نعتقد في الكثير من الأحايين بـ نظرية التساوي! تساوي الأصدقاء في القدر، وتساوي الأعمال في الأولوية، وتساوي المنتجات في الربحية، وتساوي الزبائن والمستهدفين في الأهمية..وهذا كلام في الحقيقة لا يصح، فالتفاوت كبير.
ولو تأملتَ كما تأمل "باريتو" في واقع الحياة التي تعيشها والتي يعيشها من حولك، لوجدت هذا التباين بين أهمية وقيمة الأشياء المتشابهة شكلاً أو اسماً. ولوجدت النظرية ماثلة أمام عينيك كل يوم.
إنها نظرية باريتو يا سادة.. هذه النظرية التي اكتشفها رجل الاقتصاد الإيطالي (فيل فريدو باريتو) المتوفى عام 1923م وتسمى نظرية باريتو أو قانون باريتو أو مبدأ باريتو أو قاعدة 80×20، وهي ذات تأثير بالغ في الحياة الشخصية، والعائلية، والوظيفية، بل وفي نطاق الدول ذاتها.
ماهي هذه النظرية ؟
ترى نظرية باريتو (80×20) أن هناك اختلالاً في الميزان الذي نحكم به على الأشياء، وأن الأعمال والأسباب والأشخاص والجهود تنقسم لفئتين رئيسيتين:
1 – الأغلبية ذات التأثير الضعيف
2- الأكثرية ذات التأثير القوي الفعال
وأن مشكلتنا تكمن في إعطاء قدر متقارب من الأهمية لكلتا الفئتين.
الهروب من الواقع!
كثير من الناس والمنظمات يهربون من السؤال المهم (أي الأشياء أكثر تأثيراً؟)
لأنه ببساطة سيؤدي إلى تغييرات كبرى تصب في مصلحة القلة ذات التأثير القوي، وليست في صالح الأغلبية ذات التأثير الضعيف!
فالقلة المتميزة من الأفراد والمشروعات والأفكار والعملاء تصنع النجاح.
إن مراجعة منظمة ما لاهتماماتها وفقاً للنظرية ستطيح بأقسام، ومديرين، وفروع، ومكاتب، وأساليب ومجالات عمل! حيث سيبدأ التركيز على الأكثر أهمية وتقليم المجالات الأقل أهمية وتأثيراً
تطبيقات النظرية في حياتك الوظيفية والشخصية :
* عشرون بالمائة من الكتب التي قرأتها، والدورات التي حضرتها أحدثت لديك 80% من إجمالي التطور والتحسين في الأداء الناتج عن تلقي المعرفة والمهارة.
* عشرون بالمائة من مهامك الوظيفية تحتل 80% من الأهمية، ولا يقبل لك عذر في التقصير عن الوفاء بها، بينما تبقى بقية المهام محصورة في 20% من الأولوية.
* عشرون بالمائة من وقتك يحدث التغيير الأكبر، والأعمال المهمة والمصيرية في حياتك العامة والوظيفية، وتبقى الـ80% الأخرى في أداء مهام تحتل 20% فقط من الأهمية.
* عشرون بالمائة من موظفي منظمتك يحدثون 80% من التغيير والنجاح، بينما يظل الباقون ينفذون وفق أدنى حد مقبول الـ20% الباقية.
* عشرون بالمائة من السلع أو المنتجات التي تقدمها المنظمة تحقق لها السمعة الحسنة والربحية (سواء كان ربحاً مالياً أو معنوياً) خلافاً لباقي السلع.
* عشرون بالمائة من أعمالك وإنجازاتك أدت إلى 80% من شهادات الشكر والتقدير والتميز والجوائز والحوافز التي حصلت عليها.
ولو استطردنا في ذكر الأمثلة الواقعية على هذه النظرية، لطال بنا المقام.
نماذج على النظرية في الحياة العامة؟
20 % من المسلسلات تحدث 80% من التغيير في قناعات المجتمع.
20 % من مذيعي القنوات يحظون بـ80% من الشعبية.
20 % من القنوات الإعلامية تحظى بـ80% من المشاهدة.
20 % من العلماء والمفكرين يحدثون 80% من الأثر.
20 % من الشركات الكبرى تحقق 80% من الأرباح في مجال اختصاصها.
20 % من مستخدمي الجوال أو الحاسوب يستخدمون 80% من خصائصه، أما الـ80% الأخرى فهي لا تستخدم سوى 20% من تلك الخصائص.
إن هذا المبداً ( مبدأ باريتو) يوجهنا للعناية والاهتمام بالأكثر تأثيراً.. وهذه العناية قد تكون بخدمته وتعزيزه وتقويته والوقوف معه إن كان إيجابي التأثير والتوجه، وقد تكون تلك العناية بالاحتساب عليه، والسعي لتقليل تأثيره السلبي، وتخفيف أضراره.
وهذا المبدأ يرتب لنا الأعداء والأصدقاء، فنحسن التعامل مع الأعداء الـ20% الذين يحدثون فينا من ضرر كبير يجاوز الـ 80%.. كما نحسن التعامل مع الأصدقاء فنعطي الـ 20% ذوي التأثير الأكبر مكانتهم وقدرهم ووقتهم.
فكرة لتوظيف المبدأ
يمكن توظيف هذه النظرية بكفاءة في ورش عمل ومجموعات تركيز متخصصة مثل:
* كيف يمكن تخفيض التكلفة باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن تبسيط الإجراء باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن تطوير الخطة باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن الاهتمام بكبار العملاء باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن تحقيق التميز في المنظمة باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن القيام بحملة إعلانية أو إعلامية ناجحة باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن إدارة موقع إنترنت باستخدام نظرية 20 × 80؟
* كيف يمكن التأثير الإيجابي على الشباب باستخدام نظرية 20 × 80؟
* من أهم 20% من أهلك، أصحابك، معلميك، وهل تعطيهم 80% من الاهتمام أم تعطيهم مثل بقية الناس؟
تنويه قبل الختام
والحديث هنا يتشعب ويطول، لكنني أذكر في ختام هذه التدوينة أمراً مهماً.. وهو أن لا نعتبر هذه القاعدة أمراً منتظماً في كل الحالات.. بل لنقل: إن 20% من الحالات لا تنطبق عليها هذه النظرية بشكل دقيق.. فكن حذراً من التطبيق الحرفي لها في كل شيء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.