بائعات الهوى

ليست بائعة الهوى مثالاً للبيع غير المشروع، فعندما نطرح فكرة البيع السلبي تتضمن الهوى والضمير وكل ما يتعلق بالإنسانية، فلم نحاسب بائعات الهوى؟ ولا نحاسب بائع الضمير! الذي يتواجد معنا كل يوم على سفرتنا الصباحية، في المصعد، على باب البناء، في الشارع، في العمل، نحن في مجتمع باعَ ضميره أيضاً، لا يحق لأحد أن يحاسب أحداً إن لم يحاسب نفسه قبل ذلك، فلنتريث كثيراً بأحكامنا!

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/20 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/20 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش

سارحات الهوى.. ملائكة ضائعة في عالم يظن أنهن يبعن الهوى تسليةً وغروراً وضعفاً، يتعرضن للاستغلال، وهنّ على العكس.. قويات، متواضعات، تحتجن إلى تكافل اجتماعي كبير، وجهود جبارة للدول في حماية الفتيات العاملات في هذا المجال، ولو أخذنا كل حالة على حدة لوجدنا أن كل حالة تختلف تماماً عن الأخرى في قوانينها ومرجعيتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية، لدرجة تذهل الباحث فيها.

لا يوجد امرأة طبيعتها المطلقة بائعة هوى، ولكن يوجد مجتمع خرقَ النظام لا تمشي مصالحه دون وجود هذه البائعة، يقتاتُ عليها، استطاع أن يغرس الدافع فيها دون ندم أو أي ألم، مجتمع وجد طريقه نحو الرفاهية؛ ليحكم نفسه بسلطة الجنس والمال.

بائعة الهوى طريقٌ مسدود لكل فتاة عاشت ضمنه، خلصتها الحريات الاجتماعية من حقوقها كأنثى، هل سمعنا يوماً ببائع الهوى إلا قليلاً، يوصلنا هذا إلى مجتمع ذكوري ناشط، محبط، متخفٍّ، لا يقدم أحضانهُ الدافئة لها إلا كبائعة هوى، مفارقة عجيبة تحدث بين المجتمع المتحرر والتجريم القانوني الاجتماعي الملتزم لبائعات الهوى وكأنهن لا تظهرن إلا بإطار قوانينه وأعرافه، ووفقاً لتحركاته، ولو انتقلت من قناعٍ إلى آخر، كانتقالها من رجل لرجل كل حسب قناعهِ الذي يضعهُ على وجههِ في بيئتهِ التي يعيش فيها.

لا يوجد امرأة تبيع الهوى إلا وخلفها مئات من الانكسارات الجسدية والنفسية، فهن لسن سعيدات حتماً كما يظن الناظر إليهن أنهن بين الجنةِ والنار، بافتراض أنَّ لا جنة ولا نار فهناك انتهاك لحقوق المرأة في المجتمع العالمي واضح وكبير ومخفيّ.

ليست بائعة الهوى مثالاً للبيع غير المشروع، فعندما نطرح فكرة البيع السلبي تتضمن الهوى والضمير وكل ما يتعلق بالإنسانية، فلم نحاسب بائعات الهوى؟ ولا نحاسب بائع الضمير! الذي يتواجد معنا كل يوم على سفرتنا الصباحية، في المصعد، على باب البناء، في الشارع، في العمل، نحن في مجتمع باعَ ضميره أيضاً، لا يحق لأحد أن يحاسب أحداً إن لم يحاسب نفسه قبل ذلك، فلنتريث كثيراً بأحكامنا!

التجريم القانوني لبائعة الهوى غير عادل، فهناك محاسبة لمجتمع بأكملهِ قتلَ قلب الأنثى في بائعة الهوى، وجعلها في دوامة نسيت أن تكون أُماً وزوجة لتعيش واقعاً وهمياً تنفصل فيه عن المجتمع تدريجياً.

مَن سيحاسب مَن؟ ومَن سيلوم مَن؟ لا أحد.. ستبقى إهليلجية إن قومتها أفسدتها.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد