يجلس الطفل السوري عمران ذو السنوات الأربع داخل سيارة إسعاف مغطى بالغبار والدماء تسيل من وجهه، قبل أن يحدق مذهولاً في عدسة المصور محمود رسلان، بعد دقائق على إنقاذه من غارة استهدفت منزله في مدينة حلب.
ويقول رسلان (27 عاماً): "التقطت العديد من صور الأطفال القتلى أو الجرحى جراء الغارات اليومية" التي تستهدف الأحياء تحت سيطرة الفصائل في حلب.
ويضيف: "في العادة يفقدون وعيهم أو يصرخون لكن عمران كان يجلس صامتاً. يحدق مذهولاً كما لو أنه لم يفهم أبداً ما حل به".
وغزت الصورة التي توثق هذه اللحظة المأساوية مواقع التواصل الاجتماعي الخميس، الى جانب مقاطع فيديو نشرها مركز حلب الإعلامي الموالي للمعارضة، تظهر عمران وهو يجلس على مقعد داخل سيارة إسعاف. الغبار يغطي جسده والدماء على وجهه. يبدو مذهولاً ولا ينطق بكلمة. يمسح الدماء عن جبينه بيده الصغيرة ثم يعاينها بهدوء ويمسحها بالمقعد من دون أن يبدي أي ردّة فعل.
فيديو مؤثر ومعبّر لنظرات طفل سوري جلس صامتاً ينظر لدمهّ وهو ينزف من رأسه عقب خروجه من تحت الأنقاض تهزّ العالم! #حلب pic.twitter.com/eRnmfnKjCV
— يوتيوب السعودية (@videoksa) ١٨ أغسطس، ٢٠١٦
ويعتبر رسلان أن الطفل "يلخص معاناة الأطفال في حلب الذين يتعرضون يومياً للقصف حتى وهم داخل منازلهم".
وكان المصور الفوتوغرافي قريباً من حي القاطرجي، حيث يقطن عمران مع عائلته في الطابق الأول من أحد المباني، حين تعرض لغارة جوية.
وتتعرض الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل في حلب لغارات جوية أدت الى بمقتل المئات منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام. وترد الفصائل بقصف الأحياء الغربية بالقذائف موقعة عدداً كبيراً من القتلى.
ويوضح المصور: "كانت الساعة قرابة السابعة والربع (16:15 ت غ) حين سمعت دويّ غارة وتوجهت فوراً الى مكان القصف"، مضيفاً: "كان الظلام قد حل لكنني رأيت مبنى تدمر بالكامل وقربه مبنى آخر مدمر جزئياً"، في إشارة الى المبنى حيث منزل عائلة عمران.
ويروي: "كان علينا تخطي 3 جثث مع مسعفي الدفاع المدني قبل دخول المبنى أردنا الصعود الى الطابق الأول لكن الدرج انهار تماماً".
وإزاء ذلك، اضطروا للتوجه الى مبنى ملاصق "وسحب أفراد عائلة عمران الواحد تلو الآخر من شرفة لشرفة".
انتشل المسعفون في بادئ الأمر عمران ثم شقيقه (5 سنوات) وشقيقتيه (8 و11 عاماً) وبعدها الأب والأم وجميعهم أحياء.
ويتابع رسلان الذي يظهر وهو يلتقط الصور في شريط فيديو مركز حلب الإعلامي: "عندما وضعوا عمران داخل سيارة الإسعاف، كانت الإنارة جيدة واستطعت التقاط الصور".
ويوضح أن الطفل كان "تحت هول الصدمة لأن حائط الغرفة انهار عليه وعلى عائلته"، لافتاً الى أن والده وبعد إنقاذه رفض التقاط الصور أو الكشف عن شهرة العائلة.
أمام اطفال سوريا خياران: اذا بقوا في سوريا سيكونون عرضة للقصف، واذا هاجروا سيموتون غرقاً pic.twitter.com/i9Jbu281c2
— فيصل القاسم (@kasimf) ١٨ أغسطس، ٢٠١٦
وبحسب رسلان، فإن "هذا الطفل كما سائر أطفال سوريا هم رمز للبراءة ولا علاقة لهم بالحرب".
وتعيد صورة عمران الى الأذهان لناحية رمزيتها صورة الطفل إيلان الكردي اللاجئ السوري ذي الأعوام الثلاثة، الذي جرفته المياه بعد غرقه الى أحد الشواطئ التركية في سبتمبر/أيلول الماضي. وتحولت صورته رمزاً لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه أوروبا.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً بدأ في مارس/آذار 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقاً الى نزاع متشعب الأطراف، أسفر عن مقتل أكثر من 290 ألف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.