هذا المقال عبارة عن خلاصة قراءتي لكتاب "اعمل أقل تنجح أكثر"، للكاتب الكندي أيرني زيلنسكي، الذي يقول في رسالته الأساسية المثبتة على موقعه الإلكتروني باللغة الإنجليزية: "إن الناس العاديين يمكنهم تحقيق نتائج خارجة عن المألوف وصنع الفارق في هذا العالم".
في الحديث عن مضمون الكتاب الخارج عن المألوف أيضاً، الذي تدين الكاتب المال لطبعه ونشره بعد أن رفض الكثير من دور النشر مساعدته؛ ليكون لاحقاً من الكتب الأكثر مبيعاً!
في حين أن الجميع يتكلم عن العمل الجاد المجهد بدنيا لساعات طوال وربط كثرة ساعات العمل بكثرة الوارد المادي، إلا أنني أرى رأياً مخالفاً تماماً وهو أن العمل القليل هو الجالب للمال والسعادة!
يقول الفيلسوف والمؤلف الأميركي هنري ديفيد ثورو: ليس كافياً أن تكون مشغولاً.. السؤال هو: ما الذي يشغلك؟
في عصر التكنولوجيا والتطور الهائل أصبح أغلب سكان هذا العالم يلهثون وراء أمور غير مهمة على حساب أمور مهمة تحت ذريعة السعي وراء الغنى؛ لأن الواقع الصادم هو أن معظم الأشياء في هذا العالم ليست بتلك الأهمية التي نضعها في مخيلاتنا لنلهث خلفها.
يأتي الكاتب بمصطلح مهم جداً وغائب عن الكثير الكثير، وهو مصطلح "الكسول المنتج"، كيف يكون كسولاً ومنتجاً في نفس الوقت!
نعم يكون، ولكن يستوجب عليه أن يكون خلاقاً جداً، وأن يعمل على الأقل فترة لا بأس بها ليحصل على ما يريد.
يعلمنا الحكماء أن تدريب أنفسنا على الشعور بالرضا حتى لو لم نحصل على كل الأشياء التي نرغب فيها؛ لأن الشعور بالرضى هو أمر أساسي لتحقيق النجاح وللحصول على السعادة في هذا العالم، نعتقد أن السعادة والغنى هماي الحصول على فيلا فخمة وسيارة آخر موديل وامتلاك رصيد من المال يؤهل الشخص ليصبح مليونيراً، بعد أن يفنى عمر أحدنا لاهثاً من عمل لآخر باذلاً كل قوته وصحته وحارماً نفسه من تناول إفطار وشرب كوب من الشاي مع عائلته حول طاولة صغيرة تطل من شرفة بلكونته في بيته المتواضع!
نسبة 5% من الناس في هذا الكون الفسيح هم الذين اختاروا العمل وقتاً قصيراً من أجل أعمال صحيحة جلبت لهم النجاح والسعادة اللذين لم يشعر بهما 95 في المائة من البشر.
الأكيد أن درب النجاح محفوف بالعوائق.. وعليك أن تعمل حتى ولو لأربع أو خمس ساعات باليوم، فمع أن الكسولين المنتجين اختاروا الطريق المريح لازدهارهم وحريتهم المادية، لكنهم يعرفون أن بذل الجهد شيء مطلوب للحصول على كل ما يستحق أن يمتلك في هذه الحياة.
يقول رجل حكيم: "معظم الدروب المرصوفة جيداً لا تفضي إلى أي مكان"!
لذا شكك دوماً بما يقوله جيرانك وما يفعلونه وما يفكرون به، فمن غير الحكمة أن تتبع طريقة معظم الناس في المجتمع كمثال يمكن تطبيقه في حياتك.
كتب أريك فروم في كتابه "الهروب من الحرية": يعيش الإنسان العصري في وهم أنه يعرف ما يريد، بينما الحقيقة أنه يريد ما يفرض عليه المجتمع..
الواقع أن الإنسان اليوم في هذا المجتمع الاستهلاكي وخلف الوسائل الإعلامية يتقبل ما يفرض عليه من قِبل المجتمع بدلاً من التوقف للسؤال إذا كان ما يفرض عليه سيجلب له السعادة حقاً؟
فأنت أمام خيارين: إما البقاء في دوامة هذا النظام والعمل بجد لساعات طوال، وإما ترك هذا النظام كلياً والسعي إلى حياة لا تعب فيها باختيارك أنت.
(يتبع).
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.