رفض مجلس الشورى السعودي مقترحاً بتجنيس العلماء المسلمين من أنحاء العالم أو السماح لهم بالإقامة الدائمة والعمل بمدينة المعرفة في المدينة المنورة.
وكان عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور هاني خاشقجي، قدم مقترحاً للمجلس باستقطاب عدد من العلماء والباحثين المسلمين حول العالم، ومنحهم الجنسية السعودية، أو حق الإقامة الدائمة وتسكينهم بالمدينة المنورة للعمل في مدينة المعرفة الإسلامية، التي تعد الرابعة من نوعها وواحدة من أهم ست مدن اقتصادية في المملكة، إلا أن المجلس لم يصوّت لصالح المقترح.
والتقت "عربي بوست" الدكتور خاشقجي للوقوف على تفاصيل فكرته وأسباب رفضها فقال "إن الأولوية هي استقطاب العلماء السعوديين من خارج السعودية. ولكن هناك ندرة في بعض التخصصات العلمية والطبيعية، واستقطاب العلماء والباحثين المسلمين سيشكل ثروة علمية واقتصادية للبلاد، خاصة وأن هناك العديد من المتخصصين في المجالات العلمية يرغبون بالعمل في المدينة المنورة والعيش فيها بقية حياتهم".
وأضاف أن التوصية التي تقدم بها خصصت مجالات معينة لاستقطاب العلماء وهي الاختصاصات الهندسية والطبية ولم تتطرق إلى علماء الدين أو الاختصاصات في العلوم الإسلامية.
نحن أولى بالكفاءات
وردَّ خاشقجي على من رفض التوصية أو عارضها بقوله: "على المعارضين أن يدركوا أن هناك نقصاً في تلك الاختصاصات.. ومن خلال اطلاعي على تقرير ورد من مدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة تبين أنها تحولت للأسف إلى شركة عقارية تبيع وتشتري العقارات، وهذا يخالف التوجه الذي بنيت من أجله، حيث تم تصميمها لتكون بمثابة مشروع يضع المملكة العربية السعودية وأصحاب المشاريع من الشباب السعوديين في مرتبة قيادية ورائدة على مستوى العالم في الصناعات القائمة على المعرفة. كما تهدف المدينة إلى جذب العاملين في مجال المعرفة من شتى أنحاء العالم"، مشيراً الى أن المملكة بحاجة إلى علماء مختصين وأصحاب خبرات كبيرة في كثير من العلوم، وأنه التقى العديد من العلماء غير السعوديين الذين أبدوا رغبتهم في الإقامة والعمل في الأراضي المقدسة.
وأوضح عضو مجلس الشورى أن هذا "لا يعني أننا لا نملك الخبرات والكفاءات فهي موجودة، ولكن لا مانع أن تتكفل الدولة بتسكين علماء مسلمين أكفاء ورعايتهم، والاستفادة من خبراتهم. فهناك العديد منهم تستقطبهم الدول الأوروبية وتمنحهم الجنسية وقد أسهموا في تطوير هذه الدول ونحن أولى باستقطابهم والاستفادة منهم".
وعن آلية تطبيق التوصية وما آلت إليه يقول خاشقجي: "للأسف تم رفض دراسة المشروع"، وأرجعت الأسباب إلى تقديمه في وقت غير مناسب وقبل انتهاء الجلسة بدقائق، فلم يلقَ تجاوباً ولم يحظَ إلا بأصوات قليلة. ويؤكد أنه سيطرح المشروع مرة أخرى في الدورات المقبلة للمجلس وسيختار الوقت المناسب لإعادة طرحه، وربما يجري عليه بعض التعديلات.
انتقاد للمشروع
وانتقد عضو مجلس الشورى السابق حمد القاضي الدراسة كونها تحدد مكان الإقامة في المدينة المنورة، وأكد أنه لا يصح حصر وجود العلماء في مدينة معينة دون غيرها من المدن في المملكة.. "فكيف يمكن أن يستفاد منهم إذا؟!".
وأضاف القاضي "إن نظام منح الجنسية في المملكة له ضوابط وشروط ويجب أن يخضع لها كل من يطلب الجنسية. ومبدأ التجنيس موجود في كثير من الدول المتقدمة"، مشيراً إلى أن هناك علماء ومفكرين وأصحاب شهادات عليا مقيمين منذ زمن في المملكة وهم الأولى بالتجنيس والاستفادة من خبراتهم وعطائهم للسعودية، بحسب رأيه.
"لا مانع من استقطاب علماء مميزين، ولكن أن يتم تحديد إقامتهم في المدينة المنورة او الأراضي المقدسة، فهذا اقتراح غير موفق". كما يقول القاضي، مضيفاً أن هناك كثيراً من المدن الاقتصادية والجامعات المميزة ومراكز البحوث موجودة في كل مدن المملكة "وتحتاج إلى كوادر وعقول مبتكرة تنتج وتقدم، يداً بيد مع العلماء السعوديين من أصحاب الكفاءات في كل الميادين".
أما الكاتبة خلود ناصر فأيدت المشروع وقالت لـ"عربي بوست" إن الفكرة جيدة وتصب في مصلحة الوطن، "وأنا مع هذا المقترح، فنحن بحاجة لمثل هذه الاقتراحات التي تسهم في التطور بشكل كبير باستقطاب علماء من ذوي الخبرة والكفاءة العالية في مجال الطب والهندسة والاستفادة منهم لتقديم كل ما هو مفيد للوطن وأبنائه".