هو أشهر من نار على علم في بريطانيا، عرف بخطاب الكراهية الذي يبثه وبدعمه لـ"الجهاد" المتطرف كما اشتهر بتزعمه مظاهرة احتجاج في ذكرى 11 سبتمبر/أيلول أمام السفارة الأميركية أحرق فيها المتظاهرون الأعلام وأضرموا فيها النيران. إنه أنجم تشودري الذي أدين أخيراً بتهمة تجنيد المقاتلين لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" ( داعش).
تقرير نشره موقع سي إن إن الأميركي، الثلاثاء 16 أغسطس/آب 2016، ذكر أنه على مدار 20 عاماً أحاط الجدل والضجيج الإعلامي بتشودري البالغ من العمر 49 سنة، بتحديه للقانون ودعمه للتطرف لكن مع غياب أي دليل دامغ يثبت عليه تهمة الحض على العنف.
في عام 2014 انضم إلى تنظيم داعش وبايع زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ما جعل أضواء الرقابة تسلط عليه ويتم اعتقاله.
وتقول السلطات البريطانية أنها تمكنت من العثور على صلته بمعارك العراق وسوريا، ورغم أن شرطة المملكة المتحدة أن تقول أنها لا تستطيع الجزم تحديداً كم من المقاتلين البريطانيين الـ850 الذين غادروا البلاد للانضمام إلى التنظيم كانوا تأثروا بتشودري مباشرة، إلا أن الشرطة تقول أنه شخص "رئيسي" في عمليات تجنيد داعش.
يقول دين هايدون من قيادة مكافحة الإرهاب بشرطة لندن وما حولها "لقد تمكن هؤلاء من التستر بالقانون وبحمايته بضع سنوات، لكن ما من أحد من بين كل العاملين في مكافحة الإرهاب لديه أدنى شك بنفوذهم وبالكراهية التي يبثونها وبأعداد الناس الذين حضوهم على الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية."
مبايعة داعش
رغم كل مجاهرته بدعم التنظيم، إلا أن تشودري كان دوماً يصر على أنه ليس مصدر خطر للشعب البريطاني.
ففي حديث إلى الـ سي إن إن عام 2014 كان قد قال "لست أمثل خطراً لأي شخص في البلاد. لكنني قطعاً أمثل تهديداً إيديولوجياً وسياسياً."
غير أن السلطات البريطانية وجدت لتشودري يداً في انزلاق العديد من البريطانيين إلى فخ التطرف والإرهاب، منهم من مَثُلَ للمحاكمة في بريطانيا خلال الأعوام الـ15 الماضية.
كما أشار موقع فيرست بوست الهندي الناطق بالإنكليزية إلى تورطه في 15 مخططاً إرهابياً منذ عام 2000 وأنه حض على اغتيال بابا الفاتيكان في إحدى المرات، حسبما نقل الموقع.
وتزعم تشودري فيما مضى جمعية المحامين المسلمين وأسس منظمة Islam4UK التي حظرت فيما بعد. كذلك تتلمذ تشودري على يد عمر بكري محمد الإسلامي المتطرف قائد مجموعة "حزب التحرير" والذي أسس معه لاحقاً منظمة "المهاجرون" السلفية الوهابية، حيث مضى الاثنان في إلقاء المحاضرات وعقد اللقاءات والاجتماعات المفتوحة لبث أفكار المجموعة، حسب موقع فيرست بوست.
لاحقاً منع بكري من دخول المملكة المتحدة على خلفية ارتباطه بالقاعدة، في قرار استاء منه تشودري ووصفه أنه "لا يفيد المصلحة العامة".
كما ذكر موقع فيرست بوست أنه كان المتحدث باسم مجموعة "الغرباء" التي هي فرع عن تنظيم "المهاجرون" والتي حظرها وزير داخلية بريطانيا. أما عن مجموعته الأخرى Islam4UK فكانت أيضاً فرعاً عن "المهاجرون" وكان تهدف إلى استبدال القانون البريطاني الذي هو من صنع الإنسان بتطبيق الشريعة الإسلامية ومنح القوة والسلطة للشريعة.
أضحوكة أم إرهابي
مسلمو بريطانيا كانوا يتندرون بتشودري الذي يعتبرونه سفيهاً وأضحوكة، بيد أن المعروف هو علاقته بالإرهابيين.
ظهرت صورة تشودري في احتجاج مع مايكل آديبولاجو الذي أدين بتهمة قتل الجندي البريطاني لي ريغبي؛ كذلك لتشودري علاقة بسيدهارتا دار الذي تشتبه السلطات في كونه بديل الجهادي جون في دور جلاد داعش.
لكن تشودري لم يغادر المملكة المتحدة إلى سوريا للجهاد، بل ظل في بريطانيا حيث ولد ونشأ، ليضطلع بدور وكيل داعش هناك الذي يحض على التطرف الإسلامي وعلى دعم التنظيم الإرهابي.
يقول "أحياناً تكون الدعاية الإعلامية وجهاد الكلمة أقوى من جهاد السيف."
محكمة أولد بايلي اللندنية وجدته وشريكه محمد ميزانور رحمن (33 عاماً) مذنباً بتهمة "الحض على دعم تنظيم محظور"، وهو ما أنكره تشودري.
وحسب قانون الإرهاب البريطاني قد تمتد فترة سجنه لـ10 أعوام، وسينطق بالحكم عليه وعلى رحمن في الـ6 من سبتمبر/أيلول 2016.
من هو أنجم تشودري؟
ولد عام 1967 في ويلينغ بمقاطعة كينت الإنكليزية. والده تاجر من أصل باكستاني. بدأ دراسته الجامعية في كلية سانت بارثولوميو للطب، بيد أنه توقف بعد عام ليتحول إلى دراسة القانون في جامعة غيلدفورد بمقاطعة سري ثم عمل مدرساً للغة الإنكليزية قبل أن يشتغل بالمحاماة.
