المرأة.. مادة صراع مجتمعي

رسالتي لكل النساء: الحرية ليست هي أن تخلعي ملابسك، والحرية ليست هي بيع جسدك، ليست هي الدعوة لتقنين المحرمات وليس هي أن تبيحي نفسك وأن تشاركي الرجل كل خصائصه، لن تكوني يوماً رجلاً، ولن تكوني يوماً قوية بهذا الشكل بل على العكس، حداثتك هذه ستعبر عن مدى اهتزازك النفسي.. رفقاً بعقولنا.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/03 الساعة 05:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/03 الساعة 05:08 بتوقيت غرينتش

تعيش المرأة إلى حدود زمننا هذا وسط صراع فكري مجتمعي متناقض، حيث أصبحت مادة دسمة تتخذها كل جهة تحاول إظهار الجانب الحداثي الذي يميزها، اتخذتها الأحزاب السياسية عبر العالم العربي لتمحو لقب الرجعية الذي سيلاحقها إن أقصوا النساء، واتخذتها الدول أيضاً مؤشراً لقياس تحضر كل بلد من خلال الحقوق التي أعطيت لها.

استغلت العديد من الجمعيات الحقوقية واستغل المجتمع المدني المعاناة التي عاشتها المرأة لمدة قرون، إضافة إلى القمع الذي كان يلازمها بمختلف مراحل حياتها وكذا الإرهاب الفكري الذي مورس عليها.. ولهذا فور ما حصلت المرأة على حقوقها بالعالم الغربي حتى كانت الجمعيات النسائية العربية قد بدأت بالدعوة للحرية وكذا إعطاء الحقوق الكاملة للمرأة التي تتمثل بالمساواة بين الجنسين والتحرر من قيود وأفكار المجتمع والأعراف التي عانت منها طويلاً.. وكل ما سبق بدعوى "الحداثة".

والحداثة هي تصرف ذكوري محض، هو أولاً فعل تحرير، وطاقة تحريرية؛ لأن القيمة الأساسية للحداثة هي الحرية والفردية، قيمة الفرد وقيمة الفكر الحر الشخصي، وعند إسقاطنا لهذه المبادئ على قضايا المرأة واستحضارنا لما كانت تعيشه في الماضي القريب نجد تفسيراً مقنعاً لسبب دعوة فئة عريضة من النساء إلى الحرية والتحرر الذي يمحو الطبيعة الأنثوية التي خلقت عليها المرأة.

لو كنا فقط مجتمعاً متمسكاً بتعاليم دينه الإسلامي وملتزما بتطبيق جميع ما أوصينا به لعلمنا أن للمرأة مكانة رفيعة وحقوقاً ما زالت الجمعيات الحقوقية لم تلتفت إليها، بما أننا نؤمن بدين وسطية واعتدال فقد حافظ الإسلام على صورة المرأة القوية المحترمة المحتمشة والفاعلة بالمجتمع، على عكس النساء الحداثيات اللواتي أبحن العري والتعري والإجهاض وطالبو بالمساواة مع الرجل وبالعلاقات المثلية.. والعديد من الأمور التي أزالت عن المرأة هويتها الإسلامية.

ما يقتل تفكيري ويشتت أفكاري بضربة عشواء هو أننا نتمتع بغباء لا نظير له، يجعلنا نعتبر أن المرأة غير الحداثية تعتبر امرأة ضحية وخطابها المظلومية، وأن المرأة الحداثية هي امرأة قوية شعارها الأنثى المسترجلة.. وأن الاسترجال من علامات القوة.

ما يرهق تفكيري أيضاً هو أن هؤلاء النساء يدافعن بقوة وشراسة كلما تعلق الأمر بحرية تنصر الهندام أو المثلية أو العلاقات غير الشرعية والإجهاض.. ويغضضن البصر عن كل قضية تكون بها المرأة ضحية اغتصاب أو تعنيف أو تحرش أو ما شابه ذلك.

وهنا يظهر جلياً أن هدف هذه الفئة من الحقوقيين ليس الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها وحمايتها من المجتمع الذكوري والنهوض بوضعية الفتاة القروية.. إلخ من الدرجة الأولى وإنما هي تيار يسعى لنشر الفتنة وتنمية تطوير الصراع بين الرجل والمرأة والخروج عن دائرة التكامل التي وجدت من أجلها البشرية.

بنفس المنطق لا يمكن إنكار الطبيعة الفكرية التي يتغنى بها المجتمع العربي وهو مجتمع ذكوري حتى النخاع، وهنا لا أخص الرجال بالتفكير الذكوري فقط وإنما هو فكر تتبناه النساء أيضاً بل وهن من يزرعنه بأبنائهن (رجال المستقبل) ويشجعن أزواجهن عليه.

المجتمع الذكوري يعتبر أسطراً كهذه محاولة للتمرد والثورة على الواقع، وإنكاراً للعادات والتقاليد، ومن يدري ربما يستحضر لك آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية ليقنعك بأن القوامة للرجل وأن المرأة التي لا تحني رأسها أمام رجل، مهما كانت صفته وحتى لو لم يكن له سلطة شرعية عليها، فهي امرأة وقحة.. هناك من يعتبر أن النساء هن سبب البلاء والسبب أيضاً بظهور التحرش الجنسي والفساد الأخلاقي؛ حيث يستحضرون وجوب الحجاب وينسون وجوب غض البصر..

قد نجد أن هناك مَن يشجع المرأة ويسند نجاحها، ولكنه لن يرضاها كزوجة له خوفاً من أن ترهق فكره سيدة مثقفة ناجحة لها اهتمامات ستأخذ من وقت اهتمامها به وبمطبخها وأولادها..

باختصار شديد.. كيان امرأة قوية يشكل عائقاً لكل رجل ينعش عقله الذكوري بالخضوع النسائي وإقناعه لنفسه أيضاً بأن المرأة خلقت لتقوم بواجبها البيولوجي فقط لا أكثر.. ومن ناحية أخرى استغلت نساء التيار الحداثي ضعف المرأة العادية أمام سلطوية الرجل العربي لتقنعها بأن حريتها الفكرية وتحررها العقائدي هو الوسيلة الوحيدة لترد إليها الاعتبار متناسين الدين الحنيف الذي رد إليها الاعتبار منذ زمن طويل..

رسالتي لكل الرجال بأن يتخذوا المرأة جانباً مكملاً لهم.. دعها تنجح إلى جانبك بدون أن تحاربها وبدون أن تقاومك هي الأخرى، فحتماً لن يكون أطفالك سويين بأم جاهلة يعتريها الفشل والخوف منك، وشئت أم أبيت هي نصف المجتمع..

رسالتي لكل النساء: الحرية ليست هي أن تخلعي ملابسك، والحرية ليست هي بيع جسدك، ليست هي الدعوة لتقنين المحرمات وليس هي أن تبيحي نفسك وأن تشاركي الرجل كل خصائصه، لن تكوني يوماً رجلاً، ولن تكوني يوماً قوية بهذا الشكل بل على العكس، حداثتك هذه ستعبر عن مدى اهتزازك النفسي.. رفقاً بعقولنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد