أعجب.. ولم يعجب!

وبعد مدة جاوزت الثلاثة أشهر التي ليست بالقصيرة، وهما على هذه الحال، أخيراً قرر أن يخبرها بصدق مشاعره تجاهها فتوجه نحوها كما كل يوم، وأخبرها وهو خائف أنه يحبها، لكن في تلك اللحظة تحول خوفه إلى ألم، فقد رفضت حبه لها!! فصار يعتصر قلبه دماً من شدة ألم حبها وتعلقه بها، يمسح دموعه بين اللحظة الأخرى،

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/15 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/15 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش

هو ذلك الشاب الذي لا تفارق البسمة شفتيه، ذو وجه بشوش لا يكل ولا يمل، دائم المثابرة ولا ييأس، حياته مليئة بالرفاهية في نظر من يراه من الناس، فهم لا يعلمون ماذا يختبئ وراء هذه الضحكة الجميلة… هو طالب نجيب محبوب بين أصدقائه لطالما لامست نتائجه المدرسية التفوق والتميز، مما دفع بعض الأحيان أشخاصاً إلى استغلاله، ولكنه كان يمتلك ما يسمى بـ الحاسة السادسة" فكان يقرأ ما وراء العيون الضاحكة، وما تخفي القلوب المريضة.

هو "أحمد"، صاحب القلب الأبيض، كما يصفه أصدقاؤه، فكان يأخذ كل الأمور ببساطة، ولا يحمل في قلبه غلاً ولا شراً لأحد حتى وإن ضايقه، رفقة أحمد في معظمها من البنات، فلم يكن لديه إلا صديقان من الشباب، ومع ذلك فقد عانى في حياته العاطفية كثيراً، فقد قدر له أن يقع في الحب مرتين، وفي كلتيهما كانت المحاولات فاشلة.

في أول مرة كان أحمد عمره خمسة عشر عاماً، أي عندما كان في الصف التاسع في المرحلة المتوسطة، أعجب بفتاة كانت الأجمل على الكرة الأرضية، من وجهة نظره، من شدة ولعه بها، لم يستطع أن يخبرها فوراً ظل مراقباً لها من مسافة قريبة جسدياً، ولكن بعيدة قلبياً وروحياً، فلم يكن يلمس أي اهتمام منها، فكان كثير المكوث في حيها السكني حتى يراها أكبر وقت ممكن، يتحدث معها ويمازحها ويضحكان، ويحلم أن يمسك يدها، ويلمس وجنتها بأصابعه، ويضمها فلا يفلتها حتى تخرج الروح من الجسد.

وبعد مدة جاوزت الثلاثة أشهر التي ليست بالقصيرة، وهما على هذه الحال، أخيراً قرر أن يخبرها بصدق مشاعره تجاهها فتوجه نحوها كما كل يوم، وأخبرها وهو خائف أنه يحبها، لكن في تلك اللحظة تحول خوفه إلى ألم، فقد رفضت حبه لها!! فصار يعتصر قلبه دماً من شدة ألم حبها وتعلقه بها، يمسح دموعه بين اللحظة الأخرى، ولازم فراشه لأوقات طويلة، وبعد عدة أيام استعاد جزءاً من وعيه وقرر عدم الاستسلام وإعادة المحاولة، علها يلين قلبها، فظل يريها ويبرز لها شدة تعلقه بها، وأنه لن يتخلى عنها أبداً حتى إن لم تعجب به.

رأت الإصرار يلمع في عينيه، والقلب يأبى أن ينبض إلا لأجلها، فراجعت نفسها وترددت إن كانت ستعطيه فرصة، ولكن قلبها كان قد بدأ ينبض بفرح من شدة الحب، والاهتمام فقررت القبول، ولكن لم يدم هذا الحب طويلاً!.. فبعد مدة نحو الشهرين أنهى العام الدراسي، فنجح أحمد بتفوق و"رسبت حبيبته"، فحزن لأجلها كثيراً، وتمنى لو كان بإمكانه إعطاؤها من علاماته، ولكن لم تكن هذه المشكلة الأكبر، ففي ذلك قرر أهلها إبعادها عن المدرسة وإعلان خطبتها على ابن خالتها، رغماً عنها، وبذلك يكون أحمد قد خسر حبه الأول الذي عانى وناضل من أجل الحصول عليه.