قبل تطرفه كان أنجم يعرف باسم "آندي" وكان مولعاً بالحفلات الصاخبة ومعاقرة الخمر وتناول المخدرات والمهلوسات، كما ربطته علاقات جنسية كثيرة في جامعة ساوثامبتون.
الحشيش
ونقلت فيرست بوست على صحيفة ذا صن البريطانية قول أحد أصدقائه القدامى عنه "في فترة معرفتي به كان يحب أن ينادى باسم آندي، وكان يحب تدخين الحشيش طوال النهار ويفاخر بقدرته على تجرع قارورة كاملة من الجعة في ثانيتين. أما مع البنات فكان بلا رحمة. يستدرج إحداهن كل بضعة أيام ليضاجعها ثم ينتقل إلى أخرى." حسب التقرير .
وقد اعترف نشودري بأنه كان يهوى الحفلات الصاخبة والمجون قائلاً "أعترف أني لم أكن دوماً أمارس الدين، وقد اقترفت الكثير من الآثام في حياتي."
عام 1996 تزوج من روبانا أختر وأنجب منها 5 أطفال. وتقول التقارير بحسب فيرست بوست أنها تتزعم الجناح النسائي من مجموعة المهاجرون المحظورة وأنها هي من شجع تشودري على مبايعة خليفة الدولة الإسلامية. وصفها خبراء الإرهاب بأنها متطرفة "خطيرة" كان لها دور في تجنيد 100 امرأة لصالح داعش منذ عام 2014.
الشريعة ستصل إلى أميركا
يقول تشودري لـ سي إن إن "أعتقد أن الشريعة أفضل طريقة للحياة وأنها يوماً ما ستصل إلى أميركا وإلى بقية العالم." وفي حال حصل ذلك "فبالطبع ستمنع الخمور والمخدرات والصور الخلاعية والمقامرة."
كما قال لـ سي إن إن في ديسمبر/كانون الأول عام 2015 حينما كان قد أخرج من السجن بكفالة "أدعو إلى الجهاد في كل مكان من العالم، لكن تختلف الطريقة التي يتجلى بها ذلك. من هنا نستطيع دعم المسلمين في العالم. المسلمون يقاتلون في أماكن أخرى."
كما قال في مقابلة سابقة "الشهادة أفضل طريقة للموت. أتمنى أن أموت دفاعاً عن نفسي وعن قومي، لكن الموت بالطبع بيد الله وأعمارنا ستنتهي حينما يأتي أمره."
وعن عدم ذهابه إلى سوريا شخصياً ، قال "لقد أخذ مني جواز سفري، لكنني لأستمر في الجهاد حيثما أكون."
داعش هي الجنة
يقول عنها تشودري في لقائه على سي إن إن الذي أجرته معه نعمة الباقر في ديسمبر/كانون الأول 2015 حينما خرج من السجن بكفالة ريثما ينتظر محاكمته "هناك السلام حيث لا فساد ولا رشاوى ولا ربا ولا خمر أو قمار؛ لا توجد هناك أي من الرذائل التي اعتدتموها في أميركا وغيرها من بقاع العالم. أؤمن أن أبا بكر البغدادي –حفظه الله- قد جلب فجر عهد جديد." حسب تعبيره
و قال في لقائه "لا وجود لإسلام "متطرف" وآخر "معتدل"، فالمرأة إما حبلى وإما لا. من يتبع الإسلام يطبق القرآن وسنة الرسول."
كذلك صرح في حديثه ذاك أن أعمالاً إرهابية مثل 11 سبتمبر/أيلول في أميركا و 7 يوليو/تموز في بريطانيا و 7 مارس/آذار في مدريد، جميعها لها مبررات ومسوغات شرعية في نظره، زاعماً أن مقاتلي القاعدة وداعش يتبعون تعاليم الإسلام ويطبقونها، وهو زعمٌ فنده ودحضه العلماء المسلمون الوسطيون المعتدلون.
و قال في لقائه "يقول القرآن "ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" ، زاعماً أن الرسول نفسه أرسل العديدين لتنفيذ اغتيالات للآخرين."
أما غداة مذبحة شارلي إيبدو في باريس فقد قال أن رسامي الكاريكاتير الذين لقوا حتفهم قد استحقوا ما أصابهم حينما افتروا على الرسول ودنسوا صورته، فقال "أرى أن لكل سبب نتيجة، وأني إذا أردت أن أندد فعلي أن أندد بسبب الاستفزاز. لا يسعني أن أندد بالقتلة فم يطبقون أمراً شرعياً يتبعونه."
آراؤه المثيرة للجدل وتطرفه ظهرا أمام الرأي العام بوضوح عندما التقاه على شاشة بي بي سي البريطانية السياسي والمؤلف والناشط البريطاني الذي كان إسلامياً، ماجد نواز، حيث دار اللقاء عن معنى أن يكون المرء مسلماً، فظهرت آراؤه الصادمة جلية أمام الرأي العام لتصبح حديث الصحافة.
داعشي حتى النخاع
يصر تشودري على المجاهرة بدعم داعش فيقول "أنا فخور وسعيد بنشر بذور الإسلام في قلوب وعقول المسلمين اليافعين، حيث لا خطأ في ذلك. أحب الله ورسوله والشريعة والخليفة وحتى الجهاد، فهو جزء لا يتجزأ من الإسلام مهما شيطنه الناس."
ويزعم تشودري على حد رواية فيرست بوست أن ثمة حديثاً عن الرسول يحض فيه على قتل كل من يهين الرسول.
-هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع CNN الأميركي . للاطلاع على المادة الأصلية ، اضغط هنا.