بعث أرباب عائلات لاجئة في اليونان، رسالة إلى السلطات تتحدث عن وضعهم المزري، كالعيش مع الفئران والثعابين، وشرب مياه ملوثة تزيد من الأمراض بينهم، ما دفع الحكومة إلى الشروع في نقل لاجئين من جزرها، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وتتأهب اليونان لنقل آلاف اللاجئين من المخيمات المكتظة على جزرها في بحر إيجه نحو أراضي اليونان الأم، وسط تصاعد التوتر في أوساط المخيمات وتزايد احتجاجات سكان الجزر الغاضبين، حسب تقرير للغارديان البريطانية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وقالت الحكومة اليسارية، إن القصّر غير المصحوبين بكبير وإن كبار السن والمرضى سيكونون من أوائل المنقولين، فيما تتصاعد المخاوف على مستقبل اتفاق أوروبي تركي شهير أبرم للحد من تدفق اللاجئين.
ويقول نائب وزير الشؤون الأوروبية في البلاد، نيكوس زايداكيس، في حديث للغارديان "الوضع في الجزر صعب وبحاجة للمعونة. إيواؤهم في اليونان الأم سيكون مناسباً أكثر، وسنبدأ بنقل الصعفاء وسيكون عملنا دوماً في إطار تنفيذ ومراعاة الاتفاق الأوروبي التركي".
تحذير تركي
وتأتي العملية المعتزم تنفيذها هذا الأسبوع، فيما وجهت أنقرة تحذيراً من أن اتفاقها لن يتم إن أخفقت بروكسل بالوفاء بتعهدها في السماح للأتراك بالسفر إلى أوروبا دون تأشيرة دخول (فيزا).
ففي خطاب ناري شديد له أمام البرلمان الذي انعقد حديثاً هذا الأسبوع، أرسل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رسالة شديدة الوضوح مفادها أن الاتفاق الذي عمره 6 أشهر بات آيلاً للانهيار؛ نظراً للتقاعس والتباطؤ في عملية إعفاء الأتراك من الفيزا.
فبموجب الاتفاقية كان من المزمع منح الأتراك البالغ عددهم 80 مليوناً ونيف، حق التجوال في منطقة "الشينغن" وحرية التنقل عبر الحدود، بحلول شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
لكن أردوغان قال أمام نواب برلمانه "إن موقفهم هذا بمثابة إعلان أن الاتحاد الأوروبي لا يود الوفاء بعهده الذي قطعه لتركيا".
ورغم عودة أعداد اللاجئين للتصاعد، إلا أن تدفقها قد خف بنسبة 90% منذ التوقيع على ذاك الاتفاق، فعندما بلغت الأزمة ذروتها كان أكثر من 7 آلاف رجل وامرأة وطفل، يصِلون يومياً إلى سواحل جزيرة ليسبوس اليونانية، عابرين تركيا ومخاطر بحر إيجه.
وفي تصعيد للتوتر قال أردوغان، إن على الاتحاد الأوروبي أن يحسم أمره ويقرر الآن إن كان ينوي البت في طلب تركيا لعضوية الاتحاد، والذي هو طلبٌ مضت عليه عقود من الزمن، فقال الرئيس التركي "إن كان الاتحاد الأوروبي سيمنح تركيا عضوية كاملة فنحن مستعدون، لكن فليعلموا أننا وصلنا إلى نهاية اللعبة ولا داعي للمراوغة أو اللجوء إلى مماطلات دبلوماسية".
وضع كارثي
وأما المسؤولون الغربيون في العاصمة اليونانية، فحذروا من شبح الكارثة إن انهارت الاتفاقية الأوروبية التركية، حينما أسرّ أحد السفراء الأوروبيين للغارديان بالقول "إن انهار الاتفاق فسيتدفق مليون أو أكثر، وهذه البلاد ليست مستعدة بالمرة. ستُشَل أثينا وكامل البلاد لأن الناس سيضطرون للعيش في الحقول وسنشهد مشاهد لم نكن نتخيلها".
وهناك أكثر من 60 ألف لاجئ علقوا في اليونان، بعدما توالت دول أوروبية شرقية وفي البلقان، على إيصاد أبواب حدودها في وقت سابق من هذا العام. إيواء هؤلاء يتم في ظروف مدقعة نددت بها مجموعات حقوق الإنسان، وكثيراً ما تنشب خلافات ومشاحنات عنيفة بين العالقين في المخيمات بسبب إجبارهم على الانتظار لأشهر ريثما تتم معالجة طلبات لجوئهم والنظر فيها.