ظل لحبها وفياً، ورغم علاقته القوية بالكثير من الفتيات، ولكن ظل قلبه مغلقاً بحبها، طال هذا الامتناع عن الحب مدة طويلة ما يقارب الثلاث سنوات، فوجد حبه الثاني من دون حتى أن يقصد، فكان في الثامنة عشر من عمره، أي في الصف الثاني عشر الثانوي، تعرف عليها عن طريق الإنترنت، وهي فتاة معه في المدرسة لم يكن يعرف شكلها قبل أن يتكلما على الإنترنت، فبدأت الحكاية بتعارف ومراسلات خفيفة حتى أصبحت تدوم أكثر من ساعتين، وأحياناً ثلاث ساعات متواصلة، وكل ذلك قبل أن يراها، وفي أحد الأيام وقبل أن تنتهي المحادثة اتفقا على أن يلتقيا في اليوم التالي في المدرسة.

ذهب للقائها في نوع من التردد والخوف، فهو لأول مرة يراها، وقابلته هي على استحياء طبيعي، كما جميع الفتيات، ولكنه بادر في السؤال عن حالها، وبدأ بالحديث حتى يكسر حاجز الخجل الذي بينهما، فراق لهما اجتماعهما وتحدثهما الذي لا يكاد ينقطع، مما قوّى العلاقة فيما بينهما، وجعل الشرارة الأولى تنطلق من عيون أحمد. علم أنه معجب بها، فأراد أن يتأكد إن كان هذا الإعجاب يصل إلى حد الحب، وأيضاً إن كانت هي تبدي نوعاً من الاهتمام والانجذاب له.

بقيت اللقاءات والأحاديث على الإنترنت، ولكن أصبحت بشكل أطول، فتأكد بعد فترة من حبه لها وتعلقه بها، ولكنه خاف من حدوث ردة فعل سلبية إن أخبرها بحقيقة مشاعره، كما حصل معه في حبه الأول، فقرر التأجيل مؤقتاً. وبعد حين لم بعد يستطيع إخفاء مشاعره فأخبرها بعد أن وجد وداً من قبلها، لم تبدِ أي رد سلبي عندما أخبرها، ولكنها كانت مترددة، فطلبت منه بعض الوقت. اكتشف أحمد فيما بعد أنها بالفعل معجبة به، ولكن رفاقها يحذرونها منه، ومن أنه سيلعب بمشاعرها، ومن ثم يتركها تتعذب، كما فعل مع الكثير من الفتيات، وكان ذلك سبب رفضها لحبه، ولقطع علاقتها به.

كالعادة دخل أحمد في صدمة جديدة، ولكنها هذه المرة لم تكن كصعوبة المرة الأولى، ولكن الحكاية لم تنتهِ عند هذا الحد، فعلى الرغم من انقطاع العلاقة فإنه ظل يحبها ويخفي هذا الحب داخل قلبه ويتابع حياته بشكل طبيعي على أمل أن تعود مرة أخرى، فعادت تلك الفتاة بعد عام من انقطاع العلاقة، واعتذرت منه وأخبرته أنها نادمة، وكل ما حصل بسبب تحريض رفاقها الذين قطعت علاقتها بهم فيما بعد؛ لأنهم كانوا كاذبين، فقبل اعتذارها بدون تردد، وانتشر في باطنه أمل جديد بأن تقبل عرضه هذه المرة.

رجعوا مرة أخرى إلى اللقاءات والأحاديث الطويلة لتعزيز العلاقة والثقة مرة أخرى، وعندما أصبحت العلاقة مستقرة نوعاً ما قرر أحمد أن يخبرها مرة أخرى بأنه ما زال مغرماً بها، ولم يفقد ذرّة من حبها الذي ما زال يقطن قلبه، فكان الرد كالصاعقة هذه المرة، فكانت التي يحبها قد دخلت في علاقة حب مع شاب آخر.

لم يفقد أحمد حبه هذه المرة فحسب، ولكن خسر شعوره بقلبه أيضاً، فأصبح ينبض بدون أي معنى، فقد كسر مرتين، وكل مرة تكون أصعب من الأخرى، مما سلب منه طعم الحياة وجمال ألوانها، وأصبح يمضي أيامه المتبقية من عمره بدون هدف، ولا دافع، بانتظار مفارقة روحه لجسده، لعدم وجود الحبيب فهو "أعجب" بالفتاتين، ولكن لم "يعجب" أحمد كلتيهما.

ولكن المهم أنه ما زال يبتسم ويظن الناس أنه سعيد!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد