ثمة ارتباك في النمسا حيال ذلك المنزل الذي يقع في مدينة براوناو آم إن، حيث وُلد أدولف هتلر عام 1889، ويدور الأمر حول ما إذا كانت السلطات ستهدمه أم ستعيد تصميمه.
لكن تقارير تقول إنه سيتم إحلال مبنى جديد مكانه، فيما ترجح تقارير أخرى، استناداً إلى بيان صادر عن وزير الداخلية، ولفجانج سوبوتكا، أن تجري إعادة بنائه بحيث لا يمكن تمييزه أو التعرّف عليه، ومن المتوقع أن تجتذب تلك المنافسة المعمارية العديد من العروض الدولية، التي تهدف إلى إزالة أي ارتباط بين ذلك المبنى والزعيم النازي، بما يقلص جاذبيته للنازيين الجدد، وفي كلا الحالتين ستظل أساسات المبنى قائمة.
وظلت كيفية التصرف في المنشآت النازية مسألة شائكة بالنسبة للسلطات طوال السبعين عاماً الماضية. وقد دفنت السلطات الألمانية الشرقية قبو الفوهرر – وهو عبارة عن الغرف الموجودة تحت الأرض التي انتحر فيها هتلر – تحت موقف للسيارات في برلين، ومع ذلك، ورغم أن المخبأ لم يعد مرئياً فوق سطح الأرض (بينما تظل غرفه الداخلية على حالها)، فإن العثور عليه قد لا يشكل أي صعوبة لمعظم الأشخاص الذين يعرفون برلين جيداً، وربما ساعد على ذلك القرار الذي اتخذته السلطات المحلية ببناء لوحة استرشادية عام 2006 لتوجيه مشجعي بطولة كأس العالم.
في الواقع، نادراً ما تختفي أشباح تلك الأماكن – وهذا ما ستكتشفه بلدة براوناو بعد مرور وقت طويل على تحويلها مسقط رأس هتلر إلى مكتب عمل أو مركز ثقافي، وهما اثنان من الخيارات التي طرحها سوبوتكا، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
ويرجع السبب وراء عدم هدم المباني النازية غالباً إلى سببين رئيسيين: الحجم وعدم قابلية التنفيذ، وتمثل أماكن مثل "وكر الذئب" أو "Wolfsschanze"، حيث قضى هتلر وقتاً أكثر من أي مكان آخر، و"عش النسر"، وهو مقر هتلر الجبلي الذي حُفر في الصخور الجبلية في بافاريا، وأخيراً مبنى الكونغرس النازي في نورمبرغ، 3 أمثلة للمواقع النازية التي تحولت إلى مناطق للجذب السياحي.
وتُعَد عملية تجديد المباني البارزة، هي الطريقة الأكثر شيوعاً في التعامل مع المباني النازية في أغلب الأحيان. فمنتجع برورا المهجور، وهو المنتجع النازي للعطلات، الذي يمتد بطول 2.8 ميل على ساحل بحر البلطيق، حيث ظل لعقود طويلة مصدراً لإزعاج السلطات، بسبب صعوبة تدميره لحجمه الكبير، وأيضاً صعوبة استخدامه لقباحة منظره.
إلا أن ازدهار سوق العقارات في ألمانيا قضى على تلك المشكلة، فقد تحول الآن إلى منتجع فاخر من الشقق السكنية التي تطل على شاطئ البحر. ولا يشكك أحد في أخلاقيات السائحين الذين يستمتعون بالمكان كما رغب النازيون تماماً، رغم أن الفكرة بالنسبة للبعض مشؤومة. كما تلقى الاستاد الأوليمبي الضخم – الذي بُني عام 1936 لإقامة دورة الألعاب الأولمبية – المُعاملة ذاتها، وقد تم تجديده وسط ضجة كبيرة عام 2004.
أما فيرنر مارش، المهندس المعماري الذي بنى الاستاد للنازيين، فقد بنى أيضاً مسرح الغابة أو " Waldbühne"، وهو مسرح مُدرج يحتوي على 22 ألف مقعد، ويستخدم الآن لإقامة جميع أنواع الحفلات، من حفلات موسيقى الروك إلى حفلات الموسيقى الكلاسيكية.
ويمكن القول إن قرار النمسا حيال كيفية التصرف في بيت براوناو، سيمثل اختباراً للشجاعة.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.