وكان أكثر من 4000 شخص، قد أُجلوا عن مخيم موريا في جزيرة ليسبوس، تلك الجزيرة التي تتعرض لأكبر تدفق من وصول اللاجئين، بعدما أضرم المحبوسون اليائسون بداخله النيران داخل المخيم المكتظ الذي يطفح بنزلائه.
وتحدث مهاجرون ولاجئون في مخيم ليسبوس اليونانية، عن خشيتهم من الترحيل ورفض طلبات اللجوء التي تقدموا بها، وحدوث مشاجرات بعد اندلاع الحريق في مخيمهم، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز في 19 سبتمبر/أيلول 2016.
وتقطعت السبل بالمهاجرين واللاجئين في ليسبوس جراء اتفاقية أبرمتها تركيا والاتحاد الأوروبي تمنعهم من عبور حدود الجزيرة حتى النظر في طلبات اللجوء التي تقدموا بها. وسيجري ترحيل أولئك الذين ستُرفض طلباتهم.
وأدى تصاعد التوتر في المخيمات المكتظة في الجزر اليونانية مع بطء عملية النظر في طلبات اللجوء، إضافة إلى الإحباط السائد جراء الظروف المعيشية السيئة.
أوضاع مزرية
وفي رسالة حصلت الغارديان على نسخة منها أرسلها أرباب 141 عائلة في إيلينكيون، المخيم المؤقت في مطار أثينا الدولي القديم، وصف النزلاء الحبيسون أوضاعاً مزرية لا تطاق، قائلين أن الأمراض المعدية تتفشى بسبب تدهور وتردي الأوضاع.
فقد كتب هؤلاء في رسالتهم "هناك فئران وحشرات وزواحف منها ثعابين منتشرة في كل مكان بالمخيم" مضيفين أنه في الشتاء مرضى كثيرون بالرئة فيما أصيبوا بالإعياء من حر الصيف. وتبعت الرسالة: "المياه الملوثة تسببت في الإسهال والغثيان، وكلما طالت إقامتنا هنا، زادت ظروفنا سوءاً، والآن يعاني معظم الناس من أمراض نفسية وكآبة وغيرها من الأمراض".
الآن هناك حوالي 14 ألف لاجئ عالق في الجزر اليونانية، فيما تظهر بيانات خفر السواحل التركية، أن أعداد المهاجرين الذين ضبطوا أثناء محاولة عبور البحر قد فاقت الضعف في سبتمبر/أيلول.
هل تقاعست أوروبا؟
زايداكس أقر بأن أوضاع المخيم بعيدة عن الكمال وألقى بلائمة تراكم تسجيل اللاجئين والتأخير على فشل الاتحاد الأوروبي في إرسال الموظفين والطواقم التي وعدوا بها وبتقاعسهم عن المضي في الخطة المتفق عليها لتوزيع اللاجئين في مناطق أخرى من القارة.
وقال: "وعدونا بـ400 خبير في إجراءات اللجوء، لكننا حتى اللحظة لم نحصل سوى على 29 منهم على الجزر. ما زال طلبنا قائماً ونبحث عن المزيد من الطواقم والموظفين، لكن الأمر ليس سهلاً. الاتفاق ليس من طرف تركيا وحدها، ولكن ثمة دول في الاتحاد الأوروبي لا تحترم الاتفاق بل تهمل واجباتها المترتبة عليه".
في الأشهر الـ3 التي غدت تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبي تصدعت أركان وأساسات الكتلة الأوروبية الموحدة وسادتها الانقسامات وسط مضي دول وسط أوروبا والبلقان، كلٌ يغني على ليلاه ويفكر بمصلحته فقط.
يقول زايداكس "في الجدل الذي دار بعيد تصويت بريكسيت إزاء كيف ستغدو أمور أوروبا، باتت الكلمة المفتاحية الجديدة هي "التضامن المرن". ما دام الكل أجمع في عدة اجتماعات قمة أوروبية، على أن أزمة اللاجئين هي مشكلة أوروبية، إذاً ينبغي على الحل أن يكون جماعياً، أما السماح بأن تتحول اليونان إلى حظيرة تؤوي اللاجئين فهذا قطعاً غير مقبول".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.