تجتاز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا، فترة توتر ترجمت بخلافات حول شركات آبل ودوتشي بنك وآيرباص، وبتعثر المفاوضات التجارية بين طرفي الأطلسي.
ويبدو أن الخلاف حول شركة آبل هو الأصعب، وأبدت السلطات الأميركية انزعاجاً شديداً من القرار الأوروبي في نهاية آب/أغسطس الماضي، بإجبار العملاق الأميركي على دفع 13 مليار يورو إلى أيرلندا.
وأعرب وزير الخزانة الأميركي جاكوب لو -مراراً- عن انزعاجه من هذا القرار، واتهم الأوروبيين مباشرة باستهداف الشركات الأميركية الدولية "بشكل مبالغ به".
أميركا تعاقب أوروبا
من جهة ثانية يستعد الأميركيون لفرض غرامة بقيمة 14 مليار دولار على مصرف دوتشي بنك في الولايات المتحدة؛ بسبب خلافات حول قروض عقارية، ما أثار غضب الأوروبيين الذين يتهمون الأميركيين باستهداف المصارف الأجنبية على أراضيهم.
وإضافة إلى هذين الملفين الخلافيين، أضيف الانتصار الأميركي داخل منظمة التجارة العالمية للاعتراف بعدم شرعية الدعم الحكومي الذي يُقدم إلى آيرباص في أوروبا.
ولم يغلق هذا الملف بعد، إلا أن الولايات المتحدة قد تطلب نظرياً من الأوروبيين تعويضات بعشرات مليارات الدولارات.
أخيراً، هناك المفاوضات بين الطرفين حول اتفاق التبادل الحر التي من المقرر أن تستأنف في نهاية السنة الحالية قبل رحيل الرئيس الأميركي باراك أوباما من البيت الأبيض، مع أن الأوروبيين باتوا يعتبرون هذه الفرضية "غير واقعية".
احتكاكات
ومع أن الاحتكاكات بين الكتلتين على ضفتي الاطلسي ليست جديدة، فانها ازدادت حساسية هذه المرة بسبب الغموض الذي يلف الانتخابات المقررة قريبا في الولايات المتحدة (الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر) وفرنسا (نيسان/أبريل) وألمانيا في نهاية الصيف المقبل.
وقال الخبير إدوارد ألدن من مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية "في الأيام العادية كان الطرفان يجدان بسهولة نقاطاً مشتركة، إلا أن المشكلة اليوم هي في الغموض الذي يميز هذه المرحلة" خصوصاً بسبب الانتخابات المنتظرة.
وما يزيد من تفاقم الجدال في هذه الفترة عودة التداول بقوة بالنظريات الحمائية في الولايات المتحدة مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وفي أوروبا أيضاً مع تصويت البريطانيين إلى جانب بريكست.
وتابع ألدن "الخطورة في الأمر ان هذه الخلافات الروتينية عادة تزداد تعقيداً كل يوم"، معتبراً أن البلبلة تسود الولايات المتحدة وأوروبا على حد سواء إزاء تنامي رفض الليبرالية الاقتصادية.
وبات الطرفان يستسهلان مهاجمة الشريك الاقتصادي الآخر أكان الأميركي أو الأوروبي.
وهكذا هاجمت فرنسا ما اعتبرته تشدد الولايات المتحدة في المفاوضات التجارية. وقال وزير الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية ماتياس فيكل في نهاية الشهر الماضي "إن الأميركيين لا يعطون شيئاً وإن أعطوا فالأمر لا يتجاوز الفتات (…) إن التفاوض بين حلفاء لا يجوز أن يكون على هذا الشكل".
وذهب أبعد من ذلك عندما اعتبر أنه "من غير الوارد" مواصلة المحادثات التجارية ما دام الأميركيون يواصلون استخدام القوانين العابرة للحدود للمضي في استهداف الشركات الأوروبية.
ودفع المصرف الفرنسي "بي إن بي باريبا" الثمن عندما فرض الأميركيون عليه غرامة بقيمة 8،9 مليار دولار عام 2014 بسبب خرقه للحظر.
وتضع سياسة المواجهة هذه بعض المحللين في حيرة من أمرهم. وقال الخبير سباستيان دوليان من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين لوكالة الصحافة الفرنسية "لا أعتقد أن بالإمكان فعلاً ربح نقاط خلال الانتخابات المقبلة، أكان في الولايات المتحدة أو أوروبا عبر الضرب على الشركاء الاقتصاديين".