إلى أين يذهب بنا الآخرون؟

إن لم تكن تحمل شهادة إنسان فلن تستطيع أن تنافس أقوى شياطين الأرض الحاضرة في كل لحظة لتأخذك بعيداً نحو الفناء، يذهب بنا الآخرون إلى ما لا يذهبون به لأنفسهم، فكلما صعدوا درجة احتاجوا إلى من يصعدون عليه بكل الأسباب.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/17 الساعة 04:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/17 الساعة 04:36 بتوقيت غرينتش

إلى أين يذهب بنا الآخرون؟
إلى الجحيم طبعاً.

إن لم تكن تحمل شهادة إنسان فلن تستطيع أن تنافس أقوى شياطين الأرض الحاضرة في كل لحظة لتأخذك بعيداً نحو الفناء، يذهب بنا الآخرون إلى ما لا يذهبون به لأنفسهم، فكلما صعدوا درجة احتاجوا إلى من يصعدون عليه بكل الأسباب.

قد نكون أحياناً امتداداً لمأساة أحدهم أو سعادته، وقد نكون إعصاراً يهز كيان الطرف الآخر، وقد نكون مهمشين، ولكن الخير كله ألا نكون على هامش الحياة، وألا يمتد بنا الآخرون لنعيش مأساتهم أو دوافعهم أو هواجسهم، بل نعيش لنكون نحن، وتكون الأنا فينا متمردة على طبع الآخرين، فلا يقودوننا نحو أي انهيار، بل نمتلك أنفسنا برواسخ ثابتة تفعّل حياتنا اليومية بإيجابية.

علينا أن نتقبل عندما نحب أو نتعامل في سلوكياتنا مع الآخرين عيوبنا وعيوب الآخرين، فقد تكون هذه العيوب طريقنا إلى النجاح وطريقهم، ومن قال إن الكمال يؤدي بنا نحو النجاح، قد يؤدي بنا نحو القمة ولكن سنكون وحدنا فيها.

دعونا لا نسمي العيوب عيوباً، ونضع منهجية لكل عيبٍ موازٍ لعيبٍ آخر له منهجية أخرى، فنجد أن كل الطرقات موازية لبعضها وتؤدي إلى نهاية واحدة هي الحياة، حتى الأخطاء لا عيب فيها، فلولا الخطأ ما استقامت الأشياء، نحن لسنا في مدينة أفلاطونية، ولكن معرفتنا لأنفسنا بشكلٍ جيد، تمحور إنسانيتنا، وتنقلنا إلى شرف وجود عالم الإنسان الكبير، نعود أدراجنا إلى ما قبل التاريخ حيث كانت الحضارات السابقة لا تقوى على ذكر حضاراتنا، هل تغير الإنسان؟

كلا، هو.. هو ما قبل التاريخ وما بعده وفي كل حضارة، لا صفات متزايدة ولا نقصان فيها، من التجبر إلى الرحمة، هذه السعة العظيمة التي يحكم بها الإنسان كل شيء، من عبودية إلى تحرر، خلقت المعاجز في كيانات البشر، فتقابلت الحضارات بعضها ببعض، وتأثرت أحوالها واختلطت شؤونها، ما يأخذنا في هذه الممكنات التي حدثت ولم تحدث بقاءها في حالة الثبوتية والمشاهدة الواقعية والاستمرارية، فتجمع الأحوال كلها في ذوق واحد ليظهر العالم فلا يستغني عن بعضه البعض.

ومن الثبوتيات في هذا العالم حكم وجود البشر، والعلم الذي هو فوق طور العقول، وما يستحيله من الفكر يستحيل وجوده، ومن المُريد في هذا كله، توزع المهام على عاتقنا دون أن يأخذنا الآخرون إلى ما يريدون؛ لنكون عبيداً لهم، بل أن نكون في يقظة لأنفسنا وللعالم من حولنا، فإنه لم يبق في الإمكان أبدع من هذا العالم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد