أنثى من خشب

مجتمعنا يحتاج إلى إعادة تكرير، يحتاج إلى فلترة شعور الأطفال بالوحدة والاكتئاب والقلق في منازلهم قبل المدرسة، فهو لا يولي أهمية إلى تقدير الذات للطفل، ومنذ ولادته معرض للانتحار، وسرعة الغضب واستخدام القوة للمراهقين في منازلهم، والذي أصبح سلوكاً اعتيادياً وواقعاً بأدلة بحثية تشير إلى أن هذا قد يوصل إلى خطر العنف المنزلي الذي يبدأ أولاً ضد الأنثى.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/11 الساعة 05:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/11 الساعة 05:46 بتوقيت غرينتش

متى يريد الرجل أن تتحول زوجته أو أخته أو أمه إلى أنثى من خشب، وفي أي مرحلة، ولِمَ؟
أطروحة تهواها أنفسنا للوصول إلى حقائق خفية عن المجتمع الذكوري.

يغار الرجل من الأنثى بشكل عام، وتتمحور غيرته منذ نعومة أظفاره لتتحول إلى وحشية أو تُكسَر لتتحول إلى حنان مطلق، في كل دقيقة ينمو الشاب ويرى مُدرّسته أنثى وأمه وجدته، في مجتمع أنثوي أكثر من ذكوري، تستيقظ ملامحه ليجد نفسه مميزاً برجولته يعلو ويعلو ليبدأ مشواره الذكوري، ويبدأ بالتشفير النفسي والخذلان لكل من مدَّ يده إليه في مراحل نشأته الأولى، يتنمر على والدته وأخته قبل زوجته أو بسبب زوجته معلناً حرباً عاطفية بين الذكورة والأنوثة، يذهب بعيداً في تنمره ويقوم بجولات وجولات، ليبدأ بفساد المجتمع رويداً رويداً كلما علا، أين ينشأ هذا التنمر هل هو من والده أو جده، أعمامه أم أخواله؟

نعم، سواء كانوا سيئين أم جيدين، موجودين أم غير موجودين، التنمر قائم على مر الزمان يُخل بميزان القوة في المجتمع، نتيجة فقدان الكثير من القوانين المنزلية الناجمة عنه مسبقاً، والذي كان من الممكن أن يكون التفاعل الاجتماعي في المنزل ناجحاً في بناء الذكر والأنثى، حتى حين يتعرضون لأشخاص مزعجين ضمن حياتهم اليومية.

تُستهدف الأنثى في التحرش النفسي في مجتمعاتنا العربية خصوصاً قبل الذكر، وهي أخطر أنواع التنمر العاطفية ضد الأنثى التي تنشئها نشأة تسيء إلى حياتها الاجتماعية والمستقبلية والزوجية، وهكذا دواليك.

مجتمعنا يحتاج إلى إعادة تكرير، يحتاج إلى فلترة شعور الأطفال بالوحدة والاكتئاب والقلق في منازلهم قبل المدرسة، فهو لا يولي أهمية إلى تقدير الذات للطفل، ومنذ ولادته معرض للانتحار، وسرعة الغضب واستخدام القوة للمراهقين في منازلهم، والذي أصبح سلوكاً اعتيادياً وواقعاً بأدلة بحثية تشير إلى أن هذا قد يوصل إلى خطر العنف المنزلي الذي يبدأ أولاً ضد الأنثى.

فهل يكفي أن ينشئ امرأة من خشب؟

ناهيك عن لجوء الأنثى إلى العلاقات العابرة في الإنترنت، التي لا ينفك الرجل المتنمر عن إدخالها في عزلتها أكثر، لن أتطرق إلى قصة أو مناقشة أي من نشاطات التنمر والسلوك العدواني له، الذي نجد أن الخيانة هي ثقافة للتنمر والهوس وثقافة الخوف وزعزعة الاستقرار النفسي والجسدي والإساءات اللفظية والرفض الاجتماعي كلها سلوكيات لمفهوم واحد.

وكم من قضايا وحوادث انتحار وقتل أو ابتزاز عاطفي، نشأت كبش الفداء نتيجة لعدم تقدير الذات للطفولة، وعدم وجود مجتمع يناضل لإنهاء هذه الأمراض، وإنما هو بيئة متنمرة أصولاً.

أنثى من خشب.. منطقة خالية من التنمر، تنمر بلا وعي داخلي، وخصوصاً في حالات العشق تبين أن الكثير من العاشقين يصلون لمراحل خطيرة من التملك الذي يلغي شخصية أحدهما، ولا بد أن تتجرد أقنعة وجوهنا قناعاً تلو الآخر أمام الآخر، وغالباً ما يكون الرجل هو الأقوى في تلك المراحل تتعرى المرأة أمامه بكل مشاعرها وأحاسيسها وتنزع عنها أسطورة المرأة الحديدية؛ لتكون أنثى من خشب.

تخاف.. تخفي.. تتصدع.. تنهار وهي في حالة العشق، تتبلد مشاعرها وهذا ما يصدم الكثيرين في علاقاتهم عندما يصلون للذروة يفترقون، هذا التهشيم النفسي المستمر والمتوارث بين الرجال المتنمرين في مجتمعاتنا الشرقية، وكأنه قاعدة أسطورية للرجل يضع الأنثى في سؤال: لِمَ تعجز كل أنثى عن أن تضع يدها بيد الرجل في المكان المناسب والزمن المناسب؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد