي المخيم "يأتون إلينا دائماً. وقد تم اصطحاب بعضهم إلى إربيل للاستجواب، ولكن معظمهم أناس عاديون يبحثون عن حياة أفضل".
وزعم رجل آخر يدعى أبوجود ويبلغ من العمر 23 عاماً، كان قد فر من داعش لأنهم فرضوا عليه غرامة تبلغ 20 ألف دولار جراء تهريب السجائر، أن رجال القبائل بدأوا بالفعل التخطيط لاستعادة المدينة. وقال: "أعمامي مشاركون في تلك الخطة. إنهم أعضاء بحركة المقاومة السرية. وأقسم أن تنظيم داعش ليس لديه رحمة، فهم يقطعون الرؤوس بكل بساطة".
بعد انقضاء 3 أيام من حملة استعادة الموصل والمناطق المحيطة بها من قبضة داعش، تزايد تدفق اللاجئين يوم الأربعاء. واستقبلت القوات الكردية ما يقرب من 2000 شخص، بينما يُذكر أن هناك آلافاً قد عبروا إلى المناطق الخاضعة للجيش العراقي. ووصلت عائلات من الموصل إلى نقطتي تفتيش جوير وخناش جنوبي شرق المدينة، وكانت تلك العائلات هي أول منذ يقطع كل تلك المسافة منذ بدء القتال.
وفي غضون ذلك، تضع القوات الكردية الخطط النهائية للهجوم الثلاثي من ناحية شمال الموصل، والذي يستهدف استعادة 28 قرية، ومن بينها مدن مسيحية على امتداد سهول نينوى كانت خاضعة لتنظيم داعش منذ أغسطس/آب 2014. ويتزامن ذلك مع تقدم الجيش العراقي، الذي تحرك إلى ضواحي الحمدانية، أكبر المدن المسيحية بالعراق، ويعتزم دخول المدينة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وكان جميع مسيحيي نينوى المتبقين قد فروا حينما اقتحم تنظيم داعش السهول بالمدينة القديمة. واستقر بعضهم في ضاحية أنكوا في إربيل، التي أصبحت الآن موطناً لأحد أكبر المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط.
وذكر أديب ماجد يوسف من الحمدانية: "إذا كان يتعين على الجيش العراقي أن يدمر منزلي لاستعادة السيطرة، فليكن ذلك. كنت آخر شخص يغادر المكان وسأكون بين أوائل من يعودون إليه. فقد وُلد آباؤنا هنا".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.