لمّا صار هذا الموقع والواقع الافتراضي وجهة كل من يريد تسلية أو تواصلاً أو أخباراً أو علماً وثقافة وفائدة، كان لا بد من أخذ طبيعة التواصل بين الناس من خلاله على محمل الجد في الوعظ، فهو لا يقل أهمية عن الواقع العادي في التأثير على نفسية الفرد، بل ربما بالنسبة للبعض يكون أكبر، فالكثير يقضون على موقع الفيسبوك ساعات أكثر مما يقضون مع عائلاتهم ومعارفهم، ويحتكون مع أناس أكثر مما يحتكون في حياتهم اليومية؛ لذا كان حرياً أن نستشف من خلال تجربتنا في استخدامه بعض الآداب في التعامل مع هذا الكم من الناس من ثقافات ومجتمعات شتى.
وستلاحظ أن العامل المشترك بين هذه الآداب هو الاختلاف الرئيسي في التواصل بين الواقع المباشر والواقع الافتراضي والمتمثل بغياب الصوت والصورة الحية -في الغالب- وحركات الجسد، وذلك مما يفقد أو يضعف كثيراً من المعاني، كما أنه يظهر طبائع للناس مختلفة عن الواقع المباشر من حيث إبداء السرائر والجرأة، وغير ذلك.
وإن كان ليس الجميع بحاجة لقراءة جميع ما يذكر، فإن من ليس بحاجة هو من لا يضيره تثبيت الأفكار، وإليكم بعضاً مما وجدته يستحق الإشارة إليه:
1- مخالفة أرض الواقع:
التكلم من وراء الشاشة ليس عليه رقيب -سوى الله وملائكته بالطبع- ولا حاجة فيه لتبادل المجاملة مباشرة، ولا يوجد خوف، وهذه العوامل وغيرها تسهم أو تسهل اختلاف طبيعة وأسلوب الكلام على الفيسبوك عن الواقع المباشر، بشكل عفوي أو غيره، ولكن هذا يعود على المتكلم بالدرجة الأولى في طباعه وشخصيته وما يتصل بها من صفات، وبالتالي يمس أيضاً القارئ بشكل مباشر أو غير مباشر.
2 – عامل الناس كما تحب أن يعاملوك:
لا تختلف الآداب الاجتماعية المعروفة عن تلك عند التواصل على الفيسبوك من حيث المبادئ، فجميل أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وينم ذلك عن مروءة وقوة، ويختصر الكثير من المشكلات والبحث عن حلها، أو كما في التوجيه النبوي (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
3 – اقتباس أم سرقة:
أنقل إليك أخي وصديقي انزعاج الكثير من اقتباس المنشورات دون ذكر مصادرها، ولا يكفي في أحسن الأحوال نقل الكلام مع ذكر كلمة منقول، وليس عليك من الأمر من شيء إذا أراد فاعل الخير أن يذكر اسمه أو أن يشار إليه، خصوصاً فيما يكون حصيلة جهد، أو يعود بالنفع على صاحبه.
4 – لا حبذا صيغة الأمر:
خاصة عندما تكون بناء على التجارب الشخصية التي غالباً يبدو أنها غير ناجحة ولم يُحسن فيها التصرف، ونشاهدها كثيراً من صفحات فيها مئات آلاف المشتركين الذين يقومون بمشاركة تلك الكتابات أو الخواطر، والتي كثيراً ما تكون سطحية، فتفرق ولا تجمع، وتفسد ولا تصلح.. أو عندما يتدخل شخص في الخصوصيات، بتسلط وسماجة، دون مراعاة الأسلوب وحساسية الموضوع، ومكانة المتكلم من المتلقي.
5 – أسلوب التعريض:
في حين أن لهذا الأسلوب استعمالاً صحيحاً، لكنه غالباً ما يستعمل بشكل جبان وقبيح، ويسمى في بلد (تلطيش) وفي آخر (تلقيح)، وقد ألغيت متابعة الكثير ممن يستعملونه، وهو يتسبب في نفور الكثير من الناس والتحريش بينهم، فمطالعة الأفكار أو العبارات السلبية ليست من ضمن دوافع الكثير لتصفح الفيسبوك.
6 – التجاهل:
وليس تجاهل المسيء أو تأجيل حديث لسبب أو حتى لمزاج ما أقصد، ولكن التجاهل بكلية دون أي مبرر، وما لو كنت في حديث وجهاً لوجه لما قمت به لأنه مشين، وهو كثيراً ما أورث الضغائن.
7 – استخدام الإيموجي:
أو الوجوه التعبيرية، الإفراط في استخدامها -إن كنت رأيت مثالاً- يوحي أن المتحدث يريد إيصال حالة ليس هو عليها في الوقت الذي يكتب فيه، ولكن لها ضرورة أحياناً لضمان عدم إساءة الفهم أو لإيصال شعور يفترض أنه بادٍ على صاحبه ويؤدي عادة مهمة التواصل العاطفي، وذلك بسبب نقص التواصل البصري والسمعي والحركي على الفيسبوك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.