في حوار تلفزيوني بثته قناة سي إن إن ترك، قالت سيدة قُدمت على أنها عضو سابق في حركة "غولن" التي تتهمها تركيا بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة، "إن الجماعة تعتمد تقنيات ووسائل كثيرة لاستدراج الفتيات إلى صفوفها".
وأضافت السيدة التي فضلت، حسب مقدمة البرنامج، عدم إظهار وجهها للكاميرا؛ حفاظاً على سرية هويتها، أن للمرأة دوراً أساسياً ومهم في التنظيم الذي تصفه تركيا بـ"الإرهابي" بعد المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد ليلة الـ15 من يوليو/تموز 2016.
وأفادت ضيفة القناة، واسمها عائشة، في روايتها الخاصة التي لم يتمكن "عربي بوست" من التأكد منها، أنها قضت 4 سنوات داخل جماعة غولن، بين عامي 2009 حتى 2013، السنة التي انسحبت منها.
كيف تستقطب الجماعة؟
وأصبحت عائشة فرداً في التنظيم عن طريق دخولها سكناً جامعياً تابعاً لجماعة غولن بسبب الظروف الجيدة التي كانت توفرها تلك المساكن بالمقارنة مع غيرها من مساكن الطلاب الحكومية.
واللافت للنظر حسب عائشة هو شروط التسجيل لدى هذه المساكن، حيث يمنع منعاً باتاً قراءة أي كتاب عدا كتب فتح الله غولن، كما كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ممنوعاً تماماً، أما بالنسبة للتلفاز والجرائد فكان جميع الطلاب يفرض عليهم مشاهدة قناتي "سامان يولو" و"بوغون" فقط، وقراءة صحيفة "زمان" ومجلة " سيزينطي" وهي جميعها تابعة لجماعة فتح الله غولن.
وكان يتم تقسيم الفتيات في جميع المساكن التابعة للجماعة إلى مجموعات صغيرة على رأس كل منها "أخت كبرى" أو abla وهناك "أخت كبرى" مسؤولة عن المنطقة، و"أخت كبرى" مسؤولة عن كل مدينة.
وتضيف الفتاة أن هناك "أختاً كبرى" مسؤولة عن المعلمات، وأخرى مسؤولة عن الطبيبات من الجماعة، وأخوات يتبوأن مناصب دبلوماسية وأمنية وهن غير معروفات، "كما يشترط أن يكن من غير المحجبات".
تمجيد "الزعيم"
وأكدت عائشة في حديثها أن المبدأ الأساسي في التربية في تلك المنازل والمساكن التابعة لغولن قائم على "تمجيد وتقديس شخصيته، وأن الفتيات هناك يتعرضن لعملية غسيل دماغ إلى درجة عدم القدرة على التفريق ما بين الصحيح والخيالي فيما يتعلق بشخص فتح الله غولن".
وأشارت إلى أن الجميع كان يجبر على الاستماع لخطبه ونصائحه فقط، "ويتم تقييم الفتيات هناك حسب تأثرهن بفكر غولن وخطبه، وأي فتاة تنجح في استدراج فتيات أخريات لداخل الجماعة تحصل على هدية عبارة عن ساعة عليها اسم فتح الله غولن أو غطاء رأس قرأ عليه الرجل وباركه"، وهي هدايا تسعى لها الفتيات بشدة حسب تعبيرها.
ونبهت عائشة إلى أن "التعليمات المتعلقة بجمع التبرعات للجماعة وغيرها كانت تأتي من أميركا مباشرة" (أي من فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا).
كيف خرجت من الجماعة؟
أما عن ظروف خروجها من جماعة غولن فتقول إن أحداث ما يطلق عليه في تركيا "انقلاب ديسمبر" من العام 2013 كانت النقطة الفاصلة بالنسبة لها، حيث ظهر وقتها تنظيم غولن على السطح وأصدر مدع عام خاص قرار اعتقال 96 شخصية سياسية ورجال أعمال من بينهم نجل الرئيس التركي بلال بتهم الفساد.
وأضافت عائشة أن "وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت محرمة وقتها جاء أمر مباشر في الجماعة باستخدامها، وفُرض على جميع الفتيات إنشاء حسابات وهمية على تويتر تهاجم من خلالها الحكومة".
وأكدت عائشة حسب مشاهداتها خلال تلك الفترة أن الجماعة "تعمل ما بوسعها لاستدراج الفتيات والفتيان إلى مساكنها ومدارسها ولقاءاتها عن طريق توفير إمكانيات دراسية وتعليمية أفضل من الدولة، لتبدأ بعدها فترة زرع فكر غولن وتقديس شخصه والإنصات له فقط دون غيره من العلماء".
وكانت الحكومة التركية قد بدأت عمليات اعتقالات وتحقيقات وتوقيفات موسعة شملت عشرات الآلاف من أتباع جماعة فتح الله غولن، وذلك عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي.
وتعتبر الحكومة التركية إلى جانب الأحزاب المعارضة فتح الله غولن المسؤول الأول عن التخطيط لمحاولة الانقلاب. وقد شملت الاعتقالات والتحقيقات عشرات "الأخوات" و"الإخوة" من الجماعة.