عندما يتملكنا الحلم، وتتغشانا الرغبة في إتمامه، ليس ثمّة تأثير خارجي يكاد يسلبنا إرادة تحويل الحلم لواقع، ولكن نحن والواقع ثنائي إقرار الحلم، إما أن نواصل الحلم نتيجة لؤم الواقع، وإما أن نواصل تحقيقه بعطاء الواقع، وفي كلتا الحالتين، نحن نحلم.
كثيراً ما يراودني سؤال: لماذا لم نيأس بعد؟ فيجيبني الحلم: "ها أنا موجود، ولا يأس مع القلب الحالم والعقل الحالم"، ولكن ثمّة خوف من الواقع ولؤمه، خوف من أن يمارس علينا سطوة التمرد ويرفض أحلامنا ويرفضنا أيضاً، خوف من أن يسلبنا عقولنا وقلوبنا ويحطمها على عتبة اللؤم، خوف آخر من أن تكون أحلامنا لا تتناسب معنا.
أحاول أن أمزج هنا هواجس شتى تدور في خلدي، متنقلة كالراحلة من القلب إلى العقل، ولا جدوى من توقف الخوف، ولا جدوى من الاستسلام له طبعاً، فنواصل نحن الحلم، ويواصل الحلم في تملكنا، أنا هنا لا أفهم ما أكتب، وربما لن تفهم أيها القارئ ما أكتبه، ولكنها دعوة مني لتنظر إلى قلبك وعقلك، ماذا يخالطهما الآن؟ وماذا عن حلمك والواقع؟
دعني أخبرك، لم يتملكني الخوف من العَدم، فقد حلمتُ يوماً أن أرتدي ثوب التخرج من الجامعة والطاقيّة ذات الشرشوبة الجميلة، وفي محاولة مني لمداعبة أبي، حلمت أن ألبسه الطاقية، بعد أن حُرم منها نتيجة الفقر والُيتم المُبكر، ولكن حلمي تدحرج مع دحرجات أنفاس أبي، وأصبحتُ أشبهه في اليُتم المبكر، حلم تحطّم ولا مجال لإحيائه؛ لأن شخوصه رحلوا.
هذا الحلم الذي قُتل فيّ منذ صغري، قتل فيّ أحلاماً كثيرة وأحيا أخرى، ولكنه ترك أثراً كبيراً ما زال يلاحقني، أثر الخوف من كل حلم وكل واقع، أثر الخوف من انكسارات في قلبي تورث عقلي انكساراً أعمق، أثر الخوف من أن أوقف الحلم أو لا أسعى جاهدة إلى تحقيقه، فماذا عن أحلامكم؟
كلنا نعلم أن أقدار الله نافذة فينا كيفما شئنا وأردنا، وعلينا تقبُّلها على أي حال كانت، ولكني كتبتُ لأدعوك أيها القارئ مجدداً إلى أن توطِّن نفسك على تقبُّل انهزام حلمك، وعلى إمكانية أن يهزمك الواقع أيضاً، ولأن تكون قادراً على تقبل الهزيمة بروح رياضية، ومواصلة الحلم وعدم الكفر بالأحلام أو الأقدار أو الواقع، إن لم يكن على قدر تحقيق حلمك أو إرادتك في تحقيق الحلم، فتوطين النفس على الانهزام يجب أن يسبق توطين أنفسنا على الحلم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